الشعب الفلسطيني يعيش ازمات متلاحقة في الآونة الاخيرة ازمات اقتصادية وسياسية واجتماعية ، ولعل باب الأمان للخروج من تلك الازمات هي الانتخابان الفلسطينية ، فالديمقراطية ليست حكم الشعب للشعب فقط ، بل هي عملية ممارسة ، فالجميع يتحدث بالديمقراطية سلطة وأحزاب وجماهير ، ولكن قبل الحديث عن الديمقراطية لابد وأن نعي ايضا بجانب المصطلح الذي نتداوله في حياتنا السياسية ، ثقافة الديمقراطية لابد أن تتأصل في الشعب فالديمقراطية تعلم وممارسة .
نجد في المعترك السياسي ما بين الاحزاب الفلسطينية ، الكل يتحدث بضمير الأمة والشعب وأنه صوت الشعب ، مع أن هذا الشعب آن له أن يقول كلمته وأن يختار من يحكمه ويمثله في مؤسسات السلطة الفلسطينية ، فمنذ قيام السلطة الفلسطينية الى يومنا هذا ، لم يختار الشعب الفلسطيني قيادته إلا مرتين ، صحيح هناك تقدم في الوعي ولكن يسير على قدم وساق . ففي الانتخابات الأولي لم يكن أحزاب لها ثقل ووزن على الساحة أمام حركة فتح ، أما بالانتخابات الثانية ، كان هناك عدة أحزاب لها وزنها وتاريخيها النضالي ، وهذه الاستراتيجية للتغير في موقف الاحزاب لها معطياتها التي لا مجال لسردها. ولكن السؤال المطروح اليوم هل الرأي والرأي الأخر والمعارضة تعمل في المسار الصحيح ؟
لعل الانتخابات الثانية أفرزت نتائج ليست في صالح الاحزاب السياسية ، فالمبادرة والطريق الثالث قد حصلت على مقاعد لم تتحصل عليها أحزاب سياسية ، فالشعب يختار وله حق الاختيار فلماذا نتحدث باسم الشعب وهذا الشعب مسلوب الإرادة في حقه الديمقراطي والسياسي .
فالمعارضة لابد وأن تعمل في مسارها الصحيح ، تقويم الخطأ من خلال برامجها التطلعية الناقدة لعمل ومسار الحكومة ، من أجل نفع الشعب والأمة ، ليس فقط معارضة من أجل المعارضة ، ما اقدر المعارضة الصينية في هذا المجال فهناك مؤتمر عام يضم كافة القوي السياسية والتي تقوم بطرح برامجها ويتم اختيار الافضل من أجل الدولة الصينية حتى لو كانت برامج للمعارضة . هذا عمل المعارضة من خلال برنامج متكامل ، ليس المعارضة هي كلما لا . فالنخب والأحزاب السياسية لابد وأن يكون لها نظرة ثاقبة ، في كل المجريات على الساحة الفلسطينية ، وأن تقدم رؤية وبرنامج للحلول من الازمات التي تمر بها الدولة . ولعل دولة تقبع تحت الاحتلال وتقارعه ليلا نهارا ، لا تحتاج للكم الهائل من الوزراء في غزة والضفة ، بل تحتاج لمجلس وطني يضم كل الاطياف السياسية ، من أجل تحديد برنامج عمل متفق علية ويحظى بالقبول العام ، في كافة القضايا الأساسية يعطي اقتراحات وبرامج شاملة للوزارة المنتخبة من قبل الشعب كي تستفيد منها وتقوم بتنفيذ ما ينسجم مع متطلبات المرحلة المقبلة . أما القضايا المصيرية ، فمن حق الشعب أن يقول كلمته من خلال الاستفتاء .
التداول السلمي ووجود احزاب في السلطة وعمل الحكومات الائتلافية ، لا بد وأن يأخذ شكلاً عملياً مبني على مصلحة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، ليس كما شاهدنها في الحكومة الحادية عشر ، ولابد وأن نستفيد من تلك الدروس حتى لا نختلف من أجل الاختلاف وفي هذا الصدد يقول فولتير ( الخلاف الطويل يعني أن كلا الطرفين على خطأ ) . فكيف لنا أن نخرج الأزمات المتلاحقة على الساحة الفلسطينية؟
من خلال اختيار الشعب الفلسطيني لمن يمثله ، فمضمون الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب ، فلابد من عمل انتخابات رئاسية وتشريعية في آن واحد ، وهنا يكون الشعب قد اختار من يمثله لحل كافة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفها الانقسام والتمزق الفلسطيني .
فالشعب لو انتخب بعد اربع سنوات لما خرج في شوارع الضفة ولما قدم انتقاداته في غزة ، لأن الانتخابات هي قرار الشعب لمن ينجح في برامجه وفي تقديم الحلول اللازمة لهذه الأزمات ، إن هذا الحزب أو ذاك إذ لم ينجح في تقديم الحلول لتلك الازمات ولم يقم ببرامجه التي انتخب على اساسها ، فلن يختاره الشعب ويضع الثقة فيه مرة أخري ، وبهذا نكون قد حققنا تداول السلطة بشكل سلمي وسليم .
فالشعب يستطيع اختيار ممثليه في الرئاسة والبرلمان والذي تتشكل الحكومة من خلاله ، وهذا يعني حينما لا تنسجم خطط وبرامج الحكومة والرئاسة مع الشعب يستطيع الشعب تغير ذلك بشكل سلمي وعلى اسس سلمية من خلال التداول السلمى للسلطة ، مع تنامي دور المعارضة فإن لم يكن لها برامج ريادية وقادرة على مواصلة نضالها فلن يكترث لها الشعب ولا يسمع منها ، فهناك احزابا كانت بمراتب قيادية وتراجعت بسبب برامجها السياسية التي لم تعد تتماشي مع متطلبات الشعب . الخروج في الشوارع وطلب فياض بالرحيل ، وكذلك تسليم السلطة والمسميات من انقلابات وحسم وغيرة نحن في غنى عنها وعن الخروج الى الشارع مطالبين برحيل فلان وعلان ، فالصندوق هو خيارنا لمن ننتخبه فقط للمدة القانونية ، وإن لم يستطع تقديم برامجه فموعدنا بعد اربع سنوات وفي نفس الصندوق ، هكذا نفهم الديمقراطية والتغير من أجل الشعوب والعمل من أجلها وتقديم كل ما بوسع الناجحين في الانتخابات ، فالمخرج الاساسي للازمة حل كافة القضايا العالقة بدئا بالأزمة السياسية والاقتصادية والانقسام ووصولا إلى حل القضايا الاجتماعية الراهنة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت