ماذا يجري في منطقتنا

بقلم: أكرم أبو عمرو


يبدو أن مصطلح العمل العربي المشترك أصبح من الماضي بعد أن بدأ في التلاشي والذهاب بعيدا عني قاموس السياسة العربية ، والسبب في اعتقادي فشل الجامعة العربية وهي المؤسسة التي وجدت لتحقيق الأهداف التي تأسست من اجلها ، فلا تعاون عربي مشترك ولا عمل عربي مشترك ولا سياسة عربية مشتركة ، ولا سوق عربية مشتركة، وفي النهاية الحدود مازالت مغلقة وتعامل بالمثل ، والنتيجة محاور تشكلت ومحاور أخرى تحت التشكيل ، والفوضى كبيرة ، ناهيك عن البعض الذي بزغ نجمهم آملين أن يكونوا خلفاء العصر مرتدين قبعات رعاة البقر الامريكببن وجلباب الصحراء ، واعتقد إننا في البداية لان القادم مستورا رغم خطورته .
ما يدفعنا لهذا الاعتقاد ما صرح به مهندس السياسة الأمريكية في فترة سابقة السيد هنري كيسنجر عندما أشار إلى أن إسرائيل سوف تحتل نصف المنطقة في الحرب القادمة التي يعتقد انه قريبة ، وفي هذا السياق قال إن أمريكا في حاجة لاحتلال 7 دول نفطية تبدأها بإيران لتامين موارد النفط ، كلام عندما تقرأه منقولا من شخص مثل كيسنجر ، فلا بد من الوقوف عنده بكل جد ، وتقول هل بدأ العد التنازلي لإعادة تقسيم الدول العربية بعد احتلالها إسرائيليا وامريكيا ، وهل نحن في انتظار سايكس بيكو جديد ، نعم فربما هناك مخططات لإعادة تشكيل المنطقة العربية ، بعد أن اطمأن أعداء الأمة إلى الحال التي وصلتها ، ففي العقدين الأخيرين تم تحييد العراق الذي وقف دوما حارسا أمينا للبوابة الشرقية للوطن العربي ، بل إزالته من خريطة الصراع ليغوص في وحل الصراعات الداخلية العراقية ، وهاهي المخططات نفسها تسير لإخراج سوريا أيضا من نفس الخارطة وإغراق سوريا في آتون الصراعات الداخلية ليخلو المشهد السياسي العربي من اكبر دولتين لعبتا دورا كبيرا في وحدة وتماسك العالم العربي في وجه الأطماع الأجنبية، بعد أن تم تحييد اكبر دولة عربية ولو مؤقتا فترة طويلة من الزمن دامت نحو ثلاثين عاما ، في الوقت الذي يرقبون فيه ما يسمى بثورات الربيع العربي قي تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن ومناطق أخرى مرشحة لتنضم إلى هذه الثورات .
في اعتقادي أن تصريحات هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق وصاحب سياسة الخطوة خطوة في حل صراعات الشرق الأوسط خاصة الصراع العربي الإسرائيلي ، ما هي إلا بداية تكشير الوحوش الضارية عن أنيابها وإخراج ألسنتها عندما تشتم راحة صيد ثمين لتبدا في التحفز والمراقبة يمينا وشمالا استعدادا للانقضاض على هذا الصيد ، فما بالك إذا كان هذا الصيد يعاني من الضعف والهزال بما لا يمكنه من الإفلات من الافتراس .
هذا هو حال عالمنا العربي اليوم ، لم يشهد تشرذما وضعفا بهذا الشكل منذ نحو سبعين عاما ، إذ أصبحت كلمة العرب والعروبة لا تعني شيئا عند الغالبية العظمى من أبناء العروبة المنسية ، لتحل محلها مصطلحات التجزئة والتمييز .
يدرك أعداء الأمة أن الوقت ربما حان لتنفيذ مخططاتهم للسيطرة على موارد الأمة التي كبرت وتضخمت ولم يتم استغلالها حتى الآن فيما ينفع العرب في حياتهم ومعيشتهم، حيث أغفلت تماما خطط ومشاريع التنمية الإنتاجية في مجالات الزراعة والصناعة ، وانصرفوا فقط لبناء بعض المباني الشاهقة الارتفاع للدخول بها موسوعة جينز للأرقام القياسية ، أما بناء الإنسان العربي فقد ترك للفضاء العالمي يتلقى فيه المواطن العربي ما يتلقى من أمور تتنافى مع تاريخه ولغته وعاداته وثقافاته ودينة .
ويدرك أعداء الأمة بل يرون بأم أعينهم كيف أن نيرانا عربية تشتعل في مناطق عربيه في طريقها لان تأكل بعضها بعضا ، وإلا ماذا يعني وجود الايادى العربية في مشكلات عربية حيث كانت الأيادي العربية في العراق ،وها هي في سوريا ، وفي ليبيا ، وليس بعيدا في مصر من طرف خفي ، لان هذه الأيادي إنما تهدف إلى خدمة أجندات خاصة هدفها تفكيك وتمزيق الأرض العربية تسهيلا لالتهامها تحت دعاوى كثيرة أهمها الثورة على ظلم الحكام ومحاربة الاستبداد والدفاع عن حقوق المواطن العربي في هذه المناطق ، تضخ الأموال ويضخ السلاح بمباركة هولاء الأعداء المتربصين بالأمة لتهيئة الظروف الملائمة لإعادة تقسيم البلاد العربية فيما بينهم وعودة رزوح الشعوب العربية تحت الاحتلال ولكن بثوب جديد ، ثوب الحرية والديمقراطية.
بعد كل هذه الشواهد الم تدرك الشعوب العربية التي أطلق لها العنان في مناطق ولم يطلق لها العنان في مناطق أخرى للغضب من الاساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، الم يحن لهذه الشعوب أن تغضب لما يجري في الأرض العربية ، وان تغضب لما يخطط لهذه الأمة ، الم تلاحظوا كيف أن بابا الفاتيكان قد وقف غير بعيد عنكم ليبارك هذه الخطط تحت اسم مناصرة وتأييد الشباب .أرجو أن يكون شباب الأمة وأملها قادرين على أبطال هذه المخططات


أكرم أبو عمرو
16/9/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت