نعم تخطئ حركة حماس، ولها من الأخطاء ما يشار إليه بالبنان، وما يتحدث فيه الناس في قطاع غزة على طول الشوارع وعرضها، وسأسجل هنا ثلاثة أخطاء يجهر فيها الناس بلا وجل، ولكن لا صدى لصوتهم. وسأشير في النهاية إلى أيجابية.
أولاً: تخطئ حركة حماس حين تترك الشوارع بلا شرطة مرور فاعلة، أو بلا ضابط مروري، فالشوارع تتخبط بالمركبات على حل شعرها، فلا يعرف المواطن هل قطاع غزة يعيش القرن الواحد والعشرين، مع سيارات موديل سنة 2012، أم أن قطاع غزة ما زال يعيش في القرن التاسع عشر، وتتزاحم في شوارعه مركبات موديل 1960، لتنبعث رائحة العوادم القاتلة في كل مكان، فلماذا لا يصير ذبح كل السيارات القديمة حتى موديل 1990، طالما باب الاستيراد من مصر ومن إسرائيل مفتوح على مصراعيه؟! وطالما ظلت الشوارع الرئيسية داخل المدن على ضيقها منذ زمن الانتداب البريطاني؟
لماذا لا تزال شوارع قطاع غزة ملكاً للفوضى؟ فالتجاوز يصير عن اليمين، بينما تسير كل المركبات في قطاع غزة باتجاه الشمال، حتى أن عربة الحمار تأخذ خط الشمال، وعلى كل السائقين أن يتدبروا أمرهم، فلا مرجعية للحمار، ولا قانون سير يضبط خطواته، ويحدد له السرعة القصوى، فتراه يحمل مطارق الحديد بطول تسعة متر، وعلى الجميع أن يأخذ حذره.
لماذا يصر سائق تاكسي الأجرة أن يقف في وسط الطريق، ليأخذ الراكب، ويترك من خلفه عشرات السيارات تنتظر حتى يكمل تحميل الركاب، ثم يسمح لهم بالمسير، فإن اعترض أحدهم عليه، صرخ بعصبية: لماذا أنتم مستعجلون؟ ماذا وراؤكم من أعمال؟ من لا يعجبه الحال، يفك الحصار عن قطاع غزة، ويوفر لنا فرصة عمل؟
فما علاقة الحصار بالنظام والقانون والأخلاق والآداب العامة على الطرقات؟ ما علاقة الاحتلال الإسرائٍيلي بالذوق، وحسن التصرف، واحترام الغير؟ وأين القانون؟ وهل القانون ينزل مع المطر، أم أن الحكومة هي صاحبة الحق والصلاحية في فرض القانون على الصغير والكبير، ومن لا يعجبه القانون ليرحل إلى حيث ألقت رحلها.
ثانياً: تخطئ حركة حماس حين تتعامل برقة ودقة مع الباعة المتجولين الذين يغلقون الشوارع، ويضيقون مفاصل الطرق، ويحشرون المارة في أضيق المسافات، فحركة حماس هي المسئولة عن كل صغيرة وكبيرة في قطاع غزة، وهي المسئولة عن البلديات والشرطة والدفاع المدني، وعليها أن تقوم بواجباتها، وأن تتابع كل رئيس بلدية في موقعه، وكل مدير شرطة، وأن تحقق للمواطن حرية التنقل على الطرقات دون إعاقات.
ثالثاً: تخطئ حركة حماس حين تترك المزارعين في قطاع غزة، المزارعون هم عصب الحياة الخضراء، تتركهم حركة حماس بلا أدنى مسئولية عن مصيرهم الزراعي، ولا تقدم لهم أي تعويضات عن الخسائر المادية التي تلحق بهم، وكأنهم ليسوا جزءاً مهماً من الوطن.
تلك الأخطاء لا تمنعني من الإشادة بعدم سماح حركة حماس لأي طالب بأن يدخل إلى كلية الشرطة هذا العام؛ إلا بعد اجتياز الاختبارات العملية، وقد فشل في اجتيازها ابن الدكتور محمد عوض نائب رئيس الوزراء السابق، ولم يغن عنه مقام والده شيئاً، وفشل في اجتيازها ابن مدير شرطة القرارة، ولم ينفعه خدمة والده في حقل الشرطة شيئاً، وآخرون من أمثالهم. إن في هذه الشفافية لعبرة لكل فلسطيني عاقل أمين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت