غزة – وكالة قدس نت للأنباء
لم تعقد المعاناة معهم اتفاقاً... لتعيش في قلوبهم طويلاً لكنها قررت دون رضاهم وفرضت نفسها لتكون ملحاً في حياتهم وتجبرهم للخضوع لها, فعائلة كبيرة مكونة من 21 فرداً يسكنون منزلاً واحد تتدرج معاناتهم كل يوم وتزداد بهم الأوضاع سوءاً دون أن ينظر لهم أحد من المسئولين القاطنين بنفس المنطقة عندهم ,خاصة أنهم عائلة معروفة بظروفها السيئة البائسة منذ 13 عاماً ويسكنون منزلاً ما زالوا يدفعون ثمنه حتى الآن .
أربع أبناء للحاج أبو كايد هويشل بدير البلح متزوجون ويقطنون معه بنفس المنزل ,حيث قسم المنزل بينهم لكثرة أفراد العائلة ,فكلاٍ منهم لديه عدد من الأولاد لا يوجد لهم معيل غير الله, فـ كايد الابن البكر توفاه الله منذ عام 2006 جراء اصابته بمرض السرطان الذي نازع معه طويلاً وخاض معركة حسمت بموته بعد أن تداين أهله أموالاً طائلة لعلاجه ما زالوا حتى الآن يسددونها بمشقة وتعب .
وأفادت أم سلمي زوجة المتوفي كايد بأن لها من البنات 3 وولدين كلهم صغار بالعمر يتعلمون ويحتاجون الى دراسة ,موضحة بأنه لولا أن والدهم متوفى ويأتهم من الجمعيات الخارجية معونات لكانوا الآن مشتتين بدعوى أنهم مواطنين ويملكون أراضي حسب زعم البعض , لكن الحال غير الحال، لو شاهده من يدعون ذلك، حيث أن معيشتهم بذالك المنزل ظلم كبير لا بد من رفعه عنهم .
مدخل البيت عتبة هشة امامها بئر ماء وساحة حين الظهيرة تعج بالصغار وكأنها مسرح لعدد من الممثلين يؤدون عرضاً, فصراخٌ هنا وصوت هناك وطفل يلعب بالزاوية وآخر ينتظر أمه لتأتيه بقطعة خبز كوجبة غداء تسكت جوعه بعد عودته من المدرسة , ولا يقف الحال عند ذلك فعند دخولي لغرف البيت وجدت الظلم الأكبر يسكن الجدران ويقبع كسلطان يأمر بتعذيبهم ,فالعتمة رغم النهار موجودة والرطوبة تقبع بالغرف ورائحتها تفوح وكأنها لم تغسل منذ زمن .
وأشارت أم سلمي بأنها لا تملك سوى غرفتين أحداهما العتمة لا تفارقها لأنها غرفة داخلية فلا نافذة لها ولا حتى باب ,موضحة بأن المطبخ لا يوجد به شيء حتى أدنى الأشياء التي من المفروض تواجدها فيه.
فعند مروري بالمطبخ لم أجد لا ثلاجة أو فرن أو أواني للطبخ أو أطباق طعام, فلا يوجد غير غاز أنبوبته فارغة وعدد من الأكواب والاطباق القديمة توضح بأن هذا البيت لم يدخل عليه شيء من قبل ليكون صالح للطبخ فيه .
وطالبت أم سلمي بأن يتوفر لها ترميم للمنزل حتى تستطيع التنفس لو قليلاً هي وصغارها الذين يعانون بالشتاء من البرد الشديد ,مشيرة بأن فصل الشتاء قادم والغرف دوماً تغرق بالماء جراء دخولها عليهم لعدم وجود باب للغرفة أو شيء يحجب المطر عن الصغار في غرفة نوم تسكنها العتمة بشكل مستمر .
فحال أم سلمي لا يختلف عن حال أختها أم إبراهيم ,فالحال هنا يزداد مرارة وقسوة والشكوى صوتها يشتد ويعلو ,حتى تكاد عيني أم ابراهيم تغرق بالدموع ألماً على حالها وحال أطفالها الذين يعشون تهديداً بوقف دراستهم .
فأشارت أم إبراهيم بأن زوجها عاطل عن العمل, إضافة الى أنه مريض لا يقوى على أي عمل لوكان بسيطا ً,فألم ظهره يمنعه من العمل المتواصل أو أي جهد كبير ,موضحاً بأنه إذا جلس كثيراً يتألم ويشكو من ظهره وإذا عمل حتى بعمله الذي كان يخرج منه الشيء البسيط يتعبه ويجعله طريح الفراش الأمر الذي حد من عمله وأجلسه بالمنزل .
وأوضحت أم إبراهيم بأن زوجها كل 6 شهور بحاجة الى إبرة في الظهر تكلفه الكثير ولا يستطعون تدبير المبلغ مما ,أدى الى سوء حالته الصحية, إضافة الى أنه مصاب بأنفه فينزف دماً في أغلب الأحيان ,منوهةً بأن حالة زوجها النفسية سيئة للغاية فهو صامت ولا يتحدث كثيراً مع أي أحد ودائما ًيفكر ويسرح وكأنه غير موجود معهم ,فحاله صعب والمعاناة أوكلت اليه وجعها الذي أرهقه كثيراً .
وقالت أم إبراهيم هويشل ويديها لم تكفا عن الاشارة الى المعاناة بأرجاء المنزل, لترصد بكلماتها أوجاعاً ألمت بهم جميعاً صغاراًوكباراً :" أولادي مهددون بالطرد من المدرسة لعدم مقدرتنا على دفع الرسوم المدرسية لهم ,فانأ لي 4 من الأطفال بالمدرسة لا ملابس لديهم وأحذيتهم مهترئة جداً " , وعبرت أم إبراهيم عن استنكارها لرفض المؤسسات والمدرسة مساعدتهم بدعوى أنهم مواطنين وليسوا مهاجرين وليس من حقهم أخذ شيء كالبقية.
فحال أطفال عبد الهادي سيئة للغاية فالصغار يتطلبون كل يوم يريدون مصروف للمدرسة وزي مدرسي, وإلا سيفصلون لعدم إلتزامهم ,فأحذيتهم المهترئة وحقائبهم الممزقة قصة تروي نفسها أمام المارة كل لحظة دون أن يسمع لها أحد أو يلقي لها بالاً.
ولم تكف أم ابراهيم عن شكواها لتواصل حديثها وسردها لمعاناتها لتقول:" لدي غرفتان غرفة هي مطبخي ومكان الاستحمام وأيضا ننام فيه ليلاً, مشيرة ًبأن حالها وحال أطفالها بات لا يطاق لضيق العيش وصعوبته , مضيفة "لا توجد لدي خزانة لأضع ملابسي وملابس أطفالي والثلاجة لا تعمل وفارغة, فنحن منذ اسبوع لم يدخل بيتنا طعاما سوى الزعتر والدقة وآخر حزمة خبز لدي ستنفذ بعد يومين لعدم وجود غاز طهي بالمنزل " .
ولم تواصل أم إبراهيم كلامها,لتنطق الغرفة بدلا ًعنها فالملابس متناثرة هنا وهناك والفراش مهترئ جداً لا يصلح للنوم عليه أو الجلوس ,فحالة منزل أم ابراهيم بحاجة الى إعادة ترميم وبناء لانه لا يصلح للعيش بتاتاً فالاجواء فيه لا تسمح بذلك.
وأوضحت أم إبراهيم بأنه طيلة فترة الصيف أبناؤها ينامون بالخارج , لأن الأجواء الحارة أصابتهم بحساسية مفرطة جعلت الجميع مصاباً بطفح جلدي , وكأن مرضاً ألمّ بهم, فالحكة أصابت الصغار جراء انتشارها بجسدهم وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة بالغرف, فلا مكان يذهبون إليه هرباً من الحر .
وطالبت أم ابراهيم هويشل بحقها بأن يكون لها منزلاً كالبقية ومساعدةً لأطفالها الصغار بتوفير ملابس لهم وأحذية وقرطاسية للمدرسة والعمل على دفع رسوم البقية منهم ,مشيرة بأن أبنها تم رفضه مسبقا ًوطرده من المدرسة لعدم دفعه الرسوم, لتتوجه غاضبةً لوزارة التربية والتعليم وتقدم شكواها لهم وتعيد الطفل للمدرسة مرة أخرى لإكمال دراسته ,إضافة أن لديها ابنة تبلغ من العمر 10 سنوات مصابة بمرض بأنفها وتكلف عميلتها مبلغا من المال غير متوافر حالياً وهي بحاجة لإجرائها لتستطيع الطفلة مواصلة حياتها بشكل طبيعي .
وقالت أم ابراهيم بانه لولا مساعدة مدرس لها واحد العاملين بالوزارة بدفع الرسوم لما عاد ابنها للمدرسة مجدداً بعد طرده من قبل الادارة ,موضحة بأن الادراة على علم بحالة العائلة السيئة .
ولم تقف معاناة الأسرة الى هنا فالجدة أم كايد ترعي اربعة أطفال آخرين ولد وبنت ما زالا طفلين صغيرين لابنها الصغير لان أمهم مطلقة ,والآخرين ولدي ابنتها المطلقة فوالدهم تركهم ولم يتعرف عليهم وتنكر لهم ليتركهم مشردين, فطلب يبلغ من العمر( 16 عاماً) وهو غريب عن العائلة على وصف جدته لانه ابن ابنتها ومن رجل غريب لا ينام ليلا ًبالمنزل لوجود بنات خاله بالمنزل ,ليقضى ليله وحيداً بعمارة قيد الانشاء قبالة المنزل.
وأشارت الجدة التي يسكن الألم قلبها على حالة العائلة بان الشتاء قادم وطلب لا يعرف أين ينام حين يحل الشتاء, لأن جده يرفض وجوده بالمنزل, إضافة الى أن البيت ساحته مكشوفة والمطر حين يهطل يغرق البيت ويدخل الغرف فلا يعرفون اين ينامون ,موضحة بأن وجود البئر في البيت يزيد الامر سوءاً لان عمقه ليس كبيرا فحين امتلائه بالماء يفيض علينا ليعوم المنزل ويغرق بالماء خاصة بأن المنزل لا يوجد به شبكة صرف صحي لتخفيف المعاناة .
فالقصة لم تنتهي بعد وأحداثها ما زالت متوفرة وخيوطها تتشابك وتتعقد في ظل صمت العديد من المؤسسات عن حالتهم ورفضهم مساعدتهم لأنهم ليسوا لاجئين ليأخذوا مساعدة مادية كغيرهم .
فالمنزل حاله يتكلم دون شرح او توضيح فالزائر لديهم يصمت حين يرى المنزل ويجوب أروقته ليرى حياة صمتت وقررت الموت هنا, لتبقى رمزاً في عيونهم يتطلعون لإمساكه والنظر اليه, فحال الآخرين من افراد العائلة يسوء أكثر والحديث عنهم يطول والألم معهم يكبر ويتغلغل ما لم يتلقون مساعدة عاجلة تنشلهم من فقرهم والظلم الواقع عليهم .
فأطفال محرمون من كل شيء وسيدات يحاربن الحياة بمرارة حفاظاً على بقاء الأسرة, فما زالت المعاناة تتربص بهم كأنها عدو يترصدهم لحظة بلحظة . ليأخذ منهم الحياة قبل أن يروها .
للتواصل مع العائلة الاتصال على رقم .....0597758781..... منطقة دير البلح "دوار البركة"
تقرير- سهاد حماد