يا مصر، غزة والضفة شقيقتان

بقلم: فايز أبو شمالة


حتى الآن، لم ينفِ المسئولون في الحكومة الفلسطينية في غزة الخبر الذي ينعكس بالحزن على مزاج الناس، قبل أن ينعكس بالسلب على مجمل حياتهم المعيشية! فهل حقاً أبلغ رئيس الوزراء المصري هشام قنديل نظيره الفلسطيني إسماعيل هنية رفض مصر إقامة منطقة تجارية حرة على الحدود الفاصلة بين الشعبين؟ وهل معنى ذلك أن مصر ستغض الطرف عن التبادل التجاري من خلال الأنفاق، كما كان الحال سابقاً؟ وكيف يصدق رئيس الوزراء المصري التقارير الملفقة عن تحفز إسرائيل للتخلص من غزة، وإلقائها في حجر مصر حال تم التبادل التجاري مع قطاع غزة، والإسهام المصري في رفع الحصار عن سكانه؟
لمصر الحق في الحذر من الحيل الإسرائيلية، ولمصر الحق في حماية الأرض المصرية في سيناء من كل معتدٍ، ولمصر الحق في تكثيف المقاومة الفلسطينية للمحتل الإسرائيلي من داخل قطاع غزة، ولمصر الحق في ترتيب البيت الداخلي المصري كهدف استراتيجي في هذه المرحلة، له الأولوية على كل ما عداه من أهداف أخرى، ولكننا نتوقع من رئيس وزراء مصر هشام قنديل أن يتعامل مع تعقيدات القضية الفلسطينية بتكتيك مغاير لما جرت عليه السياسة المصرية في السنوات السابقة، حين كانت تأخذ بحرفية النصوص ولا تراعي الحيثيات والمضمون، وتلزم المواطن الفلسطيني في قطاع غزة ـ بناءً على توصيات القيادة الفلسطينية ـ بما لا يلتزم فيه المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية، ليصير تحريم التجارة مع قطاع غزة عبر الحدود المصرية، بينما يصير انفتاحها مع الضفة الغربية عبر الحدود الأردنية!
ما يطلبه الفلسطينيون من تبادل تجاري بين قطاع غزة ومصر لا يتجاوز ما هو قائم من تبادل تجاري بين الأردن والضفة الغربية! فهل تصدير البيض وزيت الزيتون والخضروات من الضفة الغربية إلى الدول العربية عبر أراضي الأردن معناه تحمل الأردن المسئولية عن الضفة الغربية، وإعفاء الاحتلال؟ وهل في استيراد تجار الضفة الغربية الأقمشة، والمعدات، والوقود عبر الأراضي الأردنية فيه تملص إسرائيلي من المسئولية عن احتلال الضفة الغربية؟
هذه الأسئلة موجهة إلى القيادة الفلسطينية التي أفزعت القيادة المصرية عن الخطط الإسرائيلية لتوطين سكان قطاع غزة في سيناء، وعن سلبية إقامة منطقة تجارية حرة على وحدة القضية الفلسطينية؟ إذ كيف تصدق القيادة المصرية إدعاء القيادة الفلسطينية عن توطين سكان قطاع غزة في مصر، بينما نسبة كبيرة من سكان الضفة الغربية يحملون جواز سفر أردني؟
الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ينتظر من الشعب المصري تعاملاً ميدانياً يتواءم مع روح الخطاب الذي ألقاه الرئيس المصري محمد مرسي في الأمم المتحدة، حين حرص الرجل على الربط الوثيق بين اتفاقية "كامب ديفيد" وبين الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية.
وحتى يصل الفلسطينيون مع المصريين والعرب إلى الحل الاستراتيجي العادل للقضية الفلسطينية، فإن سكان قطاع غزة ينتظرون من مصر الحل التكتيكي المنصف للضائقة المعيشية؛ ينتظرون تعاملاً تجارياً بين قطاع غزة ومصر، يشابه التعامل التجاري القائم حالياً بين الضفة الغربية والأردن، لأن غزة والضفة الغربية شقيقتان تحت احتلال وخذلان.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت