حميدات من سلفيت..بجهود الأمن الوطني يتحول منزله إلى بيت صالح للسكن

سلفيت – وكالة قدس نت للأنباء
متعب الوجه، منحني الظهر، مرتجف اليدين يردد كلمات لم أفهمها ... يحدق في الوجوه بتمعن.. كأنه في صراع داخلي ما بين الحقيقة والخيال.. من قلب الفقر تفجرت في أعماقه قوة عارمة, وما بين الأقدار والآمال إنقلبت ظروف حياته...بصرخة كبتها سنوات طوال... صبر واحتمل إلى أن سل الفقر سيفه فأطلق مناشدة للرئيس ...ليكون الأمن الوطني من سمع هذه الصرخة ولبى نداء المساعدة بتعليمات من اللواء نضال أبو دخان قائد الأمن الوطني لإنقاذ أسرته من معاناة السكن... إنه المسن حسين حميدات من مدينة سلفيت في الضفة الغربية.

"لم أعد بإستطاعتي التحمل أكثر" بهذه الكلمات بدأ المواطن حميدات (77 عاما) حديثه معنا ليواصل بكلمات متقاطعة "صبرت وتحملت أنا وأسرتي على أمل أن الغد سيكون أفضل وأن وضعنا سيتغير للأفضل, ولكن لم يعد الصبر يحتمل أكثر من ذلك,عشت العذاب بأنواعه منذ صغري, ولم أعيش حياتي كبقية البشر, فكان الفقر يلازمني وكأنه ساكن في داخلي, حاولت وعملت في كل شيء من أجل توفير أبسط الإحتياجات, ولم أمد يدي لأحد طوال حياتي."

صمت وكأنه أضاع كلماته وبتنهيدة عاد لمواصله حديثه":لدي خمسة من الأبناء, ثلاثة متزوجون يعيشون في الخارج وحالتهم المعيشية سيئة, ويقف وضعهم الاقتصادي حاجزا أمامهم من مساعدتي في مواجهة الحياة الصعبة."

تآمر المرض والعمر عليه ليكون العجز مصيره, وعدم قدرته على مواصله عمله, ليتابع حديثه بصوت حزين قائلا":أصبحت كبيرا بالعمر وأعاني من أمراض, ولم يعد بإستطاعتي العمل ووضعي الاقتصادي صعب جدا, توقف عن الحديث دقائق وعاد ليقول" توفيت زوجتي الأولى, ولدي منها ثلاثة بنات وولد توفي, والثانية تركتني وذهبت إلى مكان سكناها الأصلي في امريكا, وبعدها تزوجت بأخرى ليزيد من همي وفاتها تاركة طفلين, ومن أجلهما عملت المستحيل , عملت في إسرائيل لفترة طويلة على أمل إعطائهم حقهم في الحياة, وفي بداية الإنتفاضة فقدت عملي لأن السلطات الإسرائيلية رفضت إعطائي تصريح للعمل في الداخل, ومع كل هذا لم أعطيهم ما تمنيته لهم من تأمين إحتياجاتهم كما يجب وتأمين بيت يليق بهم كبشر, ولم يعد باليد حيلة. "

ويلتقط الحاج حسين حميدات أنفاسه ليكمل حديثه قائلا":حاولت محاربة المرض ولكنني لم أستطع, ليكون عجزي سببا في خروج إبني من المدرسة وعدم إكمال تعليمه, حزنت وحاولت منعه بعدم تركها وأن الله لن ينسانا , ولكنه أبى حتى أن يسمعني لتكون إجابته, "لنا إحتياجات من سيوفرها لنا, وأنت كبرت وتعبت من أجلنا, والآن دوري من أجل مساعدتك في تحمل المسؤولية, صمت وترغرغت عيناه ولكنها أبت الدمعة من السقوط. إبنتي كسرت ظهري.

وبدون توجيه سؤال له عاد حميدات لمتابعة حديثه قائلا":كان عمله غصب عني, يعمل منذ الصباح وحتى ساعات متأخرة مقابل أجر بسيط, وهذا يكفيه فقط إذا أراد أن يصرف مثل أبناء جيله, ويضيف "أتلقى من الشؤون الإحتماعية كل ثلاثة شهور 750 شيقلا, وهذا مبلغ قليل ولا يسد إحتياجتنا ولا تكفي لعلاجي, وسط هذه الظروف أصبح حلمي مستحيلا في أمنيتي قبل الممات في توفير بيت لأبنائي, وما زاد من همي ونفاذ صبري، إبنتي التي تكمل المرحلة الثانوية .

وهذه المرحلة بحاجة إلى بيئة صحية تعليمية مناسبة, وبيتنا ليس مناسبا, ومساحته 60 مترا يتكون من غرفة واحدة ومطبخ وأقطتع منه مساحة صغيرة تستخدم كحمام وممر صغير ويقع تحت مستوى سطح الأرض وأرضيته صبة قديمة".

ويكمل بفيض من الحزن"حاجة إبنتي لبيئة تعليمية كسرت ظهري, لهذا قررت إيجاد حلا, فكسرت حاجز خجلي وذهبت الى قيادة منطقة سلفيت وقابلت العقيد الركن رياض الطرشة حيث قام العقيد بتحويل الموضوع الى العلاقات العامة والذين بدورهم قاموا بمخاطبة دائرة العلاقات العامة الرئيسية في رام الله من اجل مساعدتي لترميم بيتي الذي لا يصلح للسكن, ووعدوني أنه ستتم المتابعة وتوفير المساعدة لي بأسرع وقت " وبدمعة الفرح ينهي حسين حميدات حديثه ":الحمد لله تمت الإستجابة من قبل حماة الوطن جهاز الأمن الوطني وأنا أشكرهم على ما قدموه لي ولأسرتي ورسم البسمة والأمل لنا وخصوصا لإبنتي ".

هدفنا مساعدة المواطنين: المقدم طيار حافظ الرفاعي مدير دائرة العلاقات العامة والإعلام تحدث إلينا قائلا": فور معرفتنا بقصة المسن حميدات عرضنا الموضوع فوراً على سيادة اللواء نضال أبودخان قائد قوات الأمن الوطني الذي بدوره أصدر تعليماته بالتوجه إلى المنزل وبناء عليه توجهت إلى منزل المواطن حميدات في سلفيت يرافقني وفد من اللجنة العلمية ممثلة بمديرها العميد سعادة سعادة وقائد المنطقة العقيد ركن رياض الطرشة وقمنا بمعاينة مكان سكن المسن".

ويضيف " كان المنظر مؤلما وقاسيا وصعبا, فهو يعيش في منزل يفتقر للحد الأدني من سبل المعيشة الكريمة, والمنزل يفتقر للتهوية المناسبة والتمديدات الكهربائية فيه قديمة جدا وغير آمنة وهناك اهتراء حاد في المرافق الصحية في المنزل", على أثر ذلك صدرت التعليمات مباشرة من سيادة اللواء أبو دخان بإعادة ترميم المنزل وعمل صيانة عامة وباشرت فرق اللجنة العلمية والإنشاءات بالعمل فورا.

ومن جانبه ، أكد العميد سعادة ،" أن الخطة التي ينتهجها اللواء نضال ابو دخان تقتضي أن نقدم كل إمكانياتنا المتاحة للتخفيف من العبء والمعاناة التي يعاني منها أبناء شعبنا، مؤكدا أن قوات الأمن الوطني ستستمر بمساعدة المواطنين بشكل دائم، موضحا أن منزل حميدات هو الثاني والعشرين في محافظات الوطن الذي تقوم قوات الأمن الوطني بترميمه حتى يصبح لائقا للسكن".

العقيد ركن رياض الطرشة قائد منطقة سلفيت، قال " إن قيادة المنطقة تتابع تقديم المساعدة لعائلة المسن حميدات لحين انتهاء عملية الترميم", ومن المقرر أن تستمر عملية صيانة المنزل وترميمه فترة أسبوع، حيث يقوم طاقم من المهندسين وعمال البناء والكهرباء والتمديدات الصحية بالعمل على مدار الساعة لانجازه في الوقت المحدد ضمن معايير السلامة والراحة.

ومن جهته ، أكد المقدم الرفاعي ، أن هذا العمل يأتي ضمن جملة من المهام والنشاطات التي ينفذها الأمن الوطني في محافظات الوطن، داعياً مؤسسات المجتمع المحلي والأيادي البيضاء لتقديم يد العون والمساعدة للعائلات المستورة والتي بحاجة ماسة للمساعدة، وحث الأهالي على الاتصال والتوجه لقوات الأمن الوطني لإثارة وطرح أي هموم ومشاكل وخاصة الحالات الحرجة التي تحتاج لمساعدة في شتى المجالات لتقديم ما هو ممكن لأبناء شعبنا الذي يستحق حياة كريمة.
تقرير:عهود الخفش