القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء
قالت دراسة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، إن التوصل إلى سلامٍ مع الفلسطينيين في المستقبل المنظور هو من رابع المستحيلات، ذلك لأن المجتمع الفلسطيني ليس مستعدا بعد للتخلي عن الهدف المشترك لجميع الدول العربية وهو الذي كان قائمًا حتى قبل تأسيس الدولة العبرية: منع دولة يهودية، والآن القضاء عليها، على حد تعبير الدراسة.
وأضافت الدراسة أن حقيقة أن الصراع السياسي الداخلي الضروري للمجتمع الفلسطيني لتغيير هدفه الأساسي لم يحدث، مشيرةً إلى أن كبار القادة الفلسطينيين أكدوا على رفضهم القاطع لإسرائيل اليهودية، كما أنهم عملوا وما زالوا على نشر ثقافة الكراهية للدولة العبرية وللشعب اليهودي في مناهج التعليم بالمدارس الرسمية، وكذلك في حملاتهم الدعائية.
علاوة على ذلك، أوضحت الدراسة أن البيئة السياسية الراهنة في العالم العربي، يُسيطر عليها الإسلام المتزمت والمعادي جدًا لإسرائيل وللغرب، وبالتالي فإن الدراسة تتوقع عدم حدوث أي تغيير حاسم في الرأي العام الفلسطيني، مؤكدةً على أن النقاش حول العداء يمكن أنْ يبدأ فقط بعد هدوء الحركات الإسلامية الأصولية التي تنتشر كالنار بعد الهشيم في الوطن العربي، فقط عند ذلك، ستُسمع الأصوات المعتدلة في الشارع الفلسطيني، والتي تؤمن بأنه يجب التنازل عن فكرة القضاء على إسرائيل، على حد قول الدراسة.
وتقترح الدراسة على صناع القرار في تل أبيب من أجل السلام في المستقبل عدة اقتراحات، منها، رفض إسرائيل، رفضًا قاطعًا، الإدعاء الفلسطيني بأنه لا توجد صلة تاريخية قديمة بين الشعب اليهودي وبين أرض إسرائيل، التأكيد على أن الغرب، وتحديدًا أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، لا يرفض شرعية إسرائيل تحت أي ظرف من الظروف، أما الاقتراح الثالث فيؤكد على شطب حق العودة من القاموس، وتأكيد قادة دولة الاحتلال على أن توطين "اللاجئين (الهلالان في الأصل)، يجب أنْ يتم خارج حدود الدولة العبرية، كما تقترح الدراسة مراقبة حسابات السلطة الفلسطينية وغيرها من التنظيمات الفلسطينية، وتخفيض المعونات لمنع الفلسطينيين من استخدام الفلسطينيين الأموال الأجنبية لدعم البنية التحتية للإرهاب، وتعليم الكراهية، وملء جيوب القادة لتحقيق مكاسب شخصية، بالإضافة إلى ذلك، ترى الدراسة أنه يجب تشجيع النقاش الحر والصحافة الحرة في المجتمع الفلسطيني، كما جاء في الدراسة أنه يتحتم على الغرب وإسرائيل أيضًا محاربة التنظيمات الإسلامية المتطرفة في العالم العربي ومنعها من تلقي المساعدات المادية والمعنوية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتوازي مع ذلك، إنهاء المشروع السعودي الذي يقوم بدعم التيار الوهابي المتزمت في العالم العربي، وبالمقابل تشجيع الجهات المعتدلة في العالم العربي، على حد قول الدراسة.
علاوة على ذلك، ترى الدراسة أنه يجب مناقشة الفلسطينيين حول حجم الأراضي التي يريدونها لإقامة دولة قابلة للحياة، والاقتراح الأخير هو كي الوعي الفلسطيني بأن السلام ما زال بعيد المنال من جهة، ومن الجهة الثانية، التأكيد لهم على أنْ لا يفقدوا الثقة في إمكانية التوصل إلى سلامٍ مع الإسرائيليين. ولكن الدراسة تقول مع أن الحقيقة الواقعة تؤكد على أن السلام ما زال بعيدا جدا، فعلى صناع القرار في تل أبيب أنْ يفحصوا جيدا هل الشعب الفلسطيني على استعداد لقبول سلامٍ مع إسرائيل ليس قائما على القضاء عليها، وبعد التحقق من هذه المسألة الحساسة جدًا، بحسب الدراسة، يجب على الحكومة الإسرائيلية ترتيب إستراتيجية جديدة للدفع باتجاه السلام مع الفلسطينيين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إسرائيل لديها الكثير لتفعله لكي يكون الفلسطينيون أكثر عدالة ووفاءً لقضيتهم، التي يجب أنْ تحمل الطابع الأخلاقي، وربما أيضًا لزيادة التفاهم بين اليهود والعرب، أيْ بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ذلك أنه حتى اليوم اتسمت هذه العلاقات بأغلبيتها في ساحات المعارك، وعلى إسرائيل إقناعهم بأن ميزان القوى لا يعمل لصالحهم في هذا الاتجاه مع مرور الوقت، وأن وضعهم سيكون أسوأ مما عليه اليوم في حال مواصلتهم التمسك بخيار الكفاح المسلح، ولكن معدي الدراسة يؤكدون على أنهم لم يتمكنوا من تحديد تأثير الخطوات التي تم طرحها من أجل تغيير الأفكار الفلسطينية في ما يتعلق بالسلام.
وحذرت الدراسة من أن ممارسة الضغوطات على إسرائيل سيكون لها تداعيات سلبية للغاية، منها، على سبيل الذكر لا الحصر، تعزيز الشعور لدى الفلسطينيين بأنه من الممكن القضاء على إسرائيل من ناحية وتقويض فرص السلام من ناحية أخرى، وتعترف الدراسة الإسرائيلية بأن ما أسمته بالتشخيص الإستراتيجي المعروض هنا لا يُثير التفاؤل، والسيناريو ليس إيجابيا، ولكن المأمول هو أنْ ينشأ الجيل الفلسطيني الذي يقود شعبه بعيدًا عن الحروب، ولكن الدراسة تُشكك في وجود قيادات شابة على استعداد لأداء هذا الدور، على حد قول الدراسة الإسرائيلية.
ولفتت الدراسة أيضا إلى أن التشخيص الإستراتيجي المطروح في هذه الدراسة لا يُبشر بالخير للدولة العبرية، الأمر الذي يعني أنها ما زالت في وضعٍ خطير، وربما سيزداد هذا الوضع سوءًا إلى حد كبير الأمر الذي سيجعل السلام مستحيلاً مع الفلسطينيين، ومع ذلك تؤكد الدراسة على أن التعامي عن الواقع المرير، الذي تم عرضه لا يعود بالفائدة على إسرائيل، ولكن السلام لا يُمكن أنْ يتحقق عن طريق التظاهر أوْ عن طريق الأمل بأنه سيتحقق.
وعزت الدراسة التراجع الحاد في فرص السلام إلى اتفاق أوسلو، الذي عوضًا عن تقريب وجهات النظر بين الطرفين، أدى إلى تعميق الهوة بينهما، وخلصت الدراسة إلى القول إنه على الرغم من أن التشخيص الإستراتيجي الذي تم عرضه في هذا السياق يؤكد على وجود واقع مرير، فيجب على إسرائيل اختيار الوسائل للرد على الوضع القاتم في العالم العربي وفي الشارع الفلسطيني عن طريق التأكيد على أن لها الحقوق التاريخية على أرض إسرائيل، وهي على استعداد وقدرة للدفاع عن هذه الحقوق بشتى الطرق والوسائل، وأنها لن تتزحزح عن هذا الموقف المبدئي، وبالمقابل، على إسرائيل والغرب توجيه رسالة حادة وصارمة إلى العالم العربي، الذي يرى في أرض إسرائيل أرضا إسلامية، بأنه ليس قادرا على تدمير الدولة العبرية، وأنه يتحتم عليه البحث عن السلام بدل الحرب، وهذه الأمور، تتطلب الشجاعة ورباطة الجأش والتصميم والنفس الطويل من إسرائيل.