من لا يريد ومن لا يستطيع!!

بقلم: د.اياد السراج


تجمعني صداقات قوية مع اعضاء في حماس بدأت بالدكتور الزهار بحكم زمالة المهنة وقد اثر علي الدكتور القائد الرنتيسي كثيرا بعلمه وإيمانه وسعة صدره واضعا نفسه خادما لشعبه وقضية الحرية . وقويت علاقتي بالحركة مع اعتقالي في زنازين السلطة في ١٩٩٦ لانتقادي اداؤها المنتهك للقانون وحقوق الانسان حيث جمعني السجن مع عشرات من المناضلين في حماس والجهاد . ووجدت في اعضاء حماس وقياداتها خلال السنوات الماضية نماذجا انسانية ووطنية تحتذى وعلى رأسها اخونا اسماعيل هنية الذي يشع حبا وهدوءا واحتراما لكل من يقابله ويقود حكومة غزة وسط الحصار والحرب والدمار .وتجمعني علاقات صداقات مميزه مع فتحاويين ابرزهم كان علي حسن سلامة الذي كان صديقا حميما اثناء عملنا في اتحاد الطلاب في القاهرة والذي انضم الى فتح على يد خالد الحسن وكنت شاهدا على ذلك في القدس في المؤتمر الاول لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وصادقت عائلة الحسن وهي أحد مؤسسات فتح العظيمة ( هاني وهايل )وابو عمر ( حمدان) عاشور وموسى عرفات ودحلان ومروان البرغوتي وصخر بسيسو وغيرهم كثيرون ممن احبهم وأحترمهم. لكن هذا الزخم من علاقات المحبة لم ولن يقف امام انتقادهم او تقديم النصح فحبي الاول لوطني فلسطين وبلدي غزة. خاصة ان أحزاننا صارت رغم كل الحب كثيرة.
لقد حزنت حين علمت ان حكومة غزه منعت احتفالا لعرسا جماعيا فتحاويا قبل ايام وقبلها منعوا حفل إفطار لصحافيين . واستاء كما غيري حين نشاهد ضرب وقمع المتظاهرين في رام الله ضد موفاز مهندس المذابح ولم تكن تلك المرة الاولى في رام الله او في غزة ان تعتدي الاجهزة الامنية على الحق في التعبير . ونستاء كل يوم ونحزن ونشفق على حالنا وحال وطن استبيحت ارضه وكرامة أهله وتمزقت هويته وتعثر نضاله وصار الاخ عدوا والعدو صديقا( امريكا صديقا وإيران عدوا وحماس وفتح المناضلون من اجل الحرية أصدقاء في سجون اسرائيل فقط ويسجنون بعضهم في السجون الفلسطينية) والعالم متفرجا على مسرحية وقحة لا تريد ان يسدل عليها الستار بل تتابع فصولها رغم احتجاج المشاهدين.

نحن اليوم في غزة محظوظون لأنه لا يوجد حواجز إسرائيلية على الطرق بين القرى والمدن ولكنا محاصرون في سجن كبير برا وبحرا وجوا اصبح لا يتسع لنزلائه الذين يزداد تعدادهم بتضخم رهيب ينذر بشح المياه ذاتها واستفحال البطالة ومعها الأجرام والمخدرات.فماذا نحن فاعلون؟ ام اننا ننتظر ما يأتي به القدر صوبنا؟ ومن اين ستأتي مياه الشرب والغيوم لم تعد تكفي؟ والكهرباء؟ والغاز؟ اننا نحتفظ بالمعروف لمصر وقطر ولكننا لا نريد ان نحملهم كل مصائبناوهمومنا ونحيي قيادا تها على تقديم العون في الكهرباء والنفط والغاز وهنا نسأل عن الغاز الذي اكتشف في غزة ويقال اننا لا نستفيد منه ؟ من المستفيد اذن؟ هل صحيح انها شركة بريطانية وأخرى فلسطينية تحميها قيادات عليا في السلطة!
أسئلة كثيرة عن من يحكمنا وكيف يحكمنا وقد انتشرت حالة من الاغتراب والانعزال.
في الضفة الغربية يلزمك شهادة حسن سلوك من الأجهزة الأمنية - التي اشتهرت باحتقار قرارات المحاكم العليا -لتحصل على وظيفة ، وفي غزة يلزمك شهادة من أمير المسجد للتوصية عليك! هل نحن في القرن العاشر قبل الميلاد ؟ وهل تم دفن القانون ؟ نتوجه بالسؤال للنائب العام الذي أقفل مواقع الكترونية مخالفا القانون وادعى انه قراره ثم قرر اليوم ان يستقيل ؟ المفروض في النائب العام الدفاع عن الحق العام والقانون !- ام ان تلك ليست مؤهلات الاختيار.كان على النائب العام وغيره مثلا التصدي لمخالفات الاجهزة الامنية والاجابة على أسئلة مثل؛ كيف تفرج اسرائيل عن أسير وتعتقله السلطة؟ ولماذا يلاحق الصحفيين؟
و كيف مات منصور مساعد النائب العام في رام الله وأين التحقيق المستقل؟ هل تم إلقاؤه من مكتبه ام انه انتحر؟

في رام الله يصرون على بناء مؤسسات الدولة ويغرقون في نفس الوقت في الديون وتقرر الحكومة مزيدا من الضرائب وتلتهب أعصاب الناس بارتفاع الأسعار.
في غزة لم تستدن الحكومة دولارا ولكن مستشفياتنا مكدسة بالمرضى ولا يوجد دواء ! حفرنا أنفاقا لنحافظ على حياتنا من الحصار الظالم لكنها انقلبت علينا بتدمير الاقتصاد وازدهار ثروات غسيل الاموال والسوق الاسود وغلاء أسعار العقار والاراضي. وأخيرا قالوا ان لها ضلع في تهريب الإرهابيين ؟ هل نبقى تحت هذا الوضع المريح لبعض مراكز القوى ولتخرس باقي الالسنة؟
لا نعرف شيئا عن كيف تتصرف الحكومة في توزيع الاراضي وان أدارت الحكومة الحياة بغير ديون لكن الضرائب تتكاثر وندفع اليوم ضريبة لحكومة رام الله ونكرر الدفع لحكومة غزة.

ولماذا تستمر الحكومتين وسط التهليل بالإفراج عن الاسرى الذين تم اعتقال بعضهم بقرار امني فلسطيني!!! - باعتقال الناس وتعذيبهم وإهانتهم لمجرد انتماؤهم للتنظيم الاخر ؟ هل اصبحت اكبر الجرائم هي الانتماء لحركة حماس او الجهاد وفتح ؟؟؟ الا يذكركم ذلك بأيام المقاومة حين كان الانتماء لنفس التنظيمات تهمة يعاقب عليها قانون الاحتلال العسكري ؟؟؟! وأين النائب العام في غزه ورام الله من كل هذه الانتهاكات؟ وأين الرئيس والوزراء؟
ومصائب هذا الشعب تبدو بلا نهاية.

اين نقف الان اذن؟
لا للمقاومة المسلحة،
لا للمصالحة الفلسطينية
لا للمفاوضات مع اسرائيل
لا للمقاومة الشعبية،
لا للذهاب للأمم المتحدة،
لا للقانون
ستة لآت وغيرها من الجمود والشلل!!
ان ابو مازن يؤكد ان اسرائيل خلقت لتبقى!!!؟؟ وماذا عنا نحن هل خلقنا لنموت؟؟؟

نسأل القيادات أولا: هل انتم مقتنعون ان هناك ضرورة للمصالحة ام انه من الافضل ان تبقى الامور كما هي عليه؟ ربما أنه من العبقرية ان فكر احد ان دولة غزة ودولة رام الله يتفقا على ان يكونوا مثل الكماشة ضد اسرائيل؟ هل يمكن ان تكونوا قد اتفقتم على ذلك ولا تريدون إ الاعلان؟؟ الناس تقول ان الانقسام يخدم تنظيماتكم وأهدافها وان البعض منكم يخشون من الوحدة على مصالحهم؟ هل صحيح ان قيادة حماس في غزة قد اصطفت معارضة للمصالحة؟ولماذا؟ وهل هناك خلافا مع المكتب السياسي الذي طال انتظار انتخابه؟ وهل يرى البعض اننا على طريق الدولة الاسلامية الكبرى؟ واذا كان كذلك الا يستحسن ضم الضفة الغربية مع غزة في دولة واحدة اولا قبل الزحف على العالم الاسلامي؟
لماذا تدخلت حركة حماس وأوقفت عمل لجنة الانتخابات المركزية؟ هل يشعرون بخطر الانتخابات على وجودهم في السلطة مع ان الكل يدرك انهم أقوى مما سبق وخاصة في الضفة الغربية!؟ ولماذا لم يشكل ابو مازن الحكومة حسب اتفاقه مع مشعل في الدوحة والقاهرة؟
هل سلم ابو مازن القرار الفلسطيني لأمريكا -التي اعلنت معارضتها للمصالحة -خوفا من ان تقطع دعمه بالأموال او ان تقتله سياسيا كما فعلت من قبل مع ياسر عرفات حين اعتبرته غير ذا جدوى؟ وهل هذا الخوف هو السبب وراء الاخبار بتأجيل تقديم طلب العضوية للأمم المتحدة ؟ ابو مازن وبعد كل هذه الوعود وبعد ان حياك الجميع على خطابك التاريخي في الامم المتحدة، هل كنت تستعمل ذلك تكتيكا - وهذه مصيبة في حد ذاتها- ام انك لا تستطيع القرار؟ هل اصبح واضحا ان حماس لا تريد وان ابو مازن لا يستطيع؟ ولهذا يتراشقون عبر الاعلام باتهام بعضهم ولا يجروؤن على مواجهة النفس والشعب؟
أني أدعوك ابو مازن الى التنحي فورا اذا كنت غير قادر على المصالحة و تشكيل حكومة واحدة . وكذلك أدعو اخي اسماعيل هنية وأخي سلام فياض ان يقدم كل منهما استقالة حكومته فورا للشعب كدعوة صريحة لتشكيل حكومة وحدة وطنية ويضعوا مسألة الوحدة فوق اي اعتبار ويواجهوا ابو مازن بالتحدي.


ان كلا من الحكومتين يدعي الشرعية !! كانوا زمان يضحكون علينا ويخوفونا بادعاء الشرعية الثوريه فما هي لعبة الشرعية اليوم !؟ اقول لكم ان حماس تم انتخابها بديموقراطية وان الأجهزة الأمنية الفتحاوية انقلبت عليها ولكن شرعيتها ليست أبدية وحسب القانون انتهت. كذلك لا شرعية لرئيس السلطة ولا لحكومة رام الله وعليهم جميعا مع محبتي واحترامي التنحي وإعطاء الناس فرصة الاختيار وان يتقوا الله فينا وان يحترموا القانون. ان فياض ، الرجل الوطني والعملي والذي لا يعيش على الاوهام يريد ان يجري انتخابات مجالس محلية في الضفة باعتبار ذلك ضرورة ديمقراطية وهذه خطوة عظيمة يمكن ان تتكرر في غزة على طريق الشرعية ولكن من يضمن عدم التزوير وقبل ذلك حرية الترشيح ام انهم سيطلبون من كل مرشح شهادة حسن سلوك موقعة من الأجهزة الأمنية؟ ولماذا لا نجري انتخابات شاملة في كل الوطن؟
ان قضية الحكم واحترام القانون وحقوق الانسان في غزة ورام الله وقضايا التطور والنماء تمر عبر قيام الدولة التي لن تمر الا بالحكومة الواحدة وبما ان الجميع عاجز عن تحقيق أماني الشعب
لذلك فان الحل هو التنحي والاستقالة ورفع الملف لمنظمة التحرير التي عليها اختيار رئيس جديد يقوم بتشكيل حكومة واحدة فهذا هو الرد الاول نقدمه الى ليبرمان وسيده نتنياهو وخادمهم أوباما ثم ننتقل الى الامم المتحدة بتأييد العالم كله. وليتبع ذلك تحد ومواجهة مع الاحتلال في منظومة مقاومة تستند الى المقاطعة المحلية والدولية الشاملة وحشد لأنصار الحق والعدل والسلام . لم يعد هناك مكانا للخوف من المواجهة والضعف في اتخاذ القرار.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت