لم يكن خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأم المتحدة خطابا عاديا بل كان خطاب الفرصة الأخيرة بنبرة التحدي في خطوة جريئة من قائد شجاع اعتلي منبر الأمم المتحدة بكل ثقة وإصرار وتحدي ويحمل رسائل موجهه إلى كل من يقف عائقا أمام قيام دولة فلسطين سواء على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، رسائل تحمل في طياتها جملة عبارات التحدي تعبر عن نبض الشارع الفلسطيني والغضب السائد لدي الغالبية العظمي من الفلسطينيين، وهو ما لمسناه في الخطاب لأول مره، ربما أعتقد البعض أن خطاب الرئيس لم يكن بالحماسة التى كانت في المرة السابقة أمام الجمعية العامة وانه خطاب مؤلم وحزين، ولكن في حقيقة الأمر أن نبرة التحدي في الخطاب بحد ذاتها تحمل الجديد، فلماذا خاطب الرئيس العالم قائلا أن الشعب الفلسطيني سيواصل ملحمته فوق أرضه وهي عبارة جديدة جاءت في هذا الوقت وفي ظل الربيع العربي للتأكيد على أن الشعب الفلسطيني سيصنع ملحمة جديدة على أرض فلسطين آجلا أم عاجلا.
باعتقادي أن خطاب الفرصة الأخيرة للرئيس كان يحمل جملة من الرسائل الجريئة الى المجتمع الدولي أراد بها أن يرمي الكرة في ملعب الأمم المتحدة لأن غضب الشعب الفلسطيني ليس له حدود وأن تعقيدات الواقع وحالة الإحباط السائدة ستجعل الأوضاع في حالة انفجار في أي لحظة، وعلى المجتمع الدولي أن يبحث عن ركائز وأسس جديدة لحل الصراع وانقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الآوان، وأن إضعاف السلطة الفلسطينية ستكون نتائجها عكسية وليس بالمنال، وأن الشعب الفلسطيني لن يسمح بوقوع نكبة جديدة، فلا وطن للفلسطينيين إلا فلسطين، وتتوالي مشاهد الخطاب عندما أكد الرئيس أنه لا وطن للفلسطينيين الا فلسطين ولا ارض للفلسطينيين الا فلسطين، حاملا رفض الشعب الفلسطيني للوطن البديل والحلول المؤقتة، وقد كانت لغة الخطاب تحمل هجوما لاذعا ضد إسرائيل وسياستها العنصرية في الأراضي الفلسطينية، وتساءل لماذا اسرائيل ترفض إنهاء الاحتلال وترفض قيام دولة فلسطين، وهو سؤال مشروع موجه الى المجتمع الدولي بحاجة الى إجابة سريعة في الحال.
والمفاجأة في خطاب الفرصة الأخيرة إعلان الرئيس بشكل أو بآخر الفشل المطلق لعملية السلام وتجربة المفاوضات بلا مرجعية، وأن المطلوب من المجتمع الدولي الدعم لإقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة اليوم قبل الغد لينتصر السلام قبل فوات الأوان، لأن الواقع الملتهب في بلادنا ومنطقتنا له توقيته الخاص، وعلى العالم أن يدرك أن السلام الحقيقي يكمن في إقامة دولة فلسطين على أرض السلام وفقا للقرارات والمواثيق الدولية، ومع ذلك وقبل كل شيء وبعد كل شيء قيام دولة فلسطين حق مقدس للشعب الفلسطيني، واستحقاق واجب الأداء منذ عقود طويلة، وهو ليس منه من أحد ولا منحة من أحد فهو حق، والشعب الفلسطيني من حقه أن يحصل على هذا الحق.
انتهي الخطاب ولا أحد يعرف ما هي نهاية خطاب الفرصة الأخيرة، وهل المجتمع الدولي يدرك مدي غضب الشعب القادم، وهل المنطق والعقل بأن يبقي الشعب الفلسطيني بعد أربعة وستون عاما من النكبة والتهجير بدون دولة، وهل قوة وجبروت دولة الاحتلال الإسرائيلي ستصمد أمام إرادة الشعب الفلسطيني، وهل الشعب الفلسطيني سيسمح بأن يكون ضحية نكبة جديدة، تلك تساؤلات مشروعة في خطاب الرئيس لمن يريد أن يزن الأمور بميزان العدالة .
بقلم / أ.رمزي النجار
باحث وكاتب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت