قد يتبادر الى ذهن البعض إنني أشيد واعتز بعائلة أو عشيرة العبيدات من منطلقات عشائرية او قبلية،ولكن هذا ليس بوارد ذهني او قناعاتي او ما احمله من أفكار ومبادئ وقيم، وانا قانع بأنه يستحيل بناء وإقامة مجتمعات مدنية،في ظل تعمق وسيادة العشائرية والقبلية فيها فهماً ووعياً وممارسة وثقافة وانتماء،أو تقديم الانتماء القبلي والعشائري على الوطني،ولكن المواقف الوطنية والقومية لهذه العائلة او العشيرة سواء كان ذلك شرقي النهر وفي إربد بالتحديد او غربي النهر في القدس الشريف وفي جبل المكبر والسواحرة الشرقية بالتحديد،فهذه العشيرة كانت وما زالت لها مواقف وطنية وقومية فيما يخص القضايا المفصلية التي تهم الوطن والأمة الاعتراف بالعدو الإسرائيلي او التطبيع معه في ظل استمرار اغتصاب فلسطين والتنكر للحقوق العربية والفلسطينية،ونذكر هنا بأنها قدمت التضحيات والدماء دفاعاً عن الوطن وعن قضية العرب الأولى فلسطين،ويكفي هنا ان نقول بان الشيخ كايد مفلح عبيدات هو اول شهيد اردني على مذبح الدفاع عن فلسطين،وايضاَ الشهداء حسين ومصطفى وسعيد عبيدات،شهداء معارك الحركة الأسيرة والأمعاء الخاوية،وشهداء الموقف الوطني والدفاع عن الثوابت الوطنية الفلسطينية،باٌلإضافة الى مئات الأسرى الذين دخلوا سجون الاحتلال ومعتقلاته وزنازينه،وما زالوا يدفعون ضريبة الوطن والانتماء،
ويكفي هذه العائلة فخراً وشرفاً أن يكون أبنائها وممثليها في البرلمان الأردني من الذين رفضوا اتفاقيات الذل والعار،اتفاقية وادي عربة وغيرها،وفيما يخص القضية الفلسطينية،اعتبروا بأن من يعترف بالكيان الصهيوني او يطبع أو يتصالح معه لا يمثل إرادة الشعب ونبض الجماهير،ومما يجعل موقف عشيرة عبيدات مثار عز وافتخار ليس بالمعنى العشائري على مستوى الأردن فحسب،بل الوطني والقومي العروبي،فلأول مرة يسجل بان مواقف العشيرة متقدمة على مواقف الأحزاب والفصائل والمنظمات الشعبية،وبما يؤشر الى ضعف الحوامل التنظيمية لتلك الأحزاب والمنظمات وبهتان مواقفها السياسية،وفقدانها للمبادرة وروح القيادة وهذا يجعلها في ذيل الحركة في مثل هذه القضايا الجوهرية والمفصلية،فعندما تعلن عشيرة عبيدات وبالإجماع عن رفضها تعين احد أبنائها قبل إعلان البراءة منه المدعو وليد عبيدات سفيرا للأردن في دولة الكيان الصهيوني،وتعلن بشكل واضح في بيان لها أنها ترفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي اغتصب فلسطين. ومن يطلع على نص بيان عشيرة العبيدات في هذا الشأن،يلمس ان هناك وعياً وطنيا وقومياً للمخاطر المحدقة بالأمة العربية،وخصوصاً لجهة عقد اتفاقيات الذل والعار في ظل حالة انهيار عربي غير مسبوق،او القبول بالتطبيع مع الكيان الصهيوني مع استمرار احتلال فلسطين،وهنا عليكم أن تلحظوا هذا الموقف في البيان الصادر عن العشيرة،والذي يجب أن تبني عليه القوى والفصائل والأحزاب وكل ألوان الطيف الوطني والحزبي والعشائري المعارض والرافض للذل والخنوع والاستسلام والرضوخ لسياسة المحتل وشروطه وإملاءاته،من اجل خلق حالة نهوض عامة وشاملة تعزز وتؤكد على المواقف الوطنية والقومية في قضايا عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني ورفض التطبيع معه،وفي الوقت الذي ترفض فيه عشيرة العبيدات التطبيع مع الكيان الصهيوني،نرى ان هناك سلطة واحزاب تتهالك على التطبيع معه وتشكل بلدوزره الأساسي،
وهنا نقتبس فقرة من بيان عشيرة عبيدات المتعلق بالبراءة من المدعو وليد خالد عبيدات الذي أصر على أن يكون خارج صفوف العشيرة وضمن قائمة العار والذل فقد اعتبرت تعيينه موقفا مشينا ويتنافى مـع تاريخ ومـواقف ابناء هـذه العشيـرة وأجيالها المتعاقبة.وقال البيان ان من يـقبل أن يـتولـى هـذا المـوقـع،ويـضع يــده بـيـد مـن اغـتصـب الأرض وقـتل أبـنـاء فلسطين وشـردهم،واستباح المقـدسات الأسلامـية،فـقـد تجاوز جـميـع المـحرمات والخطوط الـحـمراء،وفي ذلك إساءة بالغـة لأمـــــته ولـعشـيرته التي تتبـرأ مــنـه ومـن أمـثالـه مع العدو المحتل والمغتصب للأرض والوطن،وإصراره على خرق موقف الإجماع العشائري وقبول التعيين تحت ضغوط هائلة وكبيرة سواء من النظام او أمريكا وإسرائيل،حيث استدعى موقف عشيرة العبيدات الرافض للتعين رداً من المستوى السياسي الإسرائيلي،فقد اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" عائلة عبيدات بالتطرف وتهديد السلام بين إسرائيل والأردن،ودعا الحكومة الأردنية الى رفض ضغوطات عشيرة عبيدات،والإسراع في تعيين سفيرها في تل ابيب،وقبول التعيين من قبل المدعو وليد عبيدات استتبع اتخاذ خطوات وطنية أخرى من قبل عشيرة العبيدات،لا تقوى فصائل وأحزاب لها تاريخها ورصيدها وتراثها الوطني والنضالي على اتخاذها،حيث أعلنت العشيرة الحداد،وتوشحت بيوت العشيرة في قرى العبيدات السبعة بإربد وفي كل مقرات العائلة في الأردن بالسواد ،وعلقت اليافطات ورفعت الشعارات في مختلف مدن وقرى المملكة الرافضة للتعين،واعتبر يوم 17 اكتوبر يوماً أسوداً في تاريخ عائلة عبيدات،ودعت الى سلسلة من النشاطات الرافضة للتعين وللتطبيع مع العدو الصهيوني، هذا الموقف الذي كان مثار عز وافتخار واعتزاز من قبل الكثير من القوى والأحزاب الوطنية والسياسية الأردنية والعشائر،وحتى على المستوى العربي،وهذا الموقف المشرف لعشيرة العبيدات استدعى من القوى والأحزاب الأردنية المؤيدة والداعمة لهذا الموقف الدعوة الى عقد مهرجانات جماهيرية لتكريم قيادات ووجاهات عشيرة عبيدات تقديراً لهم على هذه المواقف الوطنية والقومية.
نعم هذا موقف يستحق التثمين والتقدير،ويستحق كذلك من كل الوان الطيف السياسي والوطني والعشائري الأردني الالتفاف حوله والبناء عليه،من اجل اتخاذ مواقف عملية من القضايا الجوهرية والمفصلية التي تخص الوطن والأمة،وعشيرة عبيدات لها الشرف والافتخار ان تكون مبادرة ورأس حربة في مثل هذه القضايا،وهذه المواقف ليست بالغريبة عليها،وعلى القوى والأحزاب أن تنفض الغبرة والصدأ عن هيئاتها وهياكلها،وان تغادر التكلس والنمطية،نحو فعل جاد وحقيقي في أرض الواقع يلامس هموم الجماهير وتطلعاتها وأهدافها.
القدس- فلسطين
بقلم:- راسم عبيدات
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت