كثيرا ما نسمع بين الحين والأخرى عن التحضيرات لأسبوع الشباب الفلسطيني في شهر نوفمبر القادم في ذكري رحيل الزعيم ياسر عرفات، ويبدو أنه للوهلة الأولى تنظيم مثل حجم تلك الفعالية باسم الشباب ممن يفكرون نيابة عن الشباب وبدون مشاركة الشباب أنفسهم في التخطيط ورسم ملامح يومهم وبطريقتهم الخاصة ستكون الأمور كما تحلو نظراتهم، فالشباب غير ممثلين في المجلس الأعلى للشباب وكأن أعمار الشباب تبدأ عندنا في فلسطين بعد سن الخمسين عاما، وما قبل ذلك العمر في حالة انتظار واكتساب، ويتحدثون ليلا نهارا عن دور الشباب وتعزيز مشاركتهم المجتمعية وفي صنع القرار وما من ذلك من تعابير إنشائية، وتبدأ رحلة جديدة مع واقع كبار الشباب مصطلح المرحلة وحالة الاستهبال مستمرة وكأن الشباب ليس من هذا العالم الغريب العجيب من أمرة في ظل تبريرات واهية لا تمس بالواقع سبيل.
وهنا أتساءل هل الشباب الفلسطيني بحاجة إلى أسبوع وطني يهدف إلى تعزيز دورهم والمشاركة وإعادة روح العمل التطوعي وما إلى ذلك ؟
في حقيقة الأمر ومن خلال درايتي وانسجامي مع العمل الشبابي في فلسطين أقولها وبكل صراحة الشباب ليس بحاجة إلى مثل هذا الأسبوع بقدر ما بحاجة إلى إعطاء الفرصة لهم للمشاركة في صنع القرار ورسم سياساتهم المستقبلية بأنفسهم، فشبابنا اليوم أكثر تنظيما وتوجيها وقدرة على العطاء والقيادة والتنافس الحضاري والواقع خير دليل بشهادات مؤسسات دولية، فالمطلوب رفع أيديكم عن محاصرة الشباب وكفاكم تهميشاً وإقصاءً، والكلام في هذا المجال كثير والمتحدثون كثر عن واقع الشباب ودورهم وووو...الخ، فمن يريد التغيير ورؤية نتاج الحراك الشبابي في فلسطين عليه أن يلبي طموحات وتطلعات الشباب، فمثلا لماذا لا يشكل المجلس الأعلى للشباب من الشباب أنفسهم ممن يمتلكون القدرات والإبداع وما أكثرهم في فلسطين !!
إن ما تعانيه قضيتنا اليوم من إحباط ويأس تبدأ ولا تنتهي ناتج عن إقصاء الشباب بقصد عن شؤون شعبهم العظيم بشؤون صغيرة وأبعد ما تكون عن روح الحياة الحرة الكريمة والمشاركة الحقيقية، وهذا أمر مؤسف للغاية ومؤشر بالغ الخطورة على ما ينتظر قضيتنا في مستقبلها القريب والبعيد على حد سواء!
الواقع مليء بالمفاجئات ولا أحد يعرف ما هي نهاية تلك التعابير الإنشائية التي يتغني بها البعض عن الشباب، فمن المسئول عن بناء الشباب فكرياً ووجدانياً، فلماذا لا يعلم هؤلاء أن بناء الشباب فهو بناء الحضارة نفسها، الحضارة الأكثر ديمومة وتجدد وقدرة على البقاء والاستمرار، والأكثر ثقة في بناء مستقبل الشعوب، فالشباب يعرفون أهمية الدور المنوط بهم في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ قضيتنا ولكن لم تمنح الفرصة بعد لأن المعادلة السياسية هكذا أريد لها أن تكون.
ومما يقلق في هذه المرحلة الحرجة من حياة شعبنا انصراف الشباب إلى حياة اللهو والراحة بعد حالة التهميش المتعمدة وسياسة الإقصاء من الساحة في كافة المجالات، في الوقت الذي يعيش فيه الشعب أمس أوقاته حاجة إلى طاقات أبنائه الشباب بإمكاناتهم التي لا تحدها حدود، بدينة، وعقلية، ونفسية، وذلك رغم المحاولات المستميتة التي يبذلها شرفاء الشعب لاستخلاص رحيق طاقة الشباب، والسمو بأفكارهم توجيههم لما ينفع مستقبلهم وينهض بمستقل شعبهم ويرقى بأمتهم العربية، فشبابنا موجودين قائمين وجاهزين لتحمل مسؤولياتهم يا قادة !!
ولابد من التذكير بما يقع على عاتق الساسة من مسؤوليات جسام، لعل الذكرى تحمل إلى الضمائر الحية وتنقذ قلوب الشباب حاملة روح الانتماء، وتعزز العقول المبدعة الواثبة الطامحة إلى غد أفضل، يعلو فيها شأن الشعب وتعاد قوة الشباب إلى الواجهة قولاً وعملاً.
بقلم / أ.رمزي النجار
باحث وكاتب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت