الجنسية المصرية للفلسطينيين وضياع الهوية

بقلم: رمزي صادق شاهين


برغم أن مصر هي دولة عربية شقيقة ولها فضل على قضيتنا الوطنية ، وقد سبق وأن قدمت الشهداء والدماء دفاعاً عن شعبنا وأرضنا ، إلا أن القضايا المتعلقة بالأمن القومي الفلسطيني والمشروع الوطني بشكل عام تتطلب الوقوف عندها ، والنظر لها بشكل وطني مسئول بعيداً عن أي مواقف عروبية أو إنسانية أو قومية والانتباه لأي أخطاء غير مقصودة قد تضر بمستقبل شعبنا ويهدد وجوده ويساهم في ضياع هويته الوطنية التي دفع ثمنها مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين ، ولازال يدفع من سنوات عمره ضريبة الغربة والتشتت في مخيمات اللجوء في العالم .

نعلم دوافع الأشقاء في مصر حول منح الجنسية المصرية لفلسطينيين لأمهات مصريات ، وهذا حسب قانون الأحوال الشخصية المصري ، لكن القضية أكبر من أن تكون تطبيق للقانون من وجهة نظري ، لأن مشروع تصفية القضية الفلسطينية سعت وتسعى له إسرائيل منذ احتلالها لفلسطين عام 1948م ، فهي تريد تطبيق المقولة بأن فلسطين هي أرض بلا شعب ، وهذا ما جعلها طيلة السنوات الماضية تعمل على ترحيل الفلسطيني واقتلاعه من أرضه ، وتهجيره من القدس ، من أجل إجباره على النزوح والهجرة .

إسرائيل وبعض الدول التي تساندها عملت أيضاً على منح التسهيلات لبعض ضعفاء النفوس من أجل التنازل عن الهوية الفلسطينية مقابل اللجوء في دول أوروبا ، حين أغرت البعض بالمال ، وآخرين بالعمل والمشاريع ، واعتبار ذلك قضية إنسانية بحته ، لكنها في الحقيقة مخططات ساهمت بنشرها إسرائيل كدولة تريد التخلص من شعب يُطالب بحقه في هويته وأرضه ومقدساته .

أتمنى أن تُدرك مصر العروبة خطورة هذه الخطوة ، والانتباه لما قد يحدث مستقبلاً ، خاصة وأن هناك تحذيرات لمفكرين وخبراء مصريين وعرب ، والين حذروا من أن هناك مخطط لتحويل القضية إلى نزع الجنسية الفلسطينية واستبدالها بالمصرية ، وذلك كمقدمة لتفريغ المناطق الفلسطينية من سكانها وخاصة قطاع غزة ، حيث بلغ عدد من حصلوا على الجنسية 50 خمسين ألف شخص ، هذا الرقم الكبير تم فقط خلال عام ونصف وهو ما بعد ثورة يناير .

وقد حذر عدد من الخبراء السياسيين والحقوقيين من ارتفاع عدد الفلسطينيين الحاصلين على الجنسية المصرية خلال الشهور القليلة الماضية ، ليصل لنحو 50 ألفاً، غالبيتهم من قطاع غزة، وأشاروا إلى أن حصول هذا العدد على الجنسية يضع علامة استفهام ويدق ناقوس الخطر لمشروع إسرائيل للوطن البديل ، ويساعد على تفريغ الفلسطينيين من غزة ، ورأوا أن الأمر مرتبط بعلاقة الإخوان وحماس .

وقال عماد جاد، عضو مجلس الشعب السابق والخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية ، إن ارتفاع عدد الحاصلين على الجنسية المصرية من الفلسطينيين يدق ناقوس خطر؛ لأنه لأول مرة في تاريخ مصر يحصل 50 ألف فلسطيني على الجنسية ، وأشار إلى أن أقصى عدد لم يتجاوز 200 ألف ، ورأى أن الأمر مرتبط بحسابات جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة بحماس .

وأضاف مصر بهذا العدد تساهم بشكل مقصود في تفريغ الفلسطينيين من غزة وهو ما يؤثر على القضية الفلسطينية بشكل كبير ، واستشهد بحصول القيادي محمود الزهار ووزير الخارجية في حكومة حماس على الجنسية المصرية، خلال الشهرين الماضيين كونهم من أمهات مصريات .

وأوضح أن حكم المحكمة الإدارية العليا القاضي بأحقية منح الجنسية للفلسطينيين من أم مصرية ، فتح الباب على مصراعيه أمام الفلسطينيين للحصول على الجنسية ، بعد أن كانت مصر ترفض ذلك التزاماً بقرار الجامعة العربية عام 1975م بعدم تجنيس الفلسطينيين ومنحهم فقط وثائق سفر موحدة حفاظاً على الهوية الفلسطينية .

من جانبه قال حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن ارتفاع عدد الفلسطينيين الحاصلين على الجنسية المصرية لـ50 ألفاً، يرفع علامات الاستفهام ويشكل مقدمة لمشروع إسرائيل للوطن البديل للفلسطينيين سواء في الأردن أو مصر ، وأشار إلى أن الجمعيات الحقوقية ضغطت بالفعل لمنح الأم المصرية المتزوجة من فلسطيني حقها في منح أبنائها الجنسية مثل باقي الدول الأخرى ، لكن الرقم لم يصل لهذا العدد على الإطلاق .

هذه قضية وطنية من الدرجة الأولى ، والتي تأتي في ظل غياب القوانين الفلسطينية المتعلقة بازدواجية الجنسية ، وكيفية توظيف وتجنيد ممن يحصلون على جنسيات أخرى في الوظائف الرسمية والأمنية على وجه الخصوص ، كما هو حاصل في عدد من الدول ومنها مصر التي تمنع حملة الجنسيات الأجنبية من تقلد مناصب أمنية أو سياسية .

نتمنى من المجلس التشريعي الفلسطيني والجهات الرسمية في السلطة الوطنية الفلسطينية ، الانتباه لمثل هذه الخطوات ودراستها بعناية ، والخروج برؤية واضحة تكون مُلزمة وتُعطي القضية الوطنية الأولوية ، خاصة ونحن أمام عدو يحاول بشتى الطرق تحويلنا إلى شعب متشرد بعيداً عن وطنه وأرضه .

&&&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي – غــزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت