حالة من الإحباط العام تعيشها جماهير حركة فتح ، خاصة في قطاع غزة ، هذه الحالة ليست جديدة ، بل هي حالة متجددة كلما تجدد الحديث عن تكليفات جديدة لقيادة الحركة ، والتي تنظر لها الجماهير بأنها عبارة عن تغيير مسميات وأشخاص ، هروباً من القضية الأساسية وهي الفشل الذريع لقيادة الحركة ولجنتها المركزية في استعادة دور الحركة الطبيعي جماهيرياً وتنظيمياً .
تغيير الأشخاص ليست هي القضية الأساسية ، بل أن هناك عدد كبير من القضايا التي يستوجب النظر لها بصورة عاجلة ، والعمل على اختيار الأشخاص الذين يستطيعون حل هذه القضايا ، وأهمها الحالة الجماهيرية التي فقدتها الحركة بشكل عام في قطاع غزة ، فالحالة الجماهيرية والتنظيمية والتفاف الجماهير حول الحركة هو عنوان النجاح الأول والأخير ، وحل مشاكل أبناء فتح وقضايا المجتمع هو عنوان آخر للنجاح ، وتغيير طريقة العمل بما تتطلع له الجماهير هو أيضاً عنوان مهم للنجاح .
جماهير فتح فقدت الثقة في المؤسسة التنظيمية بشكل عام ، حيث انتظرت بعد المؤتمر السادس القيام بثورة تصحيح شاملة لكل المؤسسات الحركية ، بما يحقق طموحات القاعدة التنظيمية ، وفقاً للمستجدات الحاصلة على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية ، كما أن الجماهير فقدت الثقة في معظم الشخصيات التي تتناوب على قيادة التنظيم من أعلى الهرم وصولاً إلى قيادة المناطق والأقاليم .
هناك عشرات الشكاوى من المواطنين ، هناك فجوة بين نواب التشريعي وبين الجماهير ، فجزء من نواب التشريعي عن كتلة فتح لا يتعاطون مع المواطنين بالشكل المطلوب ، وهناك حالة تعالى واضحة من بعض النواب ، حيث يتعاملون مع المواطن على أنه درجة ثانية ، ولا يلتقون معه إلا عندما يحتاجونه عند الحملات الانتخابية أو عند أي مصلحة خاصة ، وهناك حالة من السخط على أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري من أبناء غزة ، والذين نزل بعضهم بالبراشوت ، فمنهم من كان ساعي بريد ، ومنهم من كان مرافق ومنهم من كان بلا مبدأ وأصبح اليوم يتكلم وكأن فتح دكانه الخاص ينتظر منها الموازنة والنثرية فقط .
الجماهير في قطاع غزة فقدت الثقة في المستقبل ، فقدت الثقة في إمكانية النهوض بالعمل التنظيمي وصولاً للعمل المؤسساتي الذي سيعطي الفقراء حقوقهم ، والمحتاجين لطلباتهم ، والمرضى لعلاجهم بدون أي رجاء أو توسل ، فهناك حالة من عدم الثقة في نظام التعامل مع القضايا الاجتماعية والإنسانية والخدماتية .
إذا استمرت حركة فتح في نفس النهج ، سوف تفشل في أي مشروع سياسي أو انتخابي قادم ، فلا نريد أن تكون حلقة الوصل بيننا وبين المواطن هي الانتخابات ، فالتواصل الجماهيري والاجتماعي مطلوب من أكبر كادر في فتح إلى اصغر قائد في لجان المناطق ، ومساعدة الفقراء حتى بكلمة حلوة هي أساس حب الجماهير والتفافهم حول مشروع الحركة التي فقدته منذ عام 1994م .
هناك عدد من الشخصيات والمؤسسات الوهمية والفصائل ، أخذت دور الفصائل الحقيقة ، صاحبة العمل الوطني والتاريخ والتضحية ، فمن يستغل حالة الفراغ الجماهيري لحركة فتح ، سيكون مصيره كسب الأصوات التي تحتاج إلى كُل وقفة حقيقية وميدانية مع آمال وآلام المواطن .
خلال سنوات الانقسام الخمس السابقة ، ظهرت العديد من المسميات التي تسلقت سلم الانقسام حتى تتقاسم كعكة السياسة ، فهي من يرتب أوراقه ليكون بديلاً عن حركة فتح ، وعن منظمة التحرير ، وعن فصائل العمل الوطني بشكل عام ، فمن مصلحة قوى إقليمية ودولية التخلص جماهيرياً من الحركات الثورية التي التف الجماهير حولها واستطاعت أن تحقق الانتصارات السياسية المرحلية ، وتستطيع أن تكمل الطريق بدون أن تتجرأ على التنازل عن أي من الحقوق الوطنية العامة .
آن الأوان لنبذ الخلافات الشخصية داخل فتح ، وآن الأوان لتجنيب الجماهير سلبيات القادة ، الذين يتناحرون من أجل المسميات والمواقع ، وتركوا الحركة ومؤسساتها وجماهيرها في حالة توهان وضياع ، في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية وإنسانية تعصف بها وتهدد مستقبلها .
&&&&&&&&
* إعلامي وكاتب صحفي- غـزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت