حملة ليبرمان .... غايات ..... والمطلوب فلسطينيا

بقلم: يوسف صافي


فقط قبل أن يجف الحبر عن الرسالة التي بعث بها "افيغدور ليبرمان" وزير خارجية إسرائيل إلى الأمين العام للأمم المتحدة ووزراء خارجية الرباعية والاتحاد الاوروبى والتي اتهم فيها الأخ الرئيس أبو مازن بممارسة الإرهاب السياسي، ودعا فيها إلى تنحية رئيس السلطة الفلسطينية الرئيس محمود عباس باعتباره عقبة على طريق السلام من خلال الدعوة لإجراء انتخابات في السلطة الفلسطينية، فها هو "ليبرمان"، وحسب مقابلة مع صحيفة "هارتس"، يواصل حملته التحريضية على السيد الرئيس حين طالب الحكومة الإسرائيلية "أن تتخذ قرارا بتوجيه إنذار إلى الرئيس يقضى بأنه إذا لم يعد إلى طاولة المفاوضات وواصل المضي قدما في الخطوة أحادية الجانب في الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية فستكف إسرائيل عن أن ترى فيه شريكا شرعيا في الاتصالات السياسية"، وها هو "ليبرمان" أيضا يدعو إلى قتل الأسرى وفرض مزيد من العقوبات عليهم فى تشريع واضح بقتلهم وتحريض على انتهاك كافة حقوقهم وكرامتهم الإنسانية.

باختصار شديد نحن أمام حملة تحريضية ممنهجة غير مسبوقة على القيادة الفلسطينية والرئيس أبو مازن تقوم بها الحكومة الإسرائيلية ومن خلال شخص وزير الخارجية "ليبرمان" وهى تسعى لتحقيق العديد من الغايات من أبرزها:
• الضغط على السيد الرئيس والقيادة الفلسطينية لثنيهما عن التوجه للجمعية العمومية للأمم المتحدة لطلب الاعتراف بفلسطين في حدود 67 كدولة مراقبه، إذ أن مثل هذا الاعتراف لو حدث سيسمح لفلسطين بالنتيجة الانضمام كعضو في ميثاق محكمة الجنايات الدولية في لاهاي وما يعنيه هذا من قدرة فلسطين على رفع الدعاوى على إسرائيل جراء ارتكابها جرائم حرب في الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما تخشاه إسرائيل اشد خشية.
• حجب رؤية المجتمع الدولي حول ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من فرض حقائق على الأراضي الفلسطينية بما يعطل أو يلغى إلى الأبد حل الدولتين من حيث استمرار سياسة التوسع والاستيطان في الاراضى الفلسطينية المحتلة وعلى رأسها القدس الشريف ناهيك عن تهويد القدس، وشرعنة الاستيطان، ففي ظل حملة "ليبرمان"، يقوم "بنيامين نتينياهو" رئيس الوزراء الاسرائيلى بزيارة لمستوطنة "افرات" ويؤكد لطلابها على أن التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون ومستوطنة افرات" جنوب بيت لحم سيبقى جزءا من إسرائيل وأنها البوابة الجنوبية للقدس الكبرى التى تمتد من مستوطنة "معاليه ادوميم" شرقا حتى قرية "الولجة" غربا، ومن حاجز قلنديا شمالا حتى مستوطنات "عتصيون وافرات" جنوبا، بل انه اتخذ قرارا بضم هذا التجمع الاستيطاني إلى نطاق بلدية القدس.
• التغطية على وشرعنة جرائم قطعان المستوطنين المتصاعدة بحق المواطنين الفلسطينية وممتلكاتهم والتي تأتى بحماية كاملة من جيش الاحتلال وبضوء اخضر من الحكومة الإسرائيلية من حيث القيام بعمليات قتل المواطنين والتي كان آخرها قتل الطفل الفلسطيني "جمال الجولاني" في القدس على يد مجموعة كبيرة من الأطفال الإسرائيليين، وإلقاء زجاجات مولوتوف على السيارات الفلسطينية وإحراقها وثقب إطاراتها، وإحراق المساجد وقطع أشجار الزيتون والمحاصيل، ونهب الممتلكات واقتحام المنازل، ناهيك عن كتابة الشعارات العنصرية على الجدران دون تقديم اى من المستوطنين للمحاكمة، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي الانسانى وتنكر واضح لعملية السلام من قبل صانعي القرار السياسي في إسرائيل.
• تحميل الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية مسئولية تعطيل عملية السلام، وبالتالي إعفائهم من المسئولية تجاه كل ممارساتهم التي ساهمت في تعطيل عملية السلام بل وأدها في مهدها في تدمير ممنهج لخيار حل الدولتين واستبدال منهج المفاوضات والسلام بمنهج الحقائق والامتلاءات.
• تنصل الحكومة الإسرائيلية لمتطلبات واستحقاقات ما تبقى من عملية السلام، ورفضها لاى حل تفاوضي أو حتى إمكانية العودة لأية عملية تفاوضية ذات مصداقية يمكن أن تؤدى إلى إنهاء الاحتلال للاراضى الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، في رسالة تحد صارخ لكافة قرارات الشرعية الدولية التي تقر بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطنيى.
• تهيئة الرأي العام العالمي لما قد تتخذه الحكومة الاسرائيلة من خطوات عملية عدوانية ضد السلطة الوطنية وضد رأس الشرعية الفلسطينية الرئيس أبو مازن، بما فيها التشكيك في التمثيل الفلسطيني، أو التخلص من السيد الرئيس أبو مازن كقائد للشعب الفلسطيني، أو استهداف حياته، أو فرض قيادة سياسية وبرنامج سياسي جديدين على المقاسات الإسرائيلية بما يمكن من الإجهاز على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية الثابتة.
• حث الرباعية الدولية وتحديدا أمريكا على وقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية وتقليص العلاقات الدبلوماسية معها بهدف تقويض أركان السلطة الفلسطينية وما قد تم انجازه على صعيد بناء مؤسسات الدولة، وهو ما اكده عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الأخ "واصل أبو يوسف" حين كشف النقاب عن ان "الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل هددتا بشكل رسمي القيادة الفلسطينية بقطع المساعدة المقدمة للسلطة الفلسطينية فى حال توجهت القيادة الى الأمم المتحدة لنيل عضوية الدولة الفلسطينية في المنظمة الدولية، وان أمريكا أرسلت رسالة تهديد للقيادة الفلسطينية تحمل فى طياتها تهددين: الأول حجب المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية، والثاني إعادة النظر في العلاقة الدبلوماسية بين السلطة وأمريكا".
• زعزعة إرادة الشعب الفلسطيني وثنيه عن مواصلة مسيرة الثبات والتطوير والبناء على طريق إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
• تقليص ثقة الجمهور الفلسطيني بمؤسسات السلطة الفلسطينية فيما يخص قيامها بالتنسيق مع الجانب الاسرائيلى لمعالجة قضايا المواطنين الفلسطينيين وهو ما وجد صداه عندما قام مكتب منسق شئون المناطق في الحكومة الإسرائيلية ومكاتبه الفرعية "مكاتب الإدارة المدنية"، وفى خطوة غير مسبوقة منذ انتفاضة الأقصى في العام 2000، بإصدار عدد ضخم من تصاريح الدخول لإسرائيل دون الرجوع إلى الشئون المدنية فى السلطة الفلسطينية التي تشكل حلقة الوصل بين السلطة الوطنية وإسرائيل والتعامل المباشر مع المواطنين الفلسطينيين لمعالجة قضاياهم دون الرجوع لمؤسسات السلطة كما هو معتاد، الأمر الذي ينذر بتدمير أركان السلطة الفلسطينية.
اعتقد جازما بأن حملة "ليبرمان" التحريضية تجاه القيادة الفلسطينية والرئيس أبو مازن ليست موقفا طارئا ولا عشوائيا ولا مؤقتا، وهو ما يحتم مواجهتها بطريقة علمية ومنهجية، وعليه فالمطلوب فلسطينيا وبشكل عاجل:
• إنهاء كل مظاهر الانقسام الفلسطيني وتطبيق المبادرة المصرية بشكل دقيق وأمين وبشكل محدد تشكيل حكومة الكفاءات وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني ليقوم الشعب الفلسطيني باختيار قيادة واحدة موحدة للشعب الفلسطينى بحرية ونزاهة لتقوم بوضع الاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق أهدافنا الوطنية في الحرية والاستقلال.
• تمسك القيادة الفلسطيني وبشكل اقوي بالثوابت الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
• ضرورة تمسك القيادة الفلسطينية بعدم العودة إلى المفاوضات مع الجانب الاسرائيلى إلا بعد الموافقة الرسمية من على خيار حل الدولتين ووقف الاستيطان في كافة الاراضى الفلسطينية وخاصة فى مدينة القدس المحتلة.
• ضرورة تمسك القيادة بالتوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على عضوية دولة غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة كآلية تؤسس لتحصين عملية السلام وتحافظ على خيار حل الدولتين باعتباره مصلحة مشتركة للشعبين الفلسطيني والاسرائيلى، كما قال السيد الرئيس خلال لقائه وفد حزب ميرتس، في ظل استمرار سياسة فرض الحقائق على الأرض من استيطان وتوسع على حساب الأرض الفلسطينية
• ضرورة وقوف جميع الفصائل الفلسطينية صفا واحدا للتصدي لهذه الحملة التحريضية ضد القيادة الفلسطينية والرئيس أبو مازن على المستوى الدولي ثقافيا، وسياسيا، وإعلاميا، وقانونيا، ودعوة المجتمع الدولي للرد عليها بقوة وممارسة كل أشكال الضغط على الحكومة الإسرائيلية للجم هذه الحملة الممنهجة وما تعنيه من تعطيل واضح وصريح لما تبقى من عملية السلام.
• تحميل الحكومة الإسرائيلية مجتمعة مسئولية هذه الحملة التحريضية ومساءلتها من قبل المجتمع الدولي لتهديدها حياة الرئيس وتدخلها السافر في الشئون الداخلية لشعبنا الفلسطينية ومحاولتها فرض قيادات تنسجم مع سياسات الاحتلال الإسرائيلية,
• حث الدول العربية على الوفاء بتعهداتها والتزاماتها من حيث إنشاء شبكة أمان عربية تمد السلطة باحتياجاتها المالية في حال قطعت أو لم تقطع إسرائيل العائدات الجمركية.

بقلم: د. يوسف صافى
مدير مركز هدف لحقوق الإنسان

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت