احتجاجات الضفة ونهاية “اوسلو”

بقلم: مصطفى إبراهيم


الرئيس محمود عباس يرفض كل فكرة للانتفاض في وجه دولة الاحتلال، حتى الاحتجاجات الجارية في الضفة الغربية تصيبه بالرعب عندما يفكر ان الناس قد يتوجهوا لنقاط التماس، والتظاهر للاشتباك مع الاحتلال وسياساته المدمرة للفلسطينيين، وهو يدعي ان ذلك دمر القضية الفلسطينية وجلب الوبال على الناس.

هو يدرك أننا شعب تحت الاحتلال ويجب مقاومته بكل ما نملك من ادوات وأساليب، لكن هي قناعات الرجل وفريقه بعدم مواجهة دولة الاحتلال حتى بالاحتجاجات الشعبية السلمية التي يتغنى بها صباح مساء، والفرصة تلو الفرصة تأتي للرئيس والسلطة للانتفاض في وجه الاحتلال، فالناس يرسمون الاتجاه ويتجهون نحو الهدف المحدد، والرئيس لا يريد استغلال ذلك، لا سياسيا ولا اقتصاديا للضغط على دولة الاحتلال.

الاحتجاجات في الضفة الغربية على ارتفاع الاسعار والغلاء الفاحش والحياة الصعبة مست كل الناس، والمواطن هو من يدفع الثمن فلا زيادة في الاجور، ولا أي دخول اخرى يستفيد منه الناس، ولا دعم حكومي يخفف عن كاهلهم، وما ذنب الناس ان يكون سعر لتر البنزين هو نفس السعر في تل ابيب والذي يزيد دخل الفرد فيها عن نظيره في رام الله اضعاف، كل هذا سببه نحن واستمرارنا في التمسك بالاتفاقات المهينة الموقعة مع اسرائيل.

فمشكلاتنا سببها الاحتلال وسياسات السلطة الاقتصادية التابعة والخانعة، القائمة على اتفاق اوسلو ومشتقاته، باريس والغلاف الجمركي وغيرها من الاتفاقات المدمرة للاقتصاد الفلسطيني.

فالاحتجاج ضد سلام فياض ليس هو العنوان الوحيد في هذه الازمة وجميع الازمات الاقتصادية والمالية التي تعانيها السلطة، فياض مجرد منفذ لسياسات وبرنامج الرئيس والسلطة، وهو يقوم بذلك باقتدار وفق رؤيته، والوهم المعشش في رأسه ببناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال.

خطابات التسول الموجهة والباهتة، والتحذيرات الصادرة بلهجة الضعيف الذي يحاول ان يكون رب العائلة ولم ينجح، غير مجدية، والمؤتمرات الصحافية واللقاءات التلفزيونية والإذاعية لا تحل المشكلات العميقة القائمة والمعروفة اسبابها، والتي خطها الاسرائيليين باتقان قبل عقدين من الزمن، ها هي نتائجها.

الاحتجاج في وجه السلطة التي تحاول ان تلعب دور الضحية ولم تستطع اتقانها الدور، فهي المسؤولة امام الناس عن مشكلاتهم ومعاناتهم والاستخفاف بهم، ولم تنجح في اقناع أي طفل فلسطيني في قرية نائية لا تصله مياه صالحة للشرب.

فالدعوات الصادرة من بعض المسؤولين في القيادة الناصحين، أدعياء الحكمة والخبرة والمعرفة بعقد مؤتمرات اقتصادية مع مكونات المجتمع الفلسطيني من الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، هي كلام في الهواء، وحبوب ترمال مخدرة لم تعد مجدية، بعد ان ادمن الناس الوعي، ولم تجدي نفعا في تعميق وهم الناس الذين يدركون حجم الازمة وأسبابها ومسببيها.

وهم الدولة وبناء مؤسساتها تحت الاحتلال الذي يسيطر على مواردنا الطبيعية واستغلالها، ونحن لا نملك إلا اعادة استيراد منتجاتها، ويصدر لنا مشكلاته، وما يسمى اقتصاد فلسطيني هش وضعيف، في ظل عدم قدرتنا على التحكم بالأسعار بناء على سياستنا، وإسرائيل تتحكم في كل شيئ، تمنع التصدير وتستولي على المياه بالقوة، وتستغل الارض وتحرم المزارعين من تصدير منتجاتهم، وتسيطر على الطرق والسياحة، وتمنع التطور والاستثمار، والتنمية والتطور.

فكل الناس يشعرون بان ما يجري هو جراء الاستمرار في اتباع السياسات الاقتصادية الخاطئة والفساد والاقتراض من البنك الدولي والاعتماد الكلي على الدول المانحة، ومحاولة الاعتماد على الايرادات المحلية من ناس فقراء يعانون من البطالة وعدم تكافؤ الفرص بفرض الضرائب الباهظة التي اثقلت على الناس.

والمضحك هو بيع الهم والوهم للناس والحديث عن تكليف بعض المسؤولين الطلب من اسرائيل فتح الاتفاق الاقتصادي وبروتوكول باريس لتعديله، وكأننا اكتشفنا القمر من جديد، الاجدى هو عدم تجزئة القضايا والطلب بتعديل اتفاق باريس، إنما المطلوب اعادة النظر في اتفاق اوسلو وجميع الاتفاقات المؤقتة والتي انتهت عملياً، والدعوة لمؤتمر اقتصادي وغيرها من الدعوات المهدئة لا تضع حلول، الاولوية هي عقد مؤتمر وطني يشارك فيه الكل الفلسطيني لوضع استراتيجية وطنية لتحديد المسار.


جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت