رام الله – وكالة قدس نت للأنباء
رفض محتجون فلسطينيون القرارات التي أصدرتها الحكومة الفلسطينية برئاسة د. سلام فياض في أعقاب إجتماع مطول عقد في مقر رئاسة الوزراء برام الله وذلك تلبية لمطالب المحتجين الفلسطينيين الذين خرجوا بتظاهرات إحتجاجية رفضاً لسياسة الغلاء في الأسعار التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، في وقت يعتزم الرجل الذي تصفه أوساط إقتصادية بأنه أنقذ السلطة الفلسطينية من الإنهيار في أعقاب القتال الدامي الذي شهده العام 2007 بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة الإستقالة فور الإنفراج المالي للأزمة التي تمر بها السلطة .
ويقول مقربون من الرجل في تصريحات خاصة لـ" وكالة قدس نت للأنباء" إنه تفاجأ من حجم الإنتقادات الداخلية لسياسة حكومته على الرغم من حالة الإنفراج الإقتصادي التي شهدتها الأراضي الفلسطينية منذ تسلمه رئاسة الحكومة بتكليف من الرئيس محمود عباس، فيما إشتكى فياض للرئيس أبو مازن من موجة الإنتقادات اللاذعة التي شنها ضده قادة كبار في حركة فتح ومقربين من الرئيس أبو مازن.
وتوقع المقربون من فياض " أن يقدم الرجل إستقالته دون رجعة عن قراره، بعد الإنفراج المالي للسلطة ودفع مستحقات الموظفين وشركات القطاع الخاص، مرجحة " أن يكون ذلك حتى مطلع الشهر القادم أي قبل الإنتخابات البلدية المزمعة في أكتوبر القادم.
قدم ما يمكن أن يقدمه...
ويقول مختصون في الشأن الإقتصادي الفلسطيني في إستطلاعات للرأي حول القرارات الأخيرة التي صدرت عن الحكومة " إن رئيس الوزراء قدم ما يمكن أن يقدمه للخروج من الأزمة الراهنة وخشية من تدهور الأوضاع وإندلاع مواجهات لا تحمد عقباها بين المحتجين وأجهزة الأمن، وحفاظاً على المقدرات الإقتصادية للشعب الفلسطيني التي حافظت عليها الحكومة طيلة فترة عملها منذ عام 2007. "
ويضيف المختصين " بأن رئيس الوزراء إستطاع تقديم حلول في وقت تشهد خزينة السلطة إفلاساً شبه حقيقي، في ظل العجز المالي الذي تعاني منه السلطة، نظراً لعدم إلتزام الكثير من الدول العربية والأوروبية من تحويل مستحقات السلطة من مساعدات وإلتزامات وفقاً للإتفاقيات والتعهدات العربية بمساعدة السلطة شهرياً بمبالغ تستطيع من خلالها تسديد فواتير مستحقة على السلطة خاصة في ظل الأوضاع الراهنة.
وأرجع المختصين ما شهدته الأراضي الفلسطينية لسياسة الضغوطات الإقتصادية على السلطة الفلسطينية خاصة الرئيس محمود عباس من أجل التراجع عن قراره التوجه إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة لإنتزاع إعتراف أممي بالدولة الفلسطينية وأيضاً رفضه المطلق العودة إلى مسار التفاوض مع إسرائيل دون شروط.
التراجع عن قراره التوجه..
وفي أعقاب صدور القرارات الحكومية من رام الله، خرج مئات الشبان الفلسطينيين محتجين على تلك القرارات، فيما وصف محللون " بأن فياض قدم أنصاف حلول من شأنها زيادة الإحتقان الداخلي الفلسطيني، وتصاعد الإحتجاجات التي قد تنذر بدخول الأراضي الفلسطينية في فوضى عارمة لا تحمد عقباها.
وكان رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض اعلن في مؤتمر صحفي، يوم الثلاثاء، عن جملة من الإجراءات التي من شأنها التخفيف من عمق الأزمة الراهنة، ومنها: صرف نصف راتب شهر آب، وبما لا يقل عن ألفي شيقل يوم الأربعاء، وتقليص إضافي في نفقات الوزارات والمؤسسات الحكومية، باستثناء وزارات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية.
إضافة إلى تخفيض ضريبة القيمة المضافة إلى 15% اعتباراً من 1/10/2012، وإعادة أسعار كل من الديزل والكاز وغاز الطهي إلى ما كانت عليه في نهاية شهر آب اعتباراً من يوم غد، وتشديد الرقابة من قبل وزارة الاقتصاد الوطني لمنع الاستغلال والارتفاع غير المبرر في أسعار السلع الأساسية، واستكمال الحوار بشأن الحد الأدنى للأجور بما يفضي إلى تحديده في موعد أقصاه 15/10/2012، ودفع كافة الاستردادات الضريبية لقطاع الزراعة خلال أسبوعين وإعطاء الأولوية للمعاملات المستقبلية التي تخص هذا القطاع.
دعوة للفصائل بدعم هذه القرارات...
أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ، دعمه للقرارات التي اتخذاها الحكومة الفلسطينية والتي تمت بناء على تعليماته.
ودعا أبو مازن الفصائل الفلسطينية كافة إلى دعم هذه القرارات واستمرار توجه البوصلة الفلسطينية باتجاه استحقاق عضوية دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف في الأمم المتحدة، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته الاستيطانية وخنق الاقتصاد الفلسطيني، ومصادرة الأراضي، وسرقة المياه، وهدم البيوت، وعدم الإفراج عن الأسرى، وتدمير مبدأ الدولتين على حدود1967.
"ضحك على الذقون"...
واعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية, أن الإجراءات التي أعلن عنها فياض للتخفيف من عمق الأزمة الراهنة هي مجرد "ضحك على الذقون".
وقال عبد العليم دعنا أحد قيادات الجبهة الشعبية في محافظة الخليل في تصريح لـ "وكالة قدس نت للأنباء", أن التنازلات التي تحدث عنها فياض ليست تنازلات كلية بالنسبة للمطالب الفلسطينية, ومنها على سبيل المثال أن الضريبة كانت في السابق 14.5% وتقرر رفعها إلى 15.5% أي 1% زيادة واليوم تخفيضها إلى 15% فقط.
وأشار إلى أن كافة الإجراءات التي تحدث عنها اليوم فياض هي غير كافية, لافتاً إلى أن تخفيض سعر المحروقات من الديزل والكاز وغاز الطهي ما عدا البنزين مع العلم أن أكثر ما يتم إستهلاكه هو البنزين ولذلك فإن تلك التخفيضات هي بمثابة "ضحك على الذقون".
وشدد دعنا على ضرورة أن يتم إرجاع كافة الأسعار إلى ما كانت عليه قبل الإرتفاع بالضبط ودون أي تغيير, مطالباً فياض بسياسة إقتصادية تخدم الشعب الفلسطيني, ولا تخدم أجندات الدول الخارجية الداعمة.
ودعا إلى إتباع سياسة واضحة لأبناء الشعب الفلسطيني لا سياسة رفع الأسعار والضرائب, وإلى مغادرة إتفاقية باريس الإقتصادية الجائرة بحق الفلسطينيين لأن "ما تفعله بنا هذه الإتفاقية هو مبرراً كافياً لإلغائها على الأقل لأنها تأتي فقط لمصلحة إسرائيل."