"الكاريكاتير" .. ريشة بسيطة جسدت معاناة وأمل الفلسطينيين

غزة- وكالة قدس نت للأنباء
يمتلك رسامي الكاريكاتير القدرة على النقد بما يفوق المقالات والتقارير الصحفية أحياناً التي يكتبها اعتى الصحفيين وأكثرهم دقه، حيث لعب الكثيرين من هؤلاء الفنانون دوراً كبيراً في تجسيد واقع كل مراحل وحلقات وتفاصيل القضية الفلسطينية برسوماتهم الساخرة، ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي أصبح إمكانية التواصل بين المواطنين وبين الرسوم الكاريكاتيرية أكثر سهوله، وأصبح بالإمكان النشر بدون اللجوء إلى وسائل الإعلام التي بغالبها تخضع لمعاير خاصة في سياستها، وهنا لابد أن نتساءل إلى اى مدى استطاع فنانين الكاريكاتير الفلسطينيين تجسد هذا الواقع المليء في التفاصيل .

وترى رسامة الكاريكاتير أمية جحا، أن هذا الفن الساخر هو أحد الأدوات المهمة التي استخدمت في تجسد واقع القضية الفلسطينية منذ بدايتها، موضحه أن فنان الكاريكاتير هو إنسان وجزء من الشعب ويعيش كل ما يعانيه الشعب ويحمل نفس الهموم فيجسد من خلال الموهبة هذا الواقع .

وتضيف أمية في حديث لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" طارق الزعنون، أن فنانين الكاريكاتير كان لهم بالغ الأثر في تجسد عمليات التهجير التي تعرض لها الشعب الفلسطيني بجانب قضية الأسرى داخل السجون الإسرائيلية والاستيطان، وقضية القدس واللاجئين والمفاوضات والمقاومة وجدار الفصل العنصري وحصار قطاع غزة , وتعدي ذلك لنقد السياسي للفصائل الفلسطينية وجسد واقع الانقسام وما ترتب عنه والمواقف العربية والدولية تجاه القضية الفلسطينية، والقضايا الاجتماعية مثل قضية الكهرباء وتلوث المياه والغلاء المعيشي وغيرها من القضايا الهامة .

وتوضح بأن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي مثل "الفيس بوك"و "توتير" أسس لعلاقة جديدة بين الرسوم الكاريكاتيرية وبين المواطنين، فساعد على إعطاء دور جديد وقيمه فنيه لهذا الفن من خلال التعليقات التي يكتبونها المواطنين أسفل الصورة , فأضاف لهذا الفن قيمه جمالية جديد وأصبح ذو فعالية أكثر من اى وقت مضي .

وتتابع" رسام الكاريكاتير الفلسطيني لم تقصر ريشته يوماً في نقل ما يعانيه المواطنين، بل تعد هذه المرحلة واستطاع أن يتنبأ في قضايا كثيرة وما ذلك إلا دليل إبداع رسامين الكاريكاتير الفلسطينيين مستذكره " ناجي العلي " ورسوماته التي رسمها وبقت تحاكي واقعنا الذي نعيش حتى اليوم ".

وتقول"أن هذا الفن يتطلب من ممارسيه أن يتميزوا في الثقافة العالية، والقدرة على لمس واقع القضايا بعمق ويتمتع بتحليل الأمور، وان يكون لديه القدرة على الرسم فالحركة لها دلاله والكلمة لها معنى والأسماء والألوان المستخدمة تشير بدلالات معينة , وان يكون مطلع على الرسومات الغربية وثقافات الحضارات الأخرى .

وتشير " أمية " أن الغرب حاول كثيراً استهداف الرموز الإسلامية بالرسوم الكركاتيرية الساخرة بهدف تشويه الإسلام والرسول "محمد علية الصلاة والسلام " لإدراكهم بأن هذا الرسم قادر على التأثير وإثارة القضايا في الرأي العام مطالبة كل الرسامين الفلسطينيين والعرب برد على تلك الرسومات.

وختمت أن الرسم الكاريكاتير يعتبر بمثابة أرشيف فني لكل القضايا التي يعيشها الإنسان قائلة " نحن نكتب التاريخ في رسوم كاريكاتيرية وفلسطين محور القضايا العربية ولازماً علينا أن نجسد وقعها للعالم " .

ويعد فن الكاريكاتير فن قديم، كان معروف عند المصريين القدماء، والآشوريين، واليونانيين. فأقدم صور ومشاهد كاريكاتيرية، حفظها التاريخ، تلك التي حرص المصري القديم على تسجيلها، على قطع من الفخار والأحجار الصلبة، وتشمل رسوماً لحيوانات مختلفة، أُبرزت بشكل ساخ .

وكلمة الكاريكاتير اسم مشتق من الكلمة الإيطالية "كاريكير" (بالإيطالية: Caricare)، التي تعني " يبالغ، أو يحمَّل مالا يطيق حيث ظهر أول رسوم كاريكاتيرية مهمة في أوروبا خلال القرن السادس عشر الميلادي , وكان معظمها يهاجم إما البروتستانتيين وإما الرومان الكاثوليك خلال الثورة الدينية التي عرفت بحركة الإصلاح الديني.

ومن أشهر رسامي الكاريكاتير الغربيين جورج كروك شانك، وجيمس جيلاري، وتوماس رولاندسون، أما العرب ناجي العلي وعماد حجاج وأحمد حجازي ويونس البلوشي وغيرهم الكثيرين .

وأميّة جحا هي رسامة كاريكاتير فلسطينية، ولدت بمدينة غزة بتاريخ 2 فبراير 1972م، حاصلة على جائزة الصحافة العربية لعام 2001 , وهي عضو في جمعية ناجي العلي للفنون التشكيلية في فلسطين.