" إن ما يحدث اليوم في الوطن الفلسطيني من حالات إنتحار وقتل للفتيات ومحاولة قتل الآباء والأمهات وسرقة فلذات أكبادنا، لهو مؤشر خطير لإنعدام القيم الإنسانية وغياب الضمير الإنساني، وكل هذا بسبب الفقر المدقع في الوطن"
تركة ثقيلة خلفتها الإعتداءات البربرية والحروب الدموية التي أقدم عليها الإحتلال الصهيوني منذ ما يقارب من 60عاما بدءاً بالقمع والإستبداد والإستعباد مرورا بقتل البشر وإستهداف الحجر وقلع الشجر الذي لا مثيل له، فالقلب الفلسطيني زال وما زال يقطر دما وألما حتى يومنا هذا وتحمل الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة مرارة العذاب والتنكيل جراء الفقر والحرمان والبؤس والشقاء، فباتت أم ثكلى بانت على قسمات وجهها علامات الحزن والإحباط، فقد ضرب الفقر بأطنابه بيتها الدافئ ودفعها شظف العيش في لوائح أثكل منها تمتهن عملية البيع والشراء لكسب لقمة العيش الكريمة. ولعل البعض منهن تجاوز عمرهن الستين رغم التقاليد العشائرية التي تلزم النساء الغزاويات إلا أنها أصبحت واقع حال بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.
الفقر مكشر بأنيابه أسرَ وعوائل فقدت من كان بمثابة الخيمة لها من أب وأخ وزوج بالإنتفاضات والإنقسامات والمعارك الدموية وخلف قضبان سجون الإحتلال وإلمحكوميات العالية، علاوة على الحصار والإغلاق والإرهاب الإسرائيلي البغيض وجرائمة المتكررة والقائمة لا تنتهي والحال هو... هو... ويقفن هنا في مضمار حياة قاسية لا ترحم ....
يخرجن بعض النسوة في قطاع غزة منذ ساعات الصباح الباكر وحتى غروب الشمس بدأبِ كأنهن فرسا للرهان في سباق من أجل البقاء شامخات كأشجار الزيتون واللوز والنخيل وعضد الصفصاف وطيبة بلدٍ لُقبَ بقطاع الخير لكثرة نخيله وبرتقاله وخضاره وفاكهته، فخيره بإنتظار الفرج وإنتهاء رحلة التعب والمشقة .. فسلام عليكن من بلدٍ لا مناص منه ولا مفر، فأنتُنَ في فلسطينٍ البلاءُ فيهِ تطولُ مُدتُه والفقرُ فيهِ يدومُ مقامُه.
هل يعلم السادة المسؤولين وأصحاب القرار والقادة الرعاه ، ما قد يعانيه الرعيه من المواطنون البؤساء وموظفو الطبقات الدنيا من شظف العيش وغلاء المعيشة وأزمات السكن ونقص المواد البترولية وأنقطاع الكهرباء الازدحامات الخانقة في محطات البترول ،ناهيك عن ازمات الأدوية والرسوم المدرسية وطلبات الأطفال من حليب وبامبرز إلخ، إضافة الى المصاريف الاخرى غير المحسوبة من قاموس الراتب وحساباته الخاطئة كل شهر، وهذه الحسابات تقودنا الى موضوع اخر وهو عملية (الحساب ) المعقدة التي يقوم بها المواطن ( الغلبان ) حين يحاول بناء منزل بسيط له، ومواجهة إرتفاع مواد البناء المستمر والمتذبذب والذي غالبا ما تكون حساباتهم خاطئة بسبب عوامل عديدة وأمور غير محسوبة، فيضطر إجباريا إلى تقليص البناء الى ادنى مستوياته، ولا اقصد به جميع خلق الله ولكن اخص المعطلين عن العمل ومواطني وموظفي الدرجات الدنيا الذين قضوا سنوات عديدة في الوظيفة ولكن لم يحصلوا على( قطعة) ارض ولا حتى في أطراف قطاع غزة أومحافظاتها، أما موظفو الحكومات السابقين والموجودين واللاحقين المرموقين، وموظفو مجلس الوزراء وإعضاء المجالس التشريعية والثورية والوطنية والسفراء والتابعين للحكومات السابقات واللاحقات فلهم امتيازات خاصة من قبل حكومتهم، فخدمتهم الكبيرة في الوظيفة ومهاهم الجسام التي على عاتقهم شفعت لهم بقطع اراض متميزة في مراكز مدينة غزة وخاصة في منطقة مدينة الزهراء وفي المحررات التي إندحرت منها قوات الإحتلال الإسرائيلي، مع ان اغلبهم لم تتجاوز خدمته اصابع اليد الواحدة ولكن؟
وماذا بعد...
كل ذلك يا سادة، مقدمة لشيء بسيط وبسيط جداً اود قوله عن معاناة اغلب الموظفين، معاناة السكن والفشل الذي يسحق المحرومين وعن المساواة والتمييز بين الموظفين فما هو ذنب موظف له خدمة اكثر من عشرين عاما في الوظيفة ولم يحصل على متر واحد، ويشاهد موظف اخر لا تتجاوز خدمته ربع ما قضاه في الخدمة وقد حصل على أرض وقرض وتسهيلات اخرى.
التحذير الذي حذرت منه الامم المتحدة مؤخرا من أن قطاع غزة سيواجه كارثة محققة في كافة المجالات في عام 2020 اذا لم يتم انهاء الاحتلال والحصار والتدخل العاجل لإنقاذ قطاعات الخدمات المختلفة من التدهور والإنهيار المتوقع.
وقال منسق الشئون الانسانية ماكسويل جيلارد" ان عدد سكان غزة سيزداد بمعدل نصف مليون ليصبح 2.1 مليون نسمة في العام 2020 بينما سيكون نمو اقتصادها بطيئا وسيواجه السكان مصاعب رهبية في الحصول على المياه للشرب والكهرباء او حتى ارسال ابنائهم للتعليم".
واكد المسؤولون الامميون ان معدل السكان بغزة سيصبح 5800 نسمة لكل كم مربع وهو رقم رهيب وغير مسبوق في العالم مؤكدين ان المياه والكهرباء والبنى التحتية والصرف الصحي لا تتطور بالنسبة التي يزيد بها عدد السكان.
واكد التقرير ان الوضع الاقتصادي بغزة سيكون اسوأ في العام 2015 مقارنة مع الوضع في العام 1990 بالرغم من نسبة النمو الاقتصادي الحادثة العام الماضي .
وقالت السيدة كوف" ان الحاجة الى مياه الشرب ستزيد بنسبة 60% فيما الضرر الحادث للابار الجوفية المصدر الرئيس للمياه سيكون غير قابل للاصلاح بدون خطوات عاجلة .
واضافت ان 75% من مياه الصرف الصحي تضخ الى البحر والمياه الجوفية مما يحدث كارثة حقيقية محذرة من انه في العام 2016 لن يكون هناك مياه صالحة للشرف بغزة".
وبين "ان التحديات التي تواجه قطاع غزة اصعب بسبب إستمرار الاحتلال والنزاع العنيف والحاجة الماسة للمصالحة الفلسطينية.
وقال " ان غزة هي مركز تاريخي قديم منذ اكثر من 4000 سنة واجه العديد من الماسي والاهمال والتدمير عدة مرات واليوم يتم ابقاؤها حية باقتصاد ضعيف ومساعدات خارجية واقتصاد انفاق غير شرعي بالرغم من ذكاء وعبقرية اهلها.
وقال جيلارد انه لا يمكن لغزة ان تتقدم دون ان تكون متصلة بالعالم للتجارة والتواصل الى ما وراء تلك امنطقة المحاصرة.
وقال تيرنر ان الحل لمشكلة غزة هو سياسي ويتم عبر حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين مطالبا بانهاء حصار غزة واحتلالها كمسبب رئيسي للتدهور الذي تواجهه.
إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متع به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك". الفقر ذلك الكابوس الذي ينهش في جسد الأمة يبقى سببا رئيسا ومهما في تدميرها، فالفقر في المجتمعات عامل هدم وتعطيل للطاقات لذا وصف برجل شرير يجب الخلاص منه.
وقال أحد الصحابة الأجلاء (لو كان الفقر رجلاً لقتلتة)، ووصف القتل هنا بمعنى الخلاص والقضاء على أهم عوامل التخلف والفساد في المجتمع وهو الفقر.
لذلك مطلوب من قادتنا ومسؤولينا وأصحاب القرار في الوطن الفلسطيني هنا وهناك، إسعاد الفقراء والمساكين والسحوقين والمحتاجين، أو مسح دموع الأيتام الذين غابوا عنهم من يعيلهم، وأن يكونوا رحماء على الرعية يتفقدهم وقضاء حوائجهم.
إعلامي وكاتب صحفي
ناشط ومفوض سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت