الضفة الغربية - وكالة قدس نت للأنباء
يحدق مذهلا …ينعقد لسانه …يضيع تفكيره بين الواقع والمستحيل… …إمتزج في داخله شعور العجز بالنقمة…أوغل في ظلمة التشاؤم وقلبه في ضيافة الفقر ليذيقه أصنافا من العذاب…إحتدم الصراع بينه وبين ذاته... يتجرع الصبر كل ساعة بل كل ثانية.. فلا أحد يعلم بوضعه المادي غير الله.. ولا يكف الفقر عن سخريته به ...ليذوق الصبر مرا علقما... يتمتم بشرود من أين سأتدبر أقساط أطفالي المدرسية.... لينهي صراعه مرددا... ليتك أيها الفقر رجلا لقتلتك...
يجلس أمام باب بيته ويضع يده على خده, وكأنه في حيرة من أمره . إقتربنا منه فأستقبلنا بكلمات قائلا": والله ما أنا عارف شو بدي أعمل , إحتياجات أبنائي الخمسة المدرسية ودبرتها بالزور , وضايل علي هم الأقساط المدرسية ,تنهد المواطن "أبو أحمد" من سلفيت وصمت لثواني, ليعود مرة أخرى لمواصلة حديثه قائلا": العيشة في بلادنا أصبحت لا تطاق,أنا أعمل في مجال البناء وأتلقى 70 شيقل في اليوم, وعملي بشكل متقطع ، يعني بشتغل ما يقارب 15 يوما في الشهر وأشهر أخرى لم أعمل فيها, والدخل لايكفي سد أحتياجات أسرتي المكونة من 7 أفراد ,عملت خلال شهر رمضان والله الي كان يعلم بحالتي الصحية من أجل توفير إحتياجات العيد, وبعدها جاء إفتتاح المدارس ولها إحتياجات خاصة, ووفرتها من خلال الدين وإستقراض المال, وحاليا أعاني من عدم توفير أقساط المدارس والتي تبلغ 200 شيقلا, علاوة على ذلك المصروف اليومي لهم ".
المواطنه "أم قصي" تقول ": أسرتي تتكون من 9 أفراد ولا يوجد دخل بشكل منتظم، إرتفاع الأسعار والغلاء في كل شيء يقف حاجزا أمام توفير إحتياجاتنا , نتلقى مساعدة من فاعلين الخير, زوجي ليست لديه القدرة الجسدية وبالتالي لا يستطيع العمل الشاق,في كل مناسبة نعيش هم من وين سنوفر إحتياجاتها ,وتضيف وشفتاها المتشققة منذ فترة وأنا اطبخ وأخبز على النار من أجل توفير ثمن الغاز وسد إحتياجات أطفالي ، وإقتصاري على طبخ الدجاج كل 15 يوم وأحيانا في الشهرمرة واحدة , لا يوجد دخل لنا شو بدنا نعمل, وزراءنا ومسؤولينا غير مهتمين بالفقراء مثلنا, ولم يحسوا بحسرة الفقر" .
وتضيف": الآن أتساءل ولا أعرف كيف سنوفر الأقساط المدرسية والتي تبلغ 240 شيقلا ل 6 أبناء ولدي إبنه في الروضة وقسطها شهريا 70 شيقلا غير مصروف المواصلات, لدرجة أنني أصبحت أفكر بعدم التحاقها بالروضة لعدم توفر المال, لذلك أناشد أحد الوزراء أن يقوم بدفع أقساط مجموعة من أطفال الأسر المحتاجة ".
المواطن "سليمان" يعمل موظفا في وزارة الحكم المحلي يقول لنا ": الأسعار أصبحت غير معقولة, وما في شي رخيص إلا المواطن الفلسطيني, راتبي لا يكفي لسد إحتياجات أسرتي المتكونة من 10 أفراد , راتبي الذي أتقاضاه بعد العملية الحسابية من كهرباء ومياه وغاز وطحين لا يبقى منه سوى 200 شيقلا, وهل يكفي هذا المبلغ لسد باقي الإحتياجات وسط هذا الغلاء, إضافة الى ذلك الديون المتراكمة علينا , والآن بحاجة الى أقساط مدرسية لأبنائي الستة ، ولدي إبن في الروضة بحاجة الى أقساط شهرية ما تعادل 180 شيقلا مع المواصلات,من أين سنوفر كل هذا؟ من كثر التفكير بهذا الهم وعدم قدرتي على توفير إحتياجات أسرتي وسط هذا الغول "غلاءالمعيشة", وينهي سليمان حديثه قائلا": أناشد الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض حل مشكلة الشعب الفلسطيني الذي ذاق الويلات من الاحتلال وما زال.. "
الطفل "عماد" 12 عاما, إلتقينا به وهو يقف في إحدى زوايا شوارع رام الله, يحتضن عدة علب من الفاين تحدث إلينا قائلا": أنا أكبر أخواتي, والدي متوفي , أعمل بعد الدوام في المدرسة من أجل المساعدة في توفير المصروف, ويوميا أحصل على 20 شيقلا بعد التعب وإقناع السائقين والركاب بالشراء مني, وأعمل حاليا من أجل توفير اقساط اختي والتي تبلغ 70 شيقلا شهريا لانها تتعلم في الروضة, وأنا خائفا من بقاء إرتفاع أسعار الوقود لانه سيؤثرعلى بيعي الفاين, وإذا أصبحت وسيلة النقل هي الحمار فمن سيشتري مني " وينهي الطفل "عماد" حديثه قائلا":كل شي أصبح غالي الثمن ولم أعد قادرا على توفيرإحتياجتنا, وبناشد الرئيس أبو مازن أن يرخص إلنا الأسعار عشان نعرف نعيش . "
ويبقى السؤال :هل يسمع المسؤولين مناشدة هذا الطفل, وتلبيه طلب تلك المرأة "أم قصي" ومناشدة ذلك الرجل "سليمان" ؟؟؟
تقرير:عهود الخفش