المشبه به هو الرئيس المصري أنور السادات، صاحب اتفاقية "كامب ديفيد" المشئومة، التي طالب ثوار مصر بإلغائها، والمشبه هو محمود عباس، صاحب اتفاقية "أوسلو" سيئة الصيت، والتي يصرخ الفلسطينيون من ويلاتها، أما أوجه الشبه بين الرجلين فلا تقتصر على توقيع الرجلين على الاتفاقيات طويلة الأمد مع الصهاينة، والتحول في التعامل مع يهود إسرائيل من أعداء إلى جيران، ومن ثم إلى عقد اللقاءات الهادفة، إلى نسج العلاقات المميزة التي ربطت كل من أنور السادات ومحمود عباس بأبناء عمومتهم الإسرائيليين، كما هم يدعون.
وإن وجه الشبه بين الرجلين لا يقتصر على الاعتراف بإسرائيل، والإصرار على أنها وجدت كي تبقى، وأن زوالها في حكم المستحيل، وإن أرض إسرائيل هي إرث ديني لليهود، ولا يقتصر وجه الشبه بين الرجلين في أنهما وضعا 99% من أوراق الصراع العربي الإسرائيلي في يد أمريكا، وسلموا لها مفاتيح البلاد في كل المجالات مقابل تلقي مساعدات مالية.
الأخطر من كل ما سبق، أن الرجلين قد اجتهدا بكل قوة من أجل تنظيف الذاكرة العربية من فكرة المقاومة، واعتبرا منازلة العدو الإسرائيلي من المستحيلات، ولم يفكرا في احترام السلاح، رغم الإصرار الإسرائيلي على مواصلة التسلح، فقد استسلم الرجلان بالكامل لإسرائيل، واعترفا علانية بأن لا طاقة للعرب في مواجهتها، حتى صار الانهزام لإسرائيل ثقافة، وصار الحديث عن الحرب من الكبائر، بل أكثر أنور السادات من ترديد مقولة: لا حرب بعد اليوم! وردد في كل مناسبة مقولة: إن حرب 1973 هي آخر الحروب مع إسرائيل، وإن الرخاء والخير سيفيض على المصريين مجرد التوقيع على اتفاقية السلام مع إسرائيل. وهذا ما دأب عليه محمود عباس الذي حلم مع نبيل شعث "بسنغافورا" وراح يكرر في كل مناسبة، خيارنا الوحيد هو المفاوضات مع إسرائيل، ولن أسمح لفلسطيني بإطلاق النار على الإسرائيليين، ولطالما كرر عباس مقولة: لن أسمح لحملة البنادق بتدمير مشروعنا.
لقد حارب أنور السادات المقاومة، وتقييد بالاتفاق بعد أن قيد طاقة الجيش المصري البطل، وأطلق يد الإسرائيليين العسكرية تبطش في المنطقة، وحارب محمود عباس المقاومة، وقيد نفسه باتفاقية أوسلو، وقام بسجن المقاومين، وأطلق يد المستوطنين تزرع الأرض العربية باليهود، وتهود مدينة القدس، وأغمض عينه عن يد المخابرات الإسرائيلية التي راحت تفتك بالمواطن الفلسطيني كيفما ينطلق الرصاص.
رغم أوجه الشبه المتعددة بين الرجلين، والتي تحتاج إلى بحث موسع، وإلى دراسة مستفيضة، إلا أن هنالك فوارق لا يمكن أن يغفلها متابع للأحداث، ومنها:
أن أنور السادات رفض أن يترك سنتيمتر واحد من أرض سيناء تحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، بينما محمود عباس وافق على التخلي عن نسب معينة من أراضي الضفة الغربية، ومن المقدسات الإسلامية لليهود.
أن أنور السادات فاوض لمدة زمنية لا تتجاوز سنتين، وتوصل لاتفاق ملزم، انسحب بموجبه الإسرائيليون من كل أراضي سيناء المصرية، بينما محمود عباس لما يزل يفاوض منذ عشرين سنة حتى اليوم، ولما يزل الإسرائيليون يسيطرون على الضفة الغربية بالكامل.
أن أنور السادات قد اتهم بالخيانة من قبل غالبية الشعب المصري، وتمت تصفيته بأيدي رجال مصر، بعد التوقيع على اتفاقية "كامب ديفيد" بزمن قصير، بينما محمود عباس ما زال رئيساً، وما زال هنالك بعض الفلسطينيين يهتفون أمام البنوك، مع تسلم قسمة الراتب مطلع كل شهر، مازالوا يهتفون: بالروح بالدم نفيدك يا عباس.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت