تأتي الانتخابات الاسرائيلية القادمة بعد حكم دام اربع سنوات لحكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة، وهي من أكثر الحكومات استقرارا في تاريخ اسرائيل، و تمتلك فائض من القوة والغرور في مواجهة المجتمع الدولي، وفي ظل غياب معارضة قوية لم تستطع طرح برنامج سياسي واجتماعي يشكل بديلا لحكومة نتانياهو.
فالمعارضة تماهت في كثير من القضايا مع الحكومة، ولم تستطع مواجهة الاجماع اليمني الذي ميز الحكومة في اتخاذ القرارات من سن القوانين العنصرية تجاه عرب الداخل الى تعميق الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس والإمعان في التملص من المفاوضات العدمية مع السلطة الفلسطينية، وفرض شروطها على السلطة الفلسطينية وتواطأ المجتمع الدولي مع نتانياهو الذي لم يواجه أي ضغط حقيقي من الولايات المتحدة.
كما استطاعت حكومة نتانياهو خلال ولايتها تنحية الملف الفلسطيني جانبا وتكريس كل جهدها للملف الايراني وجعلته على اجندة العالم، وكان بإمكان نتانياهو الاستمرار في الحكم حتى نهاية ولايته في شهر نوفمبر ( اكتوبر) 2013، في ظل الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني لحكومته، لكنه فضل السلامة لتجديد البيعة له من خلال تحالفه الدائم مع معسكر اليمين الديني المتطرف، وهذا ما ميز حكومته، في ظل استطلاعات الرأي التي تشير الى ان الانتخابات القادمة ستكون في صالح اليمين بزعامة نتانياهو.
فقد اشار استطلاع جديد نشرت نتائجه الصحف الاسرائيلية قبل يومين انه لو جرت الانتخابات اليوم لفاز تحالف اليمين والمتدينين بغالبية برلمانية شبيهة بالغالبية في الكنيست الحالية (65 مقعداً من مجموع 120) تسمح لنتانياهو تشكيل الحكومة القادمة.
ومع ذلك فان توزيع المقاعد البرلمانية قد يتغير في حال استطاعت احزاب الوسط التوحد، بانضمام ايهود اولمرت وتسيبي ليفني الى حزب “يش عتيد” بزعامة الصحافي يئير لبيد الذي يعتمد نجوميته التلفزيونية في تحقيق ما يحلم به من الحصول على اصوات كبيرة، لكنه لن يكون المنقذ او ذلك الشخص الذي يستطع مواجهة اليمين، أو الى حزب العمل برئاسة شيلي يحيموفتش، إلا ان ذلك لا يغير من حقيقة ان تحالف معسكر اليمين سيكون هو الفائز في الانتخابات.
وعليه في ظل غياب المعارضة القوية في مواجهة نتانياهو يبقى الحال على ما هو عليه بعد وفشل حزب كاديما في الاستمرار بلعب دور حزب المركز وتحطمه بعد فضيحة أولمرت الذي يحاول العودة ولعب دور المنقذ، وفشل ليفني في الاستمرار بقيادة الحزب وتشظي الحزب في غياب قيادة حقيقية تستمر في تحقيق الهدف الذي انشأ من اجله لتغيير موازين القوى في الساحة السياسية الاسرائيلية لمواجهة اليمين الذي كان يتزعمه الليكود قبل عدة سنوات.
كما ان ما يسمى اليسار وتحالف معسكر السلام بقيادة حزب العمل الذي تركز زعيمته على القضايا الاجتماعية وتحقيق العدالة الاجتماعية للعمال والفقراء، والهروب من التركيز على قضايا الصراع العربي الاسرائيلي، وفشل هذا المعسكر في تشكيل جبهة معارضة حقيقية وتكوين بديل سياسي جماهيري يضع حد لتغول تحالف معسكر اليمين القومي والديني المتطرف.
كل ذلك يؤشر لاستمرار الازمة في الساحة السياسية الاسرائيلية وتفرد اليمين الديني والقومي في قيادة اسرائيل لأربع سنوات جديدة، وبقاء الحال على ما هو عليه.
/ مصطفى ابراهيم
20/10/2012
Share this:
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت