في الفترة الأخيرة كثر السب والشتم والقذف على السلطة والتجريح في القيادات، وكثر الحديث عن أسباب قيام السلطة الوطنية، وحاول البعض وخاصة من يدعون الثقافة إشاعة جملة من الأفكار التي تسوق مع طرح الاحتلال ومنها أن السلطة مشروع أجنبي جاءت به إسرائيل عبر أمريكيا إلى الأراضي الفلسطينية ضمن مخطط محدد تديره أيدي فلسطينية على حساب المصالح الوطنية وغيره من الكلام المسموم، حتى وصل الأمر إلى أن صحفية معروفة لقناة فضائية مشهورة توجه سؤال خلال مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء سلام فياض بالقول إلى متى السلطة ستبقى غطاء للاحتلال، هنا استوقفني هذا السؤال وطريقة طرحة في المؤتمر الصحفي ومن صحفية فلسطينية مشهورة سواء أكان بحسن نية أو بأخرى، وإن كنت في حقيقة الأمر أعتبر طرح مثل ذالك السؤال في هذا الوقت بالذات وفي ظل موجة الاحتجاجات التي تسود مدن ومحافظات الضفة لم يكن موفقا على الإطلاق، ويضع علامات استفهاف حول تلك القناة الفضائية ودورها في تغطية تلك الاحتجاجات، وفي نفس الوقت لا أريد أن استبق الأمور ولكن تبقي مع مرور الوقت نقطة في سطر ساطع.
ومع ذلك جاء رد الدكتور سلام فياض بحنكة سياسية وذكاء عندما قال أن السلطة أداة نضالية وطنية جاءت بعد تضحيات جسيمة قدمها الشعب الفلسطيني ولم تكن ولن تكون غطاء للاحتلال وإنما أداة نضالية للوصول الى الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي التي احتلت عام 67 وعاصمتها القدس الشريف، وأن دور السلطة يتركز على نقطتين، الاولى توفير مزيد من مقومات الصمود للشعب الفلسطيني، والثانية الاستمرار في اداء دورها النضالي، باعتقادي أن هذا الرد من قبل رئيس الوزراء يحمل في طياته جملة من الرسائل الوطنية لمن يريد أن يفهم بعيدا عن التناقضات والتجاذبات السياسية، وعلينا أن لا نفقد هذه الأداة وإلا سنرجع إلى مربع المجهول، والمطلوب أن نحافظ ونتمسك بهذه الأداة في ظل النفاق السياسي العالمي حتي تحقيق أهدافنا المشروعة، وهكذا يجب أن تبقي السلطة الوطنية !
وإذا كان تأسيس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يعتبر من نتائج اتفاق أوسلو بين المنظمة وإسرائيل والتي كان يعول عليها أن تكون نواة الدولة المستقلة على أرض فلسطين، حيث كانت مشروع وطني بامتياز يحسب للزعيم الراحل ياسر عرفات الذي أراد أن يثبت حقوق الشعب الفلسطيني على الأرض، ودفع حياته غاليا من أجل ذلك، وانتقلت المعركة من الساحات الخارجية وبعيدا عن المضايقات إلى ساحة الداخل، وبقي الشعب هو صاحب الخيار الأول والأخير، ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب وبعيدا عن سياسة الاحتواء من الدول العربية وغيرها التي أرادت أن تبقي القضية الفلسطينية ورقة سياسية في يدها تحركها كيفما تشاء، ولكن حنكة الزعيم الراحل ياسر عرفات وإصراره على العودة إلى أرض الوطن وبناء المؤسسات واستيعاب أبناء شعبنا في تلك المؤسسات في إطار الوحدة والتلاحم، وفي المقابل أعاد خيار المقاومة الى صدارة الحلول المطروحة، ولما فرض الحصار على ياسر عرفات، ولما وصلت حماس إلى المشاركة في الانتخابات التشريعية، ولما فرض الحصار على غزة، ولما الهجمة الإسرائيلية الشرسة على الأراضي الفلسطينية في الضفة ومقدساتنا والأقصى، وسياسة التهويد وسلب الأرض وبناء المستوطنات وآخرها تهديد شخص الرئيس أبو مازن وقطع المساعدات عن السلطة، والضغوطات الدولية على قيادة السلطة للتراجع عن تقديم طلب نيل عضوية فلسطين في الأمم المتحدة.
وعليه يجب أن تبقي السلطة أداه وطنية نضالية في وجه الاحتلال، فنحن بحاجة إلى إنهاء الاحتلال، لأننا بحاجة للعيش بكرامة في كنف دولة مستقلة، وإلى أن يتحقق ذلك هناك صعوبات وتحديات كبيرة ، وعلينا ان نصغي جيدا لبعضنا البعض ونتفهم هذه الأوضاع بأفق واسع المجال بعيدا عن الوعود المستحيلة وعدم الخلط في المفاهيم، وأن نحافظ على مقدراتنا وانجازاتنا وإنهاء الانقسام، وضرورة قيام الدول العربية بدعم السلطة حتى تقوم السلطة بأكمل واجباتها تجاه المواطنين، وشعبنا الفلسطيني عاجلاً أم آجلاً سيقول كلمة الفصل باللغة التي يفهمها الآخرون وشمس الحقيقة لا تغطي بغربال .
بقلم / أ.رمزي النجار
باحث وكاتب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت