ايهاب عمل في دهان البوية حتى بداية شهر رمضان الفائت، وكان يتلقى مبلغ 100 شيكل في الاسبوع، وقبل ذلك عمل في مطعم شعبي للفول والفلافل مدة 14 ساعة في اليوم مقابل 25 شيكل في اليوم، وعمل كذلك في مطعم اخر في التنظيف والجلي، ولم تحتمل يداه الطريتان التي تشققتا من مواد التنظيف والكلور فترك العمل.
وعمل مدة ثلاثة ايام في الانفاق، ولم يحتمل العمل الشاق فيها، ليعود لوالده لبيع اكياس الشبس في الشوارع وعلى شاطئ البحر.
ايهاب شاب مثل باقي الشباب شعلة طموح وشعلة حيوية، وأمل وحب في الحياة كان يهتم بشكله وهندامه، له طموح بالدراسة وبناء مستقبله حتى في احلك الظروف، لكن ظروف والده السيئة اجبرته على ترك الدراسة مدة ثلاثة اشهر، وهو في التوجيهي لمساعدته في تربية اشقاؤه الاربعة وشقيقته الوحيدة.
وحسب ادعاء والدته عندما حاول العودة الى الدراسة رفضت الوزارة قبوله مرة اخرى للمدرسة من دون توضيح الاسباب.
ايهاب دمه في رقابنا جميعاً، بداية والده الموظف في السلطة ويتقاضى مبلغ 2100 شيكل، ولم يستطيع ادارة حياته بالشكل الذي تقوم جميع العائلات ادارة حياتها، وربما لأنه لم يستطيع تدبير شؤونه العائلية، وأعباء الحياة الصعبة اضطر للحصول على اكثر من قرض لتحسين شروط حياته، والتغلب على مصاعب الحياة، فقام بشراء سيارة ليعمل اضافيا، ولكن حظه العاثر اضطره لبيعها بنصف الثمن بعد حادث سير اصابها بأضرار بالغة، ما عقد حياته اكثر.
وما يتبقى له من راتبه ب200 شيكل عد سداد القروض ودفع بدل اجرة المنزل، لذلك يقوم بيع اكياس الشبس، واضطر ابنه لترك الدراسة ومساعدة والده في اعاشة العائلة.
ايهاب قبل اقدامه على اشعال النار في نفسه فقد الامل في الحياة، ولم يستطع التغلب على مصاعبها، ومساعدة والده، فقام بتوديع والدته وجدته عبر الاتصال بهن تليفونيا قبل اشعال نفسه بساعتين وابلغهن بأنه سيغادر هذه الحياة وسيكون في عالم اخر، ولم تشفع توسلات والدته وجدته بالعودة للبيت.
حياة ايهاب والفقر الذي يعانيه وعائلته تعانيه ألاف العائلات في غزة، وضيق الحال دفعه لمساعدة والده لكنه فشل في ذلك، وضعف لان قدرات الناس متباينة وتختلف من انسان الى اخر فقرر وضع حد لحياته.
نسب الفقر والبطالة في ازدياد والخناق يزداد على الناس خاصة فئات الشباب العاطلين عن العمل وعدم توفر فرص عمل لالاف اولياء الامور، وما يطرأ على ذلك من نتائج كارثية، وعدم قدرة الحكومة التي تتحمل المسؤولية عن خلق فرص عمل للناس، وتوفير الحد الادنى من الحياة الكريمة للناس الفقراء ومحدودي الدخل، وتفعيل نظام الحماية للناس.
مطالب الحياة كثيرة وكبيرة ولا تتوقف عند الطعام والشراب، فهي المسكن النظيف، والملبس والتعليم، والعمل والحياة الكريمة، وغيرها من التفاصيل التي لا تنتهي.
ايهاب دمه في رقابنا جميعا، حكومة وفصائل عاجزة، وشعب صامت على ما يجري من تدهور كارثي في حياتنا اليومية، وانحطاط في قيمنا وغياب التضامن والتكافل الجمعي الذي أصبح من الماضي الجميل، وتحمل المسؤولية الاخلاقية خاصة الحكومة التي تدير شؤون الناس، ومسؤوليتها عن توفير الحد الادنى من الحياة الكريمة وصون كرامة الناس.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت