حركة فتح ليست ورقة وقلم ، فتح ليست مكتب مُكيف وسيارة وموازنة شهرية ، فتح ليست بقاله أو محل تجاري للبعض ، فتح ليست بدله رسمية وقرار يُكتب لإرضاء شخص وشطب آخر ، حركة فتح هي تاريخ طويل من النضال والتضحيات ، تاريخ طويل من الشهداء والجرحى والمعتقلين ، تاريخ طويل من المعاناة والعذاب والتشتت ، تاريخ حمله ياسر عرفات ليجول به عواصم العالم حتى يصل بكم إلى بر الأمان ، وبضعكم على أول طريق النضال ، وليس آخره كما يعتقد البعض ، فأنتم اليوم لا تُديرون عزبة من أملاك آباءكم ، بل هي أمانة حملتموها لكي تُكملوا الطريق الذي رسمه أبو جهاد والكمالين وأبو إياد ، هذا التاريخ الذي لا يمكن أن يفهمه دخيل على الحركة أو زاني في عرضها أو لص ، أو عاهر جاء من بلاد الغربة ليتآمر على مقاتليها وكوادرها .
هذه الرسالة التي يجب أن يفهمها الداخلين على تاريخ الحركة ، هؤلاء الذين فهموا فتح على أنها شركة خاصة ، أو مملكة يستطيعون أن يكونوا أمراء بها ، يضعون أسماء هنا ويشطبون أسماء هناك ، ففتح ليست إلا بيت طاهر لا يمكن لها أن تقبل كُل الأيادي التي تُريد أن تهدمه ، أو أن تعبث بأمنه واستقراره ووحدته ، فاليوم لا مكان إلا للمخلصين قولاً وعملاً ، المؤمنين بحتمية الوفاء للمناضلين والمقاتلين الين حملوا البندقية من أجل فلسطين ودافعوا عن شرف هذا الشعب في أخطر المراحل وأصعبها حتى يتحقق حلم العودة الذي أتى بالبعض كي يكون له وطن وفيلا وسيارة وراتب آخر الشهر .
لقد أخطأت مركزية فتح مرة أخرى ، ولم تتعلم من الدروس السابقة ، ففتح ليست حكراً على أحد ، فشبابها وكوادرها هم من يُعطي الشرعية ، وهم من يُقرر من خلال الأطر التنظيمية الحقيقية ، ولن تستطيع كُل التقارير والقرارات الكاذبة تغيير التاريخ أو تعديل الواقع ، فالواقع يقول أن مكة أدرى بشعابها ، وأن التجربة السابقة يجب أن تكون هي نقطة الانطلاق ، فلا يمكن إعادة بناء فتح بطريقة الإقصاء ، فلا طريق سوى المشاركة كسبيل وحيد للخروج من الأزمة الداخلية لفتح ، ولا طريق سوى المصارحة والمصالحة ، لكي تبقى فتح كبيرة في عيون وقلوب كوادرها ، ولكي لا تصبح فتح عبارة عن مفوض عام ومجموعة من أصحاب المصالح الذين لا وزن لهم عند القاعدة الفتحاوية على الأرض .
على الدكتور نبيل شعث ، الذي قبل موقعه في قيادة حركة فتح بقطاع غزة ، ألا يقع في فخ المتآمرين على تاريخ وقيادات الحركة ، الذين أوهموه بأن فلان دحلاني وفلان غير ذلك ، فلا يوجد سوى فتح واحدة ، ولا يمكن أن يكون دحلان أو أنصاره سوى أول الملتزمين بقرارات الحركة ، إذا كانت مقبولة لدى القاعدة التنظيمية وتمثل وجهة نظرهم وتلبي طموحاتهم التنظيمية ، ولا يمكن لأحد أن يقبل أن تُقسم الحركة بين فلان وفلان ، لأن الأمانة تقتضى أن نعمل من أجل الوحدة وليس الفرقة ، ومن يُريد للحركة أن تفترق فلن يرحمه التاريخ ولن تسامحه دماء الشهداء الذين سبقونا على طريق الحق .
لن ينجح أي جهد لاستنهاض الحركة إذا قام على أساس المحاصصة ، أو على أساس الشخصنة والشللية والولاءات الشخصية ، فسابقاً في لبنان تعرضت فتح لمشروع التقسيم وسقط هذا المشروع ، وتآمر على أبو عمار الكثيرين بدءاً من الانشقاق فالنظام السوري وبعض الأحزاب اللبنانية ، وإسرائيل والولايات المتحدة ، ولم تستطع أن تُنهي حركة فتح ، لأنها ليست حركة أشخاص ، بل هي فكر وثورة وتاريخ طويل من التضحيات والدماء ، وهذا ما يجب أن ننتبه له لضرورة إعادة النظر في كُل القرارات الأخيرة التي تم اتخاذها منذ المؤتمر السادس إلى يومنا هذا ، وليكن شعارنا الوحدة لمصلحة حركة لو سقطت سندفع جميعنا الثمن ، وحينها لن ينفع الندم .
&&&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي – غــزة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت