غزة – وكالة قدس نت للأنباء
فتحت زيارة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة أل ثاني إلى قطاع غزة، الباب واسعا للجدل السياسي وخلطت الأوراق على الساحة الفلسطينية وأعادت للواجهة مجددا ملفا شائكا متعلق بممثل الشرعية الفلسطينية وفاقدها، في حين تباينت وجهات النظر بين أهل السياسة حول أهدفها الإنسانية والسياسية الخفية.
برنامج "كلام جديد" الذي يبث عبر قناة "هنا القدس" الفضائية ناقش في حلقة الليلة تداعيات الزيارة القطرية، وحاول قراءة التفاصيل، لا سيما وأن عددا من الفصائل الفلسطينية وخاصة المنضوية تحت إطار منظمة التحرير اعتذرت عن المشاركة في استقبال الشيخ حمد واعتبرت (زيارته) تعمل على تعزيز الانقسام بين فتح وحماس، في حين أن أمير قطر دعا قبل مغادرة غزة الطرفين إلى ضرورة التعجيل بإنهاء الانقسام لأن المتضرر الوحيد منه هم الفلسطينيين أنفسهم.
واعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض خلال استضافته في استديو القناة أن زيارة أمير قطر جاءت خارج ما وصفه بـ"السرب الطبيعي" ولم تكن أهدافها الأساسية والحقيقة إنسانية، معللا ذلك بأن تقديم الدعم لمشاريع إعادة إعمار غزة كان من المفترض أن يمر عبر الطريقة الرسمية من خلال الصندوق الذي أقامته الجامعة العربية لإعمار غزة.
"مشروع الإسلام السياسي"..
ويرى العوض أن أهداف قطر السياسية تكمن في لعب دور "العراب" لمشروع "الإسلام السياسي" في المنطقة الذي نرفضه بالمطلق وقال" ليس بالضرورة أن نكون أسرى لإحدى ركائز القوى القطرية"، مبينا أنه ليس ضد تقديم المساعدات للفلسطينيين لكنه ضد الأهداف الكامنة خلف هذا الدعم. حسب قوله
وأوضح العوض بأنه في الوقت الذي صرح فيه أمير قطر بزيادة تمويله لمشاريع الإعمار بقطاع غزة كان نتنياهو يصرح بأنه سيزيد بناء المستوطنات بالقدس وتمنينا وقتها من أمير قطر وغيره بأن أن يوفوا بالتزاماتهم اتجاه القدس والأرض المهددة بالاستيطان على أهمية إعمار ما دمرته آليات الاحتلال بغزة، لأن المعركة، معركة الشعب الفلسطيني وليست في غزة فقط، بل أيضا بالضفة الفلسطينية.
ومن جانبه قال يحي موسى النائب عن كتلة حماس البرلمانية خلال مداخلة تلفونية عبر برنامج "كلام جديد"، " إن موقف قطر ليس الأول وعندما كان يتعرض الشعب الفلسطيني إلى عدوان، دعت قطر لعقد قمة عربية لدعم الشعب الفلسطيني"، مستغربا من تفسير أي جهد عربي اتجاه الفلسطينيين بأنه تعزيز للانقسام.
وقال موسى "إن القضية الفلسطينية عندما أختطفت من قبل حركة فتح والرئيس أبو مازن تحت اعتبارات غير وطنية وتخلى عن 80% من الأراضي الفلسطينية وأجرى التنسيق الأمني مع الاحتلال الذي سمح باستمرار الاستيطان، لم نجد من يقول عن ذلك تكريس للانقسام، ولكن اليوم نجد من يقول عن المساعدات من أمير قطر تكريس للانقسام .على حد قوله
ما نحتاجه إعادة بناء..
وأوضح النائب موسى بأن ما نحتاجه الآن هو إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني والعودة إلى التحرير وحق عودة اللاجئين في إشارة منه لبرنامج منظمة التحرير التي انطلقت من أجل ذلك، معتبرا أن موضوع حل الدوليتين أصبح غير موجود على الأرض، منوها إلى أن إعادة بناء منظمة التحرير هو المدخل الحقيقي لوحدة الشعب وليس الانتخابات فقط، لكي يتم مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وأجاب موسى على سؤال مقدم البرنامج الإعلامي سائد السويركي، حول اتصال أمير قطر مع الرئيس أبو مازن وإبلاغه بنيته زيارة غزة كاعتبار للقنوات الرسمية بالقول" الرئيس فاقد للشرعية الوطنية لأنه ذهب بالقضية الفلسطينية إلى الهلاك ولم يعد له صفة الشرعية بقيادة نضالات الشعب الفلسطيني".
وأتفق العوض مع النائب موسى حول ضرورة أن يتم إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني والاتفاق على إستراتيجية فلسطينية موحدة من شأنها إعادة القضية الفلسطينية إلى مسارها الصحيح، والاحتكام إلى صناديق الانتخابات لإنهاء صفحة الانقسام الفلسطيني.
وقال العوض إن "تداعيات الزيارة تكمن في تحويل الخطاب السياسي للحديث عن انتزاع الشرعية الفلسطينية"، معتبرا بأن طرفي الانقسام في غزة والضفة من الناحية القانونية انتهت شرعيتهم(..) وتساءل بالقول " ولكن هل حماس عندما وقعت اتفاق الدوحة مع الرئيس أبو مازن كانت تدرك انتهاء شرعيته ..؟وعندما حلفت اليمين أمامه في الحكومة العاشرة هل كانت شرعيته منتهية..؟، مجددا التأكيد على أن الحل يمكن بالاحتكام إلى الشارع الفلسطيني من خلال صناديق الاقتراع للخروج من أزمة الشرعيات وإنهاء الانقسام.
الانقسام حالة موجودة..
وبدوره أيد الكاتب الفلسطيني والمحلل السياسي ناجي شراب خلال مشاركته في برنامج "كلام جديد" من داخل استديو القناة زيارة الأمير القطري قائلا" إن الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش ويعيد إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي" ، مبينا بأن الزيارة هي قطرية لجزء من أرض فلسطين والمشكلة لا تمكن في الزيارة وإنما تكمن في حالة الانقسام الفلسطيني التي بدأت تتحول إلى بنية متجذرة، وهناك تخوف من أن تصل إلى حد الانفصال وبالتالي أي موقف أو زيارة أو قرار إذا وضع في سياق الانقسام سوف يعالج بهذه الطريقة.
وينظر شراب إلى الزيارة من ناحية مدى زحزحتها لحالة الانقسام وبماذا يمكن أن تقوم قطر بدور اتجاه ذلك بالسلب أو الإيجاب وفي نفس الوقت هناك جانب ينبغي أن نركز عليه وقد يكون مثار خلاف قائلا" أنا مع الزيارة ولست ضدها وقد اختلف بأنها تأتي في سياق زمني وسياسي يمكن أن يثير جدلا حولها، ولكن أن يأتي حاكم عربي لزيارة غزة ويكسر الحصار ويقدم إعمار فهذا في حد ذاته مقبول ولا أحد يستطيع إنكاره "، معتبرا بأن حالة الانقسام هي حالة فلسطينية موجودة بوجود قطر وبدونها، مؤكدا "أننا بحاجة إلى بيئة تصالحية وينبغي علينا أن نضع يدنا على أخطاءنا".
وكان قد غادر أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وعقيلته الشيخة موزة، والوفد المرافق لهما، مساء الثلاثاء، قطاع غزة عبر معبر رفح البري، بعد زيارة دامت عدة ساعات ووصفتها حركة حماس بـ"التاريخية" .
وأوصل رئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنية، الأمير القطري وقاد السيارة بنفسه إلى معبر رفح، بعد لقاء مع عدد كبير من النخبة الفلسطينية وحفل تكريم في الجامعة الإسلامية بغزة منح خلاله وعقيلته الدكتورة الفخرية.
وتوجه أمير قطر بعد وداع المسؤولين في حكومة غزة، إلى الجانب المصري من معبر رفح وسط حفاوة كبيرة من قبل المسؤولين بغزة.
وكان الشيخ حمد قد وصل غزة حوالي الساعة الحادية عشر صباحا وقام بوضع حجر الأساس لعدد من مشاريع الإعمار اللممولة من الدوحة، فيما أعلن على هامش التوقيع على بروتوكلات تنفيذ تصميمات المشاريع زيادة المنحة القطرية من 254 مليون دولار إلى 400 مليون دولار تشمل إقامة مدينة سكنية للأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية.
ودعا الأمير القطري خلال اللقاء مع النخبة بالجامعة الإسلامية الفلسطينيين إلى تحقيق المصالحة، والتوحد لمواجهة قضاياهم الوطنية.وقال "آن الأوان أن يطوي الفلسطينيون صفحة الخلاف وفق ما اتفقوا عليه في الدوحة والقاهرة بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل".