على هامش لقاء دحلان مع الشارع العربي

بقلم: طلال الشريف


كلما أطل دحلان على الجمهور من خلال الفضائيات أو الشبكة العنكبوتية يحدث الجدل ليس بشأن ما يقول، بل بشأن آخر، وهو ما يبدأ المناوئون من ترديده من مقولات لا تغني ولا تسمن من جوع، ومن مواقف مسبقة بنيت في عقولهم من الدعايات الاعلامية المكثفة منذ ما قبل الانقلاب وتوقفوا عندها لا يريدون التفكير بها مليا رغم أن الرجل قد قدم ردودا مقنعة في كل مرة كما لاحظته من متابعتي لما يقول ، ولعل أكثرها وضوحا "أنه جاهز لأي قضية لأي شخص أو لأي حزب أو فصيل وعلى رأسها فصيله وحركته حركة فتح" فمن لديه أي قضية أو خصومة مع دحلان فليرفعها للقضاء ومن لديه خصومة فليبينها ، والرجل أبدى دائما استعداده للمثول امام القضاء حتى أنه ذهب بقدميه قبل ذلك لرام الله دون وجل أو تردد ، رغم ما جرى من محاولات للمس به فقد كان منطقيا ومحاربا من أجل حقه والدفاع عن حركته وعن مواقفه.
بالأمس كان دحلان ضيف الاعلامية زينة يازجي على قناة دبي في برنامج الشارع العربي ، وتحدث عن كل ما يتعلق بما يوجه اليه من تساؤلات ، وأوضح كثير من الخبايا ، وقدم مواقفه من أوسلو ومن السلطة ومن الانقسام ومن العلاقة الفصائلية والعلاقات التنظيمية ومن المقاومة وأشكالها وأدواتها، وكثير من قضايا الساعة التي تهم الشأن الفسلطيني، ورد على اتهامات الخصوم وتساؤلات الجمهور ، وبين اساسات الشقاق في الساحة الفلسطينيةن وقدم وجهة نظره للمستقبل وكيفية النهوض الفلسطيني ، تحدث عن طموحاته الشخصية ببساطة، وعن طموحاته الوطنية بكل عمق ، وتوقف عند محاور هامة في المشهد الفلسطيني والعربي والدولي ، وكان من الملاحظات الهامة للمتابعين والمعلقين ما يدل على:
- تراجع في عدد المناوئين وسطحية تعليقاتهم وغالبية ساحقة للمؤيدين للرجل وعمق ردودهم وقناعاتهم بمسيرة الرجل وارتفاع توقعاتهم بأنه رجل المستقبل الفلسطيني.
- غالبية المناوئين هم من العرب الذين شكلت آرائهم الهجمات الاعلامية الفضائية والعنكبوتية على الرجل حيث لم تظهر على تعليقاتهم غير ترديد تهم تناولها الاعلام المناوئ ولم تثبت ولم يقدموا الدليل، وباتت كلها كلام في الهواء.
- غالبية المؤيدين لدحلان هم من يعيشون على الأرض ويعرفون ويحسون بمعاناة الشعب وأزمته، ومن يرون فيه مخلصا، ومنقذا، وقائدا للمستقبل، رغم ضبابية الواقع وتداخلاته المعقدة، ولكنهم اقتنعوا به ولم يقتنعوا بكلام الآخرين وهم الأقدر على تبين حياتهم ومفارقاتها ويميزون الغث من السمين لأنهم على تماس حقيقي مع الواقع الفلسطيني ويرون كل شيئ بشكل عملي وحقيقي ولا يستقون معلوماتهم من الاعلام .
- الرجل كان يتحدث بثقة ودقة عن الواقع الفلسطيني والوضع الاقليمي والدولي ويضع الحلول ويضيء على المستقبل دون تعصب ودون حقد على الخصوم ولكنه بين أخطائهم وخطاياهم رغم عدم اعترافهم ومصارحة الشعب الفلسطيني
- كالعادة كان دحلان واضحا وشفافا فيما له وفيما عليه وقدم نفسه بكل شجاعة بأنه منافس قوي للاسلام السياسي وكيف تم الهجوم عليه من هذا التيار كما هي عادتهم مع مناوئييهم.
- أوضح دحلان مجددا تمسكه بفتحاويته وأنه القادر على لم الشمل الفتحاوي في أقسى ظروف التخبط القيادي في العامين السابقين، ورغم أن مؤيديه كانوا الفائزين في الانتخابات البلدية الأخيرة.
- وضح دحلان كما دائما بأنه داخل فتح ولا ينوي تركها ولو فعل مناوئييه في قضية الفصل الصوري وغير المبني على حقائق وحيث لم يستطيعوا تقديمه لمحاكمة لانتفاء التهم وتزوير الحقائق ، وثبات أن الخلاف اقصائي وصراع على قيادة فتح حيث يتمتع هو بالكاريزما الأقوى لقيادة الحركة والرئاسة.
- والأهم الذي يفند كل ما يوجه له من اتهامات من قبل حماس وبعض من أعضاء اللجنة المركزية في فتح بأنه السبب في الخلاف بين فتح وحماس وأنه السبب في اخفاقاتهم في ادارة الشأن العام والصراع مع المحتل ، والدليل أنهم لازالوا غير قادرين على المصالحة وغير قادرين على انجاز أي خطوة أو نقلة للقضية الفلسطينية رغم عدم تواجده بينهم منذ عامين، وأن الخلل في ادارة حكام غزة ورام اللهن وليس لدحلان دخل في ذلك، إلا أنه منافسهم القوي الوحيد، ولذلك كلما أخفقوا في شيء يخرجون للجمهور شماعة دحلان التي أصبحت مكشوفة وحجة مضحكة للشعب الفلسطيني.

أقول لكم إن شعبنا الفلسطيني قد اكتملت في ذهنه ومشاعره الصورة كاملة لكل عناصر الأزمة التي أدخله حكامه فيها ولذلك نوهت في كتاباتي منذ عام ونيف أن ارادة الشعب الفلسطيني المقهور والمظلوم من الاحتلال ومن حكامه سوف تظهر في المنعطفات والفرص التي يستطيع فرض ارادته على من ظلمه ومن لم يأخذ بيده وتركه للمعاناة تنهش في عظامه وتاريخه وقضيته ومستقبله وشعبنا الفلسطيني أذكى من أن يمرر عليه الحكام أخطاؤهم وخطاياهم وشعبنا المذبوح منذ خمس سنوات رأى فيها كل ما لا يخطر على بال من الذل والقهر من حكامه المتجبرين عليه أو المتقاعسين عن حمايته قد أخذ قراره وسيعلم من أدخله متاهة الضياع دروسا قاسية وهذه هي مقدمة الربيع الفلسطيني الذي سيتكامل كلما سنحت الفرصة للتعبير عن ارادته ولو تركوه غدا ينزل للشارع سيرون ما لا رأته عين ولا سمعت به أذن .. تحية الارادة الحرة لشعبنا العظيم .. تحية للساهرين على تخليص هذا الشعب الصابر من جلاديه.....
22/10/2012م

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت