الطالب الضرير قصي دوابشة..هل ينتهي العام الدراسي قبل حصوله على كتب "بريل"..!؟؟

نابلس – وكالة قدس نت للأنباء
يمسك سماعة الهاتف يوميا.. الجواب لا جديد.. يضع يده على رأسه ليكون في حيرة من أمره يعجز عن التصرف, يفكر في حل, فيعيد العملية الحسابية عدة مرات ولكن تخونه النتيجة.. غير قادرا على توفير احتياجات ابنه الضرير , يتململ تنقبض قسمات وجهه تنطق عيناه بالحزن يترجمها بنظرات الغضب يعلو صوته عاليا... أين ؟ وإلى متى ؟ الأم يائسة ليس لقدر ابنها فقط وإنما من عدم قدرتها على مساعدته.. الابن هدفه تحقيق حلمه في التعليم ومواجهة عجزه بالقلم والورقة ليحافظ على درع النجاح والتفوق ككل عام ... لتكون أمنية وأحلام الطالب "قصي طارق دوابشة" في الحصول على احتياجاته المدرسية هي آخر شيء يمتلكه..

بنبرة الاستياء تحدث والد قصي من قرية دوما جنوب شرقي مدينه نابلس عن المشكلة التي يعاني منها ابنه الضرير قائلا": منذ بداية العام الدراسي أنا أطالب بكتب وآلة وورق "بريل" وهي خاصة بالطلبة ذووي الاحتياجات الخاصة, ويضيف "يوميا أتصل بمديرية التربية والتعليم في نابلس وأحيانا أخرى أتصل على الوزارة للاستفسار عن وصول هذه الاحتياجات ليكون الجواب بوعودات, أنه خلال أسبوع أو أسبوعين,واستمر هذا الوضع لغاية الآن, شهرا مضى على الفصل الدراسي ولم يبق غير شهرين, وما يزيد من همي أنه خلال العام الماضي لم يتم توفير كتب "بريل" من التربية وكان قصي يعتمد على السمع, مما يزيد من معاناته عدم قدرتنا أحيانا بتوصيل المعلومة له بالشكل الصحيح ".

ما أصعب أن يكون أمامك من هو بحاجتك ولم تملك القدرة على مساعدته, وبحسرة الأب يواصل والد قصي حديثه": الكتب والأوراق وآلة "بريل" مكلفة, وليس بمقدوري توفيرها، الكتب تقريبا تكلف ال1000 شيقلا, وآلة "بريل" ثمنها ما يقارب 4 آلاف دولار, أتلقى من الشؤون الاجتماعية 750 شيقلا كل ثلاثة شهور وهذا المبلغ لا يكفي ابنائي الضريرين" فهمي وقصي" حتى لدفع المواصلات, وأنا أعمل في البناء بأجر ضئيل من أجل توفير احتياجات أسرتي " ولو كنت أملك المال لما انتظرت لغاية الآن, لأنهيت معاناة ابني، وارتحت نفسيا ولكن ما باليد حيلة" .

صمت وأغرورقت عيناه وبألم يواصل " ليس قصي وحده الضرير من أبنائي الخمسة كذلك أخيه فهمي ضريرا وأخته تعاني من ضعف في النظر,وبداية كان فهمي وقصي يعانوا من ضعف في النظر وانحراف, وقمت بعلاجهم ولكن لعدم وجود كفاءة طبية, أصبحا ضريران ونسبة عجزهما 100% ."

وبتنهيدة يكمل حديثه قائلا": خلال الأعوام السابقة كنا نعاني مع فهمي كمعاناتنا مع قصي الآن، ولكن منذ عام يتم توفير الكتب الخاصة به منذ بداية العام,ويضيف" قبل سنتين كان هناك دراسة من قبل أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة, في منطقتنا والقرى المجاورة لبناء مدرسة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة, وتم رفع كتاب إلى مديرية التربية والتعليم من أجل توفير الدعم لهذا المشروع ولكن ما من مجيب , لذلك كأب لابناء اثنين من ذوي الاحتياجات الخاصة أناشد السلطة والمعنيين بتوفير دعم لبناء مثل هذا المشروع ."

تناول سيجارة وأشعلها وبدأ ينفث دخانها بغضب, أطرافه تتحرك بدون إرادته ,ونظراته توزع في كل الاتجاهات ,ربما يريد أن يقول لنا شيئا ولم يستطع, صمت يسود المكان ليكسره صوت حذاء زوجته أثناء نزولها عن الدرج, وبعدها فهمنا الوضع الذي كان فيه عندما قال بلهفة": كنت خائفا أن قصي سمع حديثنا", لتكمل زوجته الحديث معنا وبدون توجيه سؤال لها قائلة":أعاني كثيرا مع قصي,أكرس معظم وقتي له, أنا من تقوم بتدريسه,لأنه يعتمد على السمع, وهناك مواضيع لم أفهمها وبالتالي أجد صعوبة في توصيل المعلومة له, وقصي طالب مجتهد وذكي وأتمنى أن تتوفر احتياجاته بأسرع وقت من التربية".

يتحسس طريقه.. يسير باتجاه مكان جلوسنا.. يجهد أذنيه في التركيز... يمد يده لمصافحتنا, جلس بالقرب منا وأخذ يحدثنا بكلمات الطفولة قائلا": أنا بحب التعليم وأصبحت في الصف الرابع,ولكن المدرسة ما أعطتني كتبي وأوراقي وآلة "بريل" لغاية هذا اليوم,ويكمل" أواجه صعوبة في تلقي المعلومة بالرغم من اهتمام بعض الأساتذة بي, و أعتمد على السمع, وفي كثير من الأحيان لم أستطيع متابعة الأساتذة أثناء شرح الدرس,أحمل حقيبتي فارغة من كتبي الخاصة بي , ولكن من أجل أن تكون مليئة أضع فيها الكتب العادية ولا حاجة لي فيها, ويكمل العام الماضي لم يعطوني كتب "بريل" واعتمدت على السمع فقط, وكنت متفوقا في الدراسة, وتم تكريمي خلال حفل قامت به مديرية التربية والتعليم وطلبت خلال الاحتفال توفير كتبي وآلة "بريل" منذ افتتاح الفصل الدراسي ولكن لم يوفروا لي شيئا."

ويبقى سؤال بحاجة إلى إجابة.. هل التقصير من وزارة التربية والتعليم هو غياب للمسؤولية؟ أم قلة في الموارد؟ أم غياب من هم قائمين على ذلك؟... ومن سيوفر لقصي وأقرانه ما يحتاجونه ؟؟؟؟
تقرير:عهود الخفش