هل فلسطين هي الضفة الغربية وغزة فقط؟ وهل الشعب الفلسطيني من يقطن غزة والضفة الغربية فقط؟ وهل حل القضية الفلسطينية سيتم على أرض غزة والضفة فقط؟
في الإجابة على الأسئلة السابقة تكمن حقيقة اختلاف الرؤى حول فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة في غزة أو في الضفة الغربية وغزة معاً!
أما الذي يؤيد قيام دولة فلسطينية في غزة، فهو يعرف أن غزة جزء صغير من فلسطين، قد تم تحريره بقوة المقاومة، وأن إعلان دولة فلسطينية فوق ترابه لا يعني إلا بدايات العمل الجدي لتصفية دولة الكيان الصهيوني، وبداية التحدي للذاكرة المشبوهة، والتأكيد على أن الشعب الفلسطيني لن ينسى حقوقه المغتصبة سنة 1948، والمحتلة سنة 1967.
أما الذي يعارض فكرة إقامة دولة فلسطينية في غزة، فهو يسعى إلى إقامة دولة فلسطينية في غزة الضفة الغربية عن طريق التفاوض مع الإسرائيليين، على شرط أن تكون الدولة الفلسطينية جارة لدولة إسرائيل، وفي هذه الحالة، فإن الإعلان عن دولة فلسطينية في غزة يجيء بمثابة تحدٍ لفكرة الدولتين الحبيبتين، وإفشال لمشروع التفاوض الذي انغمست فيه القيادة الأزلية.
أما الذي يؤيد قيام دولة فلسطينية في قطاع غزة فإنه يثق بالمستقبل، ويعرف أن لدية القوة الروحية والمادية، ولديه الحلف العربي والإسلامي القادر على تحرير كل فلسطين، وقد اختبر نفسه في الميدان العسكري والسياسي أكثر مرة، وأثبت براعته في القتال والصمود.
أما الذي يعارض قيام دولة فلسطينية في قطاع غزة، فهو لا يثق بوحدانية الشعب الفلسطيني، رغم ادعائه بتمثيل كل الفلسطينيين، وتقف تجاربه الفاشلة في المفاوضات حائلاً بينه وبين إقناع طفل بسلامة نهجه، فهو بلا حلفاء في الداخل والخارج، وقد أثبت عجزة في تحرير حبة رمل واحدة من أرض الضفة الغربية عن طريق المفاوضات.
إن الذي يؤيد قيام دولة فلسطينية في قطاع غزة لديه عشرات آلاف المقاتلين المطلوبين للمخابرات الإسرائيلية، وهو يحتقر اتفاقية أوسلو، ويكره التنسيق الأمني، ويحرض على تنظيف الذاكرة الجماعية من التذلل للإسرائيليين، ولا يمد يده لأموالهم!
أما الذي يعارض قيام دولة فلسطينية في غزة، فهو حريص على أن يكون عدد المطلوبين للمخابرات الإسرائيلية في الضفة الغربية صفر، وهو يعرف أن نهايته السياسية مرتبطة بنهاية اتفاقية أوسلو، ولم يبق له إلا أن يلملم أوراقه استعداداً للرحيل، أو المحاكمة العادلة.
ما هو غريب في هذا الأمر، أن الذين يهاجمون فكرة قيام دولة فلسطينية في قطاع غزة، هم أنفسهم الذين وقفوا خلف قرار المجلس الوطني الفلسطيني؛ الداعي إلى قيام السلطة الفلسطينية (الدولة) على أي شبر يتم تحريره من أرض فلسطين!. وقد تحررت غزة فعلاً، فلماذا لا تقوم عليها دولة فلسطينية قابلة للتوسع طالما لم توقع على صك الاعتراف بإسرائيل؟
إن الذي يؤيد قيام دولة فلسطينية صغيرة في قطاع غزة، يرى أنها ستكون النواة الصلبة للدولة الفلسطينية الممتدة على كل أرض فلسطين، ويكرر في كل مناسبة مقولة رئيس الوزراء إسماعيل هنية: "لن نعترف بإسرائيل". معنى ذلك أن أماني أصحاب هذا الموقف العقائدي لا تقف عن حدود دولة فلسطينية مستقلة على كامل التراب الفلسطيني، بل لهم أهداف ورؤى أسمى من طرد الصهاينة، وأبعد مدى من تحرير القدس كاملة!.
أما الذي يقول بلسان محمود عباس لوفد الحاخامين اليهود: إن إسرائيل قد وجدت لتبقى، فمعنى ذلك أن غاية المنى لديه دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية، دولة حدودها الاعتراف بإسرائيل، وأفقها السياسي مرضاة إسرائيل، وشهيقها وزفيرها يخضع للشروط الإسرائيلية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت