النصيرات- وكالة قدس نت للأنباء
ما تزال مأساة الغزيين القاطنين بالقرب من وادي غزة، الذين يعانون الأمرين من الروائح الكريهة المنبعثة من مياه الصرف الصحي المتدفقة بكمياتٍ هائلة من كل حدبٍ وصوب بالمجرى الضيق للوادي متواصلة، عدا أكوام النفايات الصلبة وغيرها المُتكدسة والمتزايدة يوميًا، في ظل عجز كافة الجهات من وضع حد لهذه المكره الصحية.
وفي يوم البيئة العربي الذي يصادف "الرابع عشر من أكتوبر"، تتصدر مشكلة وادي غزة كأبرز مكره صحية بالقطاع المُحاصر، فتجمع المياه العادمة في هذه البقعة التي يتنفس المحيطون بها هواءً مُفعماً بالتلوث والقذارة، عدا الروائح المنبعثة من النفايات الصلبة، والحيوانات النافقة، هو مشهد الحياة بالمنطقة القريبة منه.
وأثبتت الدراسات البحثية أن نسبة البكتيريا البرازية والمواد العضوية وادي غزة عالية جداً، تصل إلى ملايين الخلايا، مما حذا بـ المختصون لتحذير من السكن أو المعيشة أو القيام بأي نشاط زراعي في المنطقة، لأنه ببساطة وادٍ "تموت الحياة فيه ويحيا الموت".
الحُلم ببيئة نظيفة ..
ويحلُم سكان المنطقة القريبة من الوادي لبيئة نظيفة خالية من الأمراض، لكنهم يجدون هذا الحلم بعيد المنال، في ظل إبصارهم تقاعس البلديات في إنهاء أزمتهم المستمرة، التي لا تجعل ليلهم للراحة والسكون، بل ليلاً تنشط فيه الحشرات الزاحفة والطائرات، مما يصيب السكان بالاحمرار والحكة والطفح الجلدي..
سالم طفل يبلغ من العمر "ثلاثة سنوات"، لم يسلم من الجوع، والعطش، والحر، والتلوث، هذا نصيبه بالحياة التي تسحق الضعفاء والفقراء بلا توقف أو رحمة، كان الاستسقاء الدماغي، فوالدته أثناء الحمل به استنشقت الفسفور الأبيض أثناء حرب غزة، مما تسبب بضرار لجسدها ولابنها الحامل به.
ولم تتوقف المصيبة عند هذا الحد، فعائلة سالم من شدة الفقر، اضطرت للعيش وسط وادٍ عفن تحيا به الجراثيم، والذباب، والبعوض، وكل ما يزيد الإنسان مرضًا، وتثقل مأساته ومعاناته التي لا تنفذ..، إنه بالطبع وادي غزة.
16 ألف نسمة متضرر ..
الوادي الذي يفصل بين مدينة غزة ومحافظات الوسطى جنوبًا، تلمح فيه أينما اتجهت عيناك أكوامًا من النفايات الصلبة وغير الصلبة التي يُلقيها المواطنون وبلديات المحافظات، إضافة إلى جثث الحيوانات النافقة، مما أوجع سكان منطقة الوادي الذي يقدر عددهم "حوالي 16 ألف نسمة".
فضلاً " عن خلق كوارث بيئية وإنسانية بامتياز، فكان سالم إحدى الحالات التي استطاعت العدسة أن ترصد معاناته، كحال عوائل أخرى تقطن في محيط الوادي، تستر نفسها وراء جدران المنازل المتواضعة أو الخيام المتناثرة".
وحياة سالم خالية وجافة من أي فرحة ترسم على شفتي طفل يطمح أن يعيش في بيئة نظيفة .. يطمح أن يلقى هو والعائلات القاطنة بالقرب من الوادي اهتماماً كبيرا من أولي الأمر في الضفة وغزة لوضع حل جذري ينهي أزماتهم المتراكمة التي يسببها وادي غزة.
وترى بلدية النصيرات أن مشروع وادي غزة الذي يموله مكتب الصليب الأحمر في قطاع غزة وسيتم تنفيذه في الجزء الغربي من مخيم النصيرات على مساحة 30 دونمًا سيعمل على القضاء نهائيًا على المعاناة المتراكمة التي يشعر بها السكان ، ويرسم معالم مستقبل نظيف صحي في القطاع.
ويأمل الغزيون أن يعيشوا حياةً آدمية كريمة تليق بتضحياتهم فتعاد إليهم حقوقهم المسلوبة كافة، وعلى رأسها العيش في عالم نظيف، يضمن صحة الإنسان فيخفف صرخاتهم وأوجاعهم اللامتناهية في عالم نسيهم أو تناساهم.