رسـالـة الأسـيـر حسـن سـلامـة إلـى والـدتـه

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
تنشر وكالة قدس نت للأنباء نص الرسالة التي بعث بها الاسير الفلسطيني حسن سلامة (41عاما) الى والدته التي تمكنت أمس (الاثنين) من زيارته بعد منع استمر 13 عاما, مما جعلها تصطدم بالتغير الكبير بملامحه.

الأسير سلامة من مدينة خانيونس في قطاع غزة، يقضي حكما بالسجن المؤبد 48 مرة إضافة لـ(20 عاماً)، واعتقل في الخليل 17-5-1996 بعد اصابته اثر مطاردة من جيش الاحتلال الاسرائيلي، وتعرض للعزل في الزنازين الانفرادية كافة، وسط عقوبات لم تتوقف حتى آخر يوم من إنهاء عزلته.

ورفض الاحتلال الإفراج عن الأسير سلامة وهو قيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة التي تمت بين حماس و إسرائيل برعاية مصرية في أكتوبر 2011.
نص الرسالة:
رسالة حسن سلامة إلى والدته ،،

العهد بيننا قوة وصبر ،،،

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين

يا رب لك الحمد ولك الشكر على ما أنعمت به علي أخرجتني وإخواني من مقابر العزل وقد دفنا فيها أحياء وأكرمتني بزيارة والدتي العجوز وقد منعوني من زيارتها ثلاثة عشر عاما فلك الحمد والشكر على كل شيء .

نصف ساعة مدة الزيارة ضاع منها سبع دقائق جالسا أمامها لا أسمعها ولا تسمعني ،،لا صوت في سماعة هي صلة الوصل بيني وبينها ومع ذلك كانت تحدثني بعيونها ...

آه ما أجملها من لحظات وهي تقبلني من خلال حاجز زجاجي كنت أمامها طفلا يتمنى لو أرتمي بحضنها أو أعانقها كنت مشتاقا أن أنحني فأقبل قدميها ،،،

آه كم المني عكازك يا حجة وأنت تحاولين إخفاءه دمعاتك التي تساقطت رغما عنك هل ستسامحينني عليها وهل ستغفرين لي عجزي عن كفكفتها رجوتك بالإشارة إلا تبكي وكان كلي يبكي كان في داخلي طفلا يصرخ ويبكي شوقا إليك ،، كنت أنظر في عيونك وأتأمل وجهك وأقارن بين اليوم والأمس البعيد عندما كانت زيارتي الأولى قبل سبعة عشر عاما فاجأتك جالسا بجانب أخي أكرم كنت وقتها خارجا من التحقيق ومصابا وإذا بزغرودة تكسر حاجز الصمت وقف لها الأسرى تقديرا وتداعى عليها السجان ليمنعها لكنها انطلقت إعلانا بالنصر ،،

ما زلت أذكر كلماتك وقتها :"يما يا حسن إياك أن تكون ندمان " واليوم المني جدا يا أمي أن تكون هذه الدمعة لأنني والله ما اخترت هذه الطريق إلا من أجل ألا تدمعي لحظتها شعرت بتقدم العمر كل منا يا أمي قد تفاجئ بالآخر وبكى من اجل الآخر ،، بكى قلبي لدمعتك ولعكازك ولوجعك ولألمك بكى قلبي على حالي عاجزا أمام أوجاعك فاعذريني يا أمي واغفري لي ،،،

أمي رغم كل الألم والوجع كانت سعادتي بك كبيرة وأنت أمامي تحدثينني وتسمعين مني كلمة أمي تحدثنا كثيرا وسريعا نتسابق مع الزمن ونتمنى لو يتوقف لكنه انتهى سريعا وكأننا ما تحدثنا إلا دقيقة أو دقيقتان كانتا كل عمري الذي عاد صباحا حسن لك زيارة ،، لم أصدق !! وكنت خائفا من التصديق لكنهم أكدوا وانتشر الخبر وكان ما كان من أمر الزيارة التي ما زلت أعيش لحظاتي معها وصورة والدتي أمامي لا تفارقني أضحك وأحزن مرة ومرات وأنا أسترجع تفاصيل الزيارة

وأسأل نفسي هل بعد هذه الزيارة من زيارة سؤال يسأله كل أسير وأسيرة ،،هل سنعيش في الأسر سنوات طويلة نتواصل مع الأهل من خلال الزيارة قلت لها ممازحا ما زلت صبية يا حجة وقد تجاوزت السبعين فما رأيك لو زوجناك وقالت ما يبقيني في هذه الحياة أن أرى زواجك .. هي أمنية كل أم وزوجة وابن وابنة أن يعيشون مع أحبابهم وقد فرج الله كربهم ..
غادرتني الوالدة سريعا وكانت روحي وقلبي وأحلامي وكل عمري قد تخلوا عني وكأنها تترجاني ألا يطول بعدي وكأنها تتمسك في هذه الدنيا من أجلي ،، وأنا يا أمي أتمنى ألا يطول سجني وأن تبزغ شمس الحرية قريبا هذه الشمس التي نعشق نورها وأشعتها ونشتاق أن نراها بدون سياج ...

أمي من أجلي تصبري فأنا وأنت على موعد وبيننا عهد أن تبقي قوية وأن أصبر "لا تندم يا حسن " عبارة عاشت معي وما زالت وستبقى لن أندم ،، وكيف لي أن أندم والبيعة مع الله ؟؟!!ولي أما قالت لي " لا تندم" هذه كانت الوصية سابقا بالزغرودة واليوم بالدمعة وأنا سأبقى بينهما شامخا عزيزا كريما ولن أندم ولي أما تتلمذت في مدرسة بساطتها فتعلمت منها دروسا في حب الوطن وفلسفة النضال والجهاد يوم أن أوصتني "لا تندم" ،،،


سأبقى يا أمي على العهد صابرا قويا لن أندم ،،،،