أيلولان ورهان خاسر

بقلم: صلاح صبحية

ما بين أيلول 2011 وأيلول 2012 طريق نحو الهاوية ، في أيلول 2011 تقدمنا إلى مجلس الأمن بطلب الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ولم نستطع الحصول على ذلك ، وفي أيلول 2012 يعيش شعبنا حالة من الغموض الفلسطيني بشأن العضوية في الجمعية العامة ، هل ستقوم منظمة التحرير الفلسطينية بتقديم طلب عضوية غير كاملة في الجمعية العامة ، أم أنها تراجعت تحت الضغط الأمريكي عن تقديم الطلب ، فلم نعد ندرك أين تكمن الحقيقة ، فتضارب التصريحات بشأن تقديم الطلب الفلسطيني ونفيها فيما بعد يجعل الشارع الفلسطيني لا يكثرت لأمر الذهاب إلى الجمعية العامة ، ولأننا لا ندري ماذا نصرح ، ولأننا نتناسى ما صرحنا به ، ولأننا ننفي ما صرحنا به ، فالأمر أصبح في الشارع الفلسطيني غير جديّ ، تخبط ٌ وعدم وضوح في الرؤية ، نقدم الطلب ، نتراجع ، ماذا نفعل ، كل ذلك يعني شيء ٌ واحد ٌ ، عدم وجود قيادة فلسطينية فاعلة تدرك ما تريد وممن تريد في الزمان والمكان اللذين تحددهما في إستراتيجيتها الغير موجودة أصلاً ، فالانحدار الذي حصل بين أيلول 2011 وأيلول 2012 كان نتيجة رهانات خاسرة ، راهنت عليها القيادة الفلسطينية وما زالت تراهن عليها ، فالرهان على الولايات المتحدة الأمريكية رهان خاسر في كل الأوقات ، لأنه لا أحدُ يراهن على عدّوه بأن يعطيه ما يريد ، فلا يمكن لعدونا أن يعطينا حقنا الذي سلبه منا منذ أكثر من قرن من الزمان ، فلماذا نربط ذهابنا إلى الجمعية العامة بالوضع الأمريكي ، ولماذا يرتبط كل المصير الفلسطيني بالواقع الأمريكي ، وتحديداً بالانتخابات الأمريكية ، وكأنّ الانتخابات الأمريكية سيفاً مسلطاً على رقابنا لا نستطيع التخلص منه ، فمرحلة الانتخابات الأمريكية بدأت ، فماذا يعني ذلك ، هل يعني أنّ الولايات المتحدة لن تقف معنا في طلبنا العضوية الغير كاملة في الأمم المتحدة ، ألم تكن الولايات المتحدة في أيلول 2011 مرتاحة من الانتخابات ، ومرتاحة من خطب الرئيس ، وكان الرئيس الأمريكي يقضي شهر عسله الرئاسي ، فلماذا لم تقف أمريكا معنا وحاربتنا حرباً ضروساً في مجلس الأمن ، لأنّ المعركة كانت بيننا وبين الولايات المتحدة بشكل رئيس ، لأنها تريد أن تحمي مشروعها الاستعماري الصهيوني الاستيطاني في فلسطين ، فلماذا نغطي حقيقة معركتنا في أيلول 2011 في مجلس الأمن بغربال ، ونتعامى عن الحقيقة التي تقول أنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي التي حاربتنا في مجلس الأمن ، فماذا ننتظر اليوم من أوباما ومن أي رئيس أمريكي آخر قادم .
أمام هذا العداء الأمريكي لقضيتنا الفلسطينية منذ نشأتها ، وأمام تنازلنا عن كثير من حقوقنا ، حقنا عن أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 1948 ، وحقنا بالعودة إلى ديارنا وممتلكاتنا التي أخرجنا منها عام 1948 ، وحقنا في إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، وقبولنا بعدم وجود عدو لنا ، واعتبارنا أنّ فلسطين هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ، وأنّ من يعيش على أرض فلسطين وقـِدم إليها من أنحاء الأرض بجنسياته المختلفة هو صاحب الحق التاريخي على هذه الأرض ، وأنّ هؤلاء الذين يحتلون أرضنا هم جيران لنا ، يجب علينا أن نعطيهم الأمن والأمان ، أمام هذا كله لا يمكن لنا ألا أن ننصاع لما يريده عدونا الأمريكي الصهيوني منا ، والانصياع للأمريكي من خلال ابتزاز الأمريكي لنا وضغطه علينا بأمواله التي يجعلنا من خلالها رهينة لديه ، يتصرف بنا كيف يشاء ، يقول لنا لا دولة لكم ، فننسى أن يكون لنا دولة على أرضنا ، ونرضى بالسلطة التي لا سلطة لها ، كما نرضى بسلطة قد انتهت مرحلتها منذ ثلاثة عشر عاماً ، ولا نجرؤ على إعلان دولتنا ، لأننا لا نريد أن نخرج عن بيت الطاعة الأمريكي ، وقد وضعنا مستقبل شعبنا العربي الفلسطيني كله بيد الولايات المتحدة الأمريكية .
وأمام العجز الفلسطيني المتراكم وعدم قدرته على قرع كل الأبواب والنوافذ للحصول على حقنا في أن يكون لنا مقعد كامل العضوية في الأمم المتحدة وكافة منظماتها ، وكان بالإمكان تحقيق ذلك ، لولا تراجعنا عن ولوج أبواب المنظمات الدولية ، كما حدث وأن دخلنا منظمة اليونسكو بنضال فلسطيني جاد ، حيث استبشر شعبنا خيراً عندما أصبحنا عضوا كاملاً في اليونسكو ، وأصبح يرتقب اليوم تلو اليوم ليرى فلسطين قد أصبحت عضوا كامل العضوية في كل المنظمات الدولية ، إلا أنّ الخضوع الفلسطيني للضغط الأمريكي جعل الأمل الفلسطيني بعيد المنال .
وأمام العجز الفلسطيني الذي لم يحقق إنجازاً على أي مستوى كان ، نجد عدونا الصهيوني يتلاعب اليوم بصلب القضية الفلسطينية ، يتلاعب بقضية اللاجئين الفلسطينيين التي هي أساس الصراع العربي الصهيوني ، فهو سيتوجه إلى الجمعية العامة لإقرار حقوق تاريخية لما يسميه اللاجئين اليهود ، ومطالباً الدول العربية بدفع التعويضات المستحقة لهم ، إلى جانب مطالبته بإلغاء القرار الأممي رقم 194 الذي أكد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أخرجوا منها عام 1948 ، فهل أدركنا حقيقة المعركة التي يفرضها عدونا علينا هذا العام .
هل انتهى تاريخنا النضالي ، وهل أصبحنا عاجزين عن ابتكار أنواع جديدة لمقاومة الاحتلال ومقاومة العدّو الصهيوني ، وأصبحنا نرى وجودنا الحقيقي في ظل عدّونا ، وأصبح عدّونا يستغل ضعفنا ، ويفعل بنا ما يشاء له أن يفعل ، فمتى ينهض الفلسطينيون جميعاً من سباتهم ، ومتى يتخلص بعض الفلسطينيين من ارتباطهم بأجندات عالمية لا تخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية ، ففلسطين ليست غزة ، وفلسطين ليست رام الله ، وفلسطين ليست القدس ، فلسطين هي كل فلسطين بأرضها وشعبها ، ومن يريد لفلسطين أن تكون حاضرة في كل زمان ومكان عليه أن يسقط الرهان على أمريكا وغير أمريكا ، لأنه لا رهان حقيقي إلا على الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده ، والتوجه الفلسطيني إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التي ستنعقد بعد أسابيع قليلة وتحقيق ما نريد ، لن يكون إلا بقوة الشعب العربي الفلسطيني ، فالمعركة في الأمم المتحدة تتطلب منا الاستعداد الكامل واستنفار الكل الفلسطيني لنحقق وجودنا على الساحة الدولية وعلى أرضنا كدولة تحت الاحتلال .

3/9/2012 صلاح صبحية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت