لقاء عباس نجاد وتصحيح العلاقات

بقلم: عماد عبد الحميد الفالوجي


كتبنا قبل عدة سنوات مقالا بعنوان " آن الأوان لزيارة طهران " نصحنا فيه الرئيس محمود عباس بضرورة قيامه بزيارة الى الجمهورية الإيرانية وضرورة لقائه مع الرئيس الإيراني محمود نجاد لإزالة الضباب الكثيف الذي خيم على العلاقات الفلسطينية الإيرانية خلال السنوات الأخيرة لأسباب متعددة ، وكنا على يقين بأن لقاءا خاصا بين الرئيسين كفيل لتوضيح الكثير من المواقف من كافة القضايا التي تخص القضية الفلسطينية والموقف من القضايا الخاصة بالجمهورية الإيرانية ، خاصة وأن الموقف الإيراني كان دائما داعما أساسيا للقضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية وصديقا دائما للشعب الفلسطيني بحكم العلاقة التي تربط فلسطين بمحيطها العربي والإسلامي ومدى أهمية القضية الفلسطينية للشعوب العربية والإسلامية .

لاشك أن الفتور في العلاقات الرسمية الإيرانية الفلسطينية خلال السنوات الماضية كان سببه الرئيس هو انحياز الموقف الإيراني ودعمه لأحد طرفي الانقسام " حماس وبعض المجموعات المسلحة الأخرى " وكان هذا الدعم طبيعيا في مرحلة ما قبل الانقسام الفلسطيني ولكن بعد الانقسام أخذ هذا الانحياز خطا داعما بشكل مباشر لأحد طرفي الانقسام " حماس " على حساب الطرف الآخر " فتح " مما دفع السلطة الفلسطينية " رام الله " لاتخاذ موقف متشدد من الموقف الإيراني واتهامه بالتدخل بالشئون الفلسطينية الداخلية ، ولم يتم التقدم خطوة تجاه كل منهما لتوضيح الموقف الرسمي وإزالة الضباب المكثف حول موقف كل منهما ، حتى كان اللقاء الأخير على هامش مؤتمر دول عدم الانحياز ، هذا اللقاء الذي وصفته كافة الأطراف بأنه إيجابي وامتاز بالصراحة وأزال الكثير من الغموض وأعاد الحياة الى العلاقات التاريخية التي جمعت القيادة الفلسطينية بالقيادة الإيرانية ، وهذا شجع الرئيس الإيراني لاقتناص الفرصة وتتويج ذلك بتقديم اقتراح لاستضافة الحوار الفلسطيني في طهران واستعداده لبذل الجهد في سبيل إعادة الوحدة الفلسطينية الداخلية .

ولكن وفي ذات الوقت لا نريد لهذا اللقاء أن يكون سببه بعض الفتور الذي تشهده العلاقات الإيرانية الحمساوية بسبب موقف حماس من الثورة السورية وعدم استجابتها للوقوف الى جانب النظام في معركته ضد الثوار السوريين أو الوقوف على الحياد التام ، ولذلك نتمنى أن تكون إعادة الحياة للعلاقات الفلسطينية الإيرانية عنوانها تصحيح العلاقات والعودة بها الى المسار الصحيح لأن الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بحاجة الى جهد كل الأصدقاء في العالم .

لا يمكن لأحد إنكار قوة إيران ودورها الفاعل والمحرك في منطقة الشرق الأوسط وقدرتها على دعم الشعب الفلسطيني في كافة المحافل الدولية لما تتمتع فيه من حضور وقوة تأثير داخل المؤسسات الدولية ، وهي تشكل محور قوي مع أطراف أساسية في المنطقة ، ولكن كل ذلك يجب أن يكون بحسابات دقيقة لا تخفى على القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس .
العلاقة مع طهران يجب أن تكون لمصلحة الكل الفلسطيني والبعد عن الحسابات التنظيمية والفئوية الجغرافية وهذا ينطبق على العلاقة مع كافة الأطراف الدولية الداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته .

م. عماد عبد الحميد الفالوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت