مرسي يدخل للأزمة السورية من الطريق الخطأ !

بقلم: زياد أبو شاويش


الرئيس المصري يقف أمام مؤتمر عدم الانحياز متحدثاً باسم مصر الأمر الذي كنا ننتظره بشوق باعتبار ذلك وفي طهران يمثل مدخلاً طيباً من أجل استعادة مصر لدورها الإقليمي والدولي، وبالطبع سيكون السيد مرسي أكثر ميلاً لتمثيل كل الأمة العربية التي وضعت حلمها ذات يوم وما تزال في يد مصر وتودعه أمانة لديها.
تحدث السيد مرسي في الشأن الفلسطيني والعربي فلم نر ما كنا نرغب في رؤيته ولم نسمع ما أملنا في سماعه رغم كلامه الحماسي.
المهم وهنا بيت القصيد أن الرئيس مرسي كان قد وعد بتشكيل لجنة متابعة من السعودية ومصر وإيران وتركيا لمحاولة راب الصدع في سورية، وقال في معرض كلامه عن إيران أن الجمهورية الإسلامية جزء من الحل وليست جزءاً من المشكلة الأمر الذي أثلج صدور الذين يرغبون في وضع حد للقتال وسفك الدماء في سورية، كما أوضح توجهاً مصرياً محموداً لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين وهو ما أغضب الأمريكيين وحلفائهم أو بالأحرى عملائهم في السعودية وغيرها من دول الخليج، وبالتأكيد مزعجاً للكيان الصهيوني والأوروبيين.
لقد حمدنا للرجل شجاعته وتمثيله لمصر في قمة عدم الانحياز وفي تطلعاتنا للدور المصري آمال عريضة تبدأ من خطاب مختلف تجاه فلسطين والكيان الصهيوني إلى حديث موزون وهادئ تجاه الأزمة السورية، ولا ينتهي بطرح شجاع وبحجم مصر ودورها لموضوع التضامن العربي ودعم المقاومة والتخلص من التبعية وتحرير الاقتصاد العربي من النهب المنظم الذي تقوم به الرأسمالية العالمية لخيرات ومقدرات هذه الأمة بمعرفة وتطامن قادتها الرجعيين والمرتهنين للغطاء الأمريكي والحماية من قواعدها المنتشرة فوق أراضيهم.
لقد خيب الرجل أحلامنا في العناوين الثلاثة، وحتى الموضوع الإيراني فلم يتخذ أي خطوة جدية تجاه تطبيع العلاقات معها وإن كنا لا نزال نحفظ له الاقتراح بخصوص حل المشكلة السورية الذي كان مدخله لها في القمة من الطريق الخاطئ تماماً.
يقول السيد مرسي أن حل المسألة السورية يرتبط برحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة، وترك مقعد الرئاسة وبهذا تنتهي المشكلة وأنه يعلن فصل الخطاب بهذا الكلام عن الفئة الظالمة واستنتاجه أن رحيل الرئيس الأسد يحقق العدالة ويمنح الشعب السوري الحرية والكرامة ؟!
أولاً ليس من الصواب حين تكون وسيطاً لحل مشكلة وتبادر أنت لذلك باقتراح طيب أن تعلن موقفاً منحازاً لأحد طرفي الخصومة لأن هذا يفقدك المشروعية اللازمة للوساطة من جهة ومن الأخرى يجعلك طرفاً فيها ومعرقلاً لأي حل خاصة في ظل قتال محتدم بين سلطة شرعية منتخبة حتى لو لم تر فيها عدالة أو في نتائجها إنصافاً وبين مجموعات مسلحة لا مرجعية واحدة لها وتمارس القتل والتجاوزات من كل العيارات وفي كافة الاتجاهات. إن الأمر الآخر الذي كان يجب أن يدركه السيد مرسي هو أن مغادرة الرئيس الأسد لموقعه لا تحل المشكلة وعليه أن يسأل أهل الاختصاص في الخارجية المصرية التي من المؤكد أن لديها معلومات وفهم من خلال سفارتها في دمشق بان المعضلة في سورية ليست معضلة رئيس يمتلك الشرعية أو لا يمتلكها أو رئيس ظالم أو غير ظالم أو أنه برحيله تنتهي المشكلة، كما كانوا سيقولون له أن في سورية تعقيدات أكبر من كلامه الساذج حول الحق والباطل، أو بين الخير والشر، ناهيك أن الرئيس مرسي نسي من يمثل في القمة أثناء إلقاء خطابه ونحا باتجاه خطاب الإخوان المسلمين المعروف والذي نسمعه صباح مساء في محطات الجزيرة و"العربية" وغيرها كما من خطباء الفتنة ومشرعي القتل والذبح في المنطقة مثلما فعلوا في ليبيا وغيرها.
وبوضوح أكبر يمكن القول أن الشرعية إذا قيست بنسبة النجاح في الانتخابات الرئاسية فمن المؤكد أن شرعية الرئيس الأسد تفوق شرعية السيد مرسي رغم إقرارنا أن الرئيس الأسد فقد من هذه النسبة نتيجة الأحداث الجارية في سورية منذ عام ونصف.
لقد وجب على السيد مرسي اليوم تعديل خطابه ليتوافق مع الحالة السائدة في سورية وهي حالة تحتاج لموقف متوازن ومنصف تجاه التدخل الخارجي والعنف الذي يمارسه الطرف الآخر وكل ما من شأنه أن يظهر بجلاء أن المعارضة لا تتفوق أخلاقياً وإنسانياً على الدولة والحكومة، بل العكس هو ما يحدث اليوم خاصة في وجود الإرهابيين القادمين من الخارج لسورية وقبول المعارضة بهم كأنصار لها وداعمين.
يبقى أن نذكر الرئيس مرسي للمرة الألف أن حديثه عن حق الشعب الفلسطيني يتساوى مع حديث أي رئيس غير عربي بل هو اقل من بعضهم. ونسأله لماذا لم تتحدث عن مقاومة الاحتلال وعن حق العودة لشعبنا وعن عناوين كثيرة تستدعي منك كلمة إنصاف حقيقية تجاه القضية الفلسطينية، ولماذا تؤكد بمناسبة ومن غيرها التزامك بأمن العدو عبر التزامك بما وقع عليه سلفاك السابقان أنور السادات وحسني مبارك؟
في كل الأحوال نحن لا نريد من الرئيس المصري سواء كان مرسي أو غيره إعلان الجهاد لتحرير فلسطين وبيت المقدس، لكننا نتمنى عليه أن يتذكر أن هناك شعب شقيق تشرد من وطنه بقوة السلاح وأن أهم شعارات جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الشيخ مرسي تتعلق بفلسطين وتحرير الأقصى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت