ايهاب والتعديل الوزاري

بقلم: مصطفى إبراهيم


في اليوم الذي منح فيه المجلس التشريعي في غزة التعديل الوزاري الجديد لحكومة اسماعيل هنيه الثقة بأغلبية مطلقة، توفي الشاب ايهاب ابو ندى من مدينة غزة بعد اصابته بجراح خطيرة جراء اشعاله النار بنفسه قبل ثلاثة ايام من وفاته.

تعددت الروايات حول اقدامه على وضع نهاية لحياته بإشعال النار في نفسه، لعدم قدرته على توفير فرصة عمل، ومساعدة عائلته التي تعاني فقرا مدقعاً كما اوضح والده، وكما اظهرت كاميرات التلفزة الحال البائس للعائلة وعدم قدرة الوالد على توفير مسكن مناسب وحياة كريمة لأبنائه من الراتب الذي لا يسد رمق العائلة، او توفير بدل اجرة ما يسمى منزل الذي لا يصلح لسكن الآدميين.

هنيه في كلمة له قبل التصويت على منح الثقة للحكومة قال ان اولويات الحكومة المعدلة هي “العمل على إنهاء الحصار كلياً، وتخفيف مشاكل المواطنين، خصوصاً في ما يتعلق بالكهرباء والماء والنظافة، واستكمال مشاريع الإعمار، والمساهمة في تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، وتعزيز العلاقات مع الدول العربية، ومواجهة الفقر والبطالة”.

واعتبر أن “الوزراء كلهم حققوا إنجازات ونجاحات كبيرة، وآن لعدد منهم تخفيف هذه الأحمال الثقيلة عنه”.

رئيس الوزراء تحدث عن مهام الحكومة، لكنه لم يؤكد على إحترام حقوق الانسان وتعزيز سيادة القانون، والمساواة بين الناس ومحاربة اشكال التفرقة والتمييز وحماية الحريات العامة وصون حرية الصحافة والتعبير.

حكومة هنيه المعدلة لم تحرر القدس ولم تفتح عكا، وليس مطلوب منها ذلك، فمهامها واضحة ومحددة، وأمامها الكثير من التحديات والعقبات كي تستطيع تحقيق مهمة نظافة غزة كحد ادنى، وليس توفير الكهرباء او الماء الصالح للشرب، فالحكومات السابقة المعدلة أدائها كان متواضع ولم تحقق الانجازات الرائعة، ولم تترك اثر ايجابي يتحدث عنه الناس.

الغزيون شعروا بارتياح لاستبدال وزراء وصفوهم بأنهم فاشلون جدا، ولم يحققوا الكثير بل ان وزاراتهم تراجعت كثيرا ولم تقدم الخدمة الجيدة للناس الذين يستذكرون فشل موسم الحج في الحكومة السابقة، وفشل وزير الاوقاف في التوافق مع الحكومة في رام الله لإنجاح موسم الحج.

الناس يتحدثون بإسهاب عن الوضع السيئ في وزارة الصحة وغياب الجودة في الخدمة المقدمة للمرضى واستيائهم من الحال السيئ للمستشفيات والنقص الشديد في الادوية والأجهزة وعدم كفاءة الاطباء، والأخطاء الطبية المتكررة وعدم الحد منها ومحاسبة مرتكبيها حفاظا على سلامة المرضى وعدم تكرارها.

هنيه لم يتطرق الى دور حكومته في تطوير التعليم والناس يعبرون عن عدم رضاهم من اداء وزارة التربية التعليم وحاجة الناس في القطاع الى عدد اضافي من المدارس والمعلمين الاكفاء الذين يديرون العملية التربوية باقتدار وتحسين مستوى التعليم المتردي والذي لم تعلن الوزارة خلال السنوات الماضية بشفافية نسب النجاح والرسوب في المدارس الابتدائية والأساسية العليا.

كما أظهرت ازمة الكهرباء في قطاع غزة مدى عجز الحكومة، وعدم قدرتها على توفير الحد الادنى للناس، وهذا واجبها وتتحمل مسؤوليته على قصورها وعدم قدرتها على توفير البدائل.

ادرك كغيري من الناس أن الحكومة لا تتحمل وحدها المسؤولية فدولة الاحتلال تتحمل المسؤولية وتعاقب الناس في القطاع من خلال الحصار القاسي والظالم الذي تفرضه على القطاع.

خمس سنوات والحكومة المعدلة اكثر من مرة تحكم قطاع غزة منفردة، والحصار مستمر ولم تدرك ان حكم القطاع ليس بالأمر الهين وسيكون عبئ ثقيل عليها، لأسباب كثيرة كانت قائمة وما زالت وهي عبارة عن قائمة طويلة من المهام المطلوب انجازها، وجعل تنفيذ العدل الاجتماعي حلما بعيد المنال، وتقديم خدمات ذات جودة عالية في ملفات شائكة مثل الصحة والتعليم والكهرباء، والإسكان وآلاف المنازل المدمرة ولم يتم اعمارها حتى الآن.

الحكومة لم تعمل على كسب ثقة الناس، إنما فقدان الثقة يتعزز جراء عديد الاجراءات والقرارات التي تتخذها ولم تعمل بشكل جدي على تعزيز صمود الناس وثباتهم في مواجهة الاحتلال والحصار، فهي لم تبدي مرونة وتتشدد في فرض الرسوم والضرائب على الناس الذين يعانون الفقر والبطالة من دون توفير الحد الأدنى من الخدمات، في ظل اعتراف رئيس الحكومة أكثر من مرة أن حكومته لا تعاني من أزمة مالية.

بالإضافة الى ذلك غياب ادوات الرقابة والمحاسبة والشفافية، وحق الناس في الحصول على المعلومات وعدم حجبها عنهم، وتفعيل ادوات الرقابة الشعبية على اداء الحكومة، وعدم وضع قيود على وسائل الاعلام والصحافة والصحافيين وحرية الرأي والتعبير، وتطبيق القانون من دون تمييز في كل القضايا و وتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص في الوظائف، وتوفير فرص عمل للخرجين للحد من نسب الفقر والبطالة، وتحقيق العدالة، والعدل الاجتماعي وصون كرامة الناس.

الحكومة لم تراعي الحياة الصعبة للناس وإعلامهم بمعايير الشفافية عن الوضع المالي وميزانية الحكومة وأوجه الصرف لديها، ولا تجبرهم على دفع رسوم وضرائب تزيد من أعبائهم المالية والحياتية، في ظل الأوضاع القاسية جراء الحصار، و ذلك لا يعفي حكومة غزة من مسؤوليتها وضرورة القيام بالتزاماتها وتعهداتها للناس.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت