عـمــو يـاســر وصـل لقمـة عـدم الإنحيـاز

بقلم: رمزي صادق شاهين


في آخر الزمان تطل علينا العجائب ، تلك التي لا يزال البعض مصراً على تصديقها ، برغم أنها خرافة ومجرد أوهام وأحلام ، ففي زمن النكبات التي نعيشها هناك أيضاً العجائب التي لا تُعد ولا تحصى ، منها انتشار الإعلام التافهة ، والإعلام المشبوه ، والإعلام التجاري ، وإعلام الأشخاص ، إضافة إلى موضة السياسيين والمحليين وأصحاب الفتاوى والتصريحات والتحليلات .

وهنا لابد الإشارة إلى أن حالة الإنقسام والنكبة السياسية التي نعيشها ، هي من أهم العوامل التي ساعدت في انتشار هذه الظواهر ، وللأسف الشديد فإن البعض لازال يؤمن بها وكأنها ستعود بالفائدة على شعبنا ومستقبله ، في حين أننا نتناسى أن المزيد من التشتت والتشرذم يؤدي للهلاك والضياع ، وعدم وجود قوانين وضوابط تُحدد مسار حياتنا يجعلنا نعيش في غابة القوى يأكل فيها الضعيف .

قصة عمو ياسر صارت أشبه بقصة أخونا توفيق عكاشة ، ذلك الإعلامي المصري الذي أصبح اليوم يُعرف بإسم ( جحا مصر ) لأنه يخرج على الإعلام بدون أي هدف .. المهم أن يظهر ويتحدث ، يتدخل في كُل شيئ .. في السياسة والأدب والأمن والمصالح العليا ، وعند الجد يهرب من المسؤولية وتُصبح أحاديثه مجرد دردشة إعلامية ليست مبنية على وثائق وحقائق .

عمو ياسر واحد من الناس ، جرب العمل في التجارة فوجد أنها غير مُربحة على المستوى الطموحي له ، فقرر أن يدخل السياسة ، فكانت بوابة الإنقسام هي طريقه نحو الشهرة ، فأصبح يأتينا يومياً بخبر ، برغم أنها أخبار تتناقلها وسائل الإعلام ، إلا أنه يعيد ذكرها ... المهم أن يظهر على الإعلام ويقول يا جماعة أنا موجود ، وها أنا أقرر عن الشعب الفلسطيني ومفاتيح الحل بيدي .

وبرغم فشل عمو ياسر في إقناع أصغر طفل في غزة بأنه جزء من الحالة السياسية ، إلا أنه مُصر على الاستمرار في مشروع استغفال الناس ، وكأن غزة قارة كبيرة لا يعرف الناس بعضهم فيها ، ولأن الفشل هو العنوان الأكبر ، فيقوم العم ياسر تارة بتوزيع المساعدات ، وتارة عقد اجتماعات يدعو فيها المخاتير والوجهاء ، وتارة يصنع مسمى هنا وهناك ... المهم أنه ومنذ أن قرر خوض التجربة لم يعطينا أي حل لأي مشكلة ولم يعطينا أي انجاز لكُل مشاريعه الخاصة والعامة شكلاً وليس مضموناً .

آخر صيحة لعمو ياسر جاءت بعد قمة مجموعة عدم الإنحياز ، حيث قرر أن ينحاز لمشروعة الظهوري الإعلامي ، ويُصرح بتصريح شديد اللهجة ، وهو عدم قبوله بنقل ملف المصالحة الفلسطينية من مصر إلى طهران ، محاولاً إقناع القارئ بأنه بذل جهد لبقاء الملف في القاهرة ، وكأن الرئيس أبو مازن وحماس لم يرفضا هذا المقترح منذ اللحظة الأولى لطرحه من قبل القيادة الإيرانية .

أصبحت متأكداً أننا في آخر الزمان ، حين تجد العجائب في دنيا انقلب فيها الحال ، فترك الفرسان الساحة ليتولى الأمر تجار الشعارات وتجار المواقف ، والذين أصبحنا نراهم في كُل دولة وزمان ، فمن كان يهتف للقائد أمس أصبح نفسه يهتف للقائد اليوم ، المهم أن يحافظ على بقاءه على الساحة ، وأن يعمل جاهداً على اقتسام حتى لو جزء بسيط من كعكة السياسة التي دفعنا ثمنها ملايين التضحيات .

&&&&&&&&&
* إعلامي وكاتب صحفي – غــزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت