سمعنا وعجزنا.!!

بقلم: عبدالله قنديل


من غرفة العزل أو القبر كما يصر الأسرى الذين ذاقوا هذه المرارة تسميته وصلت إلينا كلمات المهندس ضرار أبوسيسي أحد الأسرى الفلسطينيين الذي تم اختطافه من أوكرانيا قبل قرابة العامين وهو الحاصل على درجة الدكتوراة في هندسة الأجهزة الكهربائية.

وصلتنا رسالتك أخي ضرار وقرأنا ما فيها مرارا وتكرارا فما زادتنا إلا حسرة وألما، قرأناها فقتل الألم القلب ألف مرة ومرة على هذا العجز الذي نعانيه إذا ما تعلق الأمر بكم.

رسالة ضرار أبوسيسي هي وصمة عار على جبين كل حر يقف عاجزا عن نشرها على الأقل، وهي كذلك وصمة عار أخرى تلاحق السادة الذين يعملون في المؤسسات الحقوقية والإنسانية المحلية أو الأجنبية الذين لا تحرك انسانيتهم أو مشاعرهم مثل هذه الكلمات فلا يتحركون ولا يحركون ساكنا وكأنهم ما وجدوا إلا للمتاجرة بالقضية فكثرة السفر أشغلهم ورواتبهم الخيالية بحاجة إلى أوقات لإدارتها وتنميتها وكل ذلك على حساب من يعاني الأمرين مرات ومرات.. مرة بفعل وحشية السجان ومرة بفعل وحشية إدارة ظهرهم المتكررة لقضايا الأسرى وخاصة المعزولين منهم والمرضى وكأنهم سلموا بأن الأسرى مجموعة من الإرهابيين ومجرد تناول أمرهم سيضر بسمعتهم الدولية وعلاقاتهم المفتوحة مع البعض في أوروبا والغرب.

لم أعتد أن أكتب مقالا أهاجم فيه أحدا، ولكن الأمر مفجع وما يشاهد يحرك في الإنسان ما لم يكن يتوقع.

قبل أن تصل الرسالة بيومين كنا في لقاء مع وفد عربي جاء لغزة وتم التنسيق ليجلس مع بعض أهالي الأسرى ليستمع إليهم ولجزء من معاناتهم فكان من بين الحضور الأخت الفاضلة زوجة ضرار أبوسيسي وهي أوكرانية الأصل أسلمت وتزوجت منه أثناء فترة دراسته في كييف فتحدثت بالعربية الركيكة كلاما بكت لهوله القلوب قبل أن تبكي العيون.. وخلاصة حديثها هو أنها تتفهم أن الاحتلال مجرم وأن السجان وحشي ولكنها لا تتفهم أبدا أن يترك المسلم أخاه المسلم وحيدا في الهم والألم والمعاناة دون أن يقدم له أدنى مساعدة فهي تعرف أن الإسلام يدعو إلى التكافل والترابط وأن المسلم للمسلم كالجسد الواحد.. والخلاصة أنها تشعر بغربة ما كان لها أن تشعر بها لو أننا بالفعل رجالا أو حتى أوفياء.!

الأمر بالفعل بحاجة إلى وقفة معمقة ومراجعة فلسطينية شاملة على كافة الأصعدة لنرى سبب هذا التقصير المتواصل منا جميعا في نسيان وترك أبطالنا في السجون يخوضون المعركة لوحدهم دون أن تكون هناك على الأقل تحركات متواصلة وبعيدة المدى تكون هدفها بالمحصلة النهائية تحرير هؤلاء من سجونهم المظلمة مهما كان الثمن، أما دون ذلك فسنبقى نقول لكل أسير يرسل لنا باستغاثاته سمعنا وعجزنا والعجز في هذه المواطن من شيم أشباه الرجال.!

--
عبدالله قنديل
الناطق الإعلامي باسم جمعية واعد للأسرى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت