كان الحديث عن حكومة تكنوقراط أو حكومة خبراء يرئسها من يتفق عليه الفصيلين الكبيرين فتح وحماس ضمن خطة لإنهاء الانقسام الأسود و بالفعل شرع الطرفان مع باقي الفصائل الفلسطينية للبحث عن من يرأس الحكومة الجديدة وطرحت أسماء واستثني آخرون , إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل و جاء اتفاق الدوحة بين الرئيس أبو مازن وخالد مشعل على أن يرأس الرئيس أبو مازن حكومة فلسطينية يكون وزرائها من الخبراء وبالأحرى من خارج الفصائل الفلسطينية حتى لا يفهمها البعض بأنها محاصصة وساعتها يدور الحوار كم لك ,وكم لي ,وكم للباقي ؟ إلا أن هذه المحاولة أيضا اعترضها العديد من المعيقات التي جعلت من اتفاق الدوحة كأنه شيأ لم يكن , بل واعتقد انه كان سببا في أن يتعمق الانقسام و يذهب إلى ابعد من انقسام كما بدا واضحا خلال الفترة الماضية أو الشهر الماضي بالتحديد عندما بدا الانقسام يأخذ شكل كيانين فلسطينيتين متنافرين.
اليوم هناك طرحا لحكومة فصائل فلسطينية من قبل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض دون توضيح مهام الحكومة أو أهدافها ,وهذا الطرح غير مفهوم في ظل سعي الجميع لعربا و عجما لحشد جهد دولى يؤثرفي التصويت لعضوية الدولة ايجابيا ,وبالتالى فأن الطرح إما أن يكون فكرة جدية أو مجرد بالون اختبار نفخه فياض ليعرف مدي رد الفصائل الفلسطينية و مدي تجاوبهم مع الفكرة , لم يفكر السيد فياض في توقيت هذه الفكرة وانشغال الكل الوطني في استحقاق عضوية الدولة وتجنيد كافة الطاقات لذلك والتأهب لمواجهة الارهاب الأمريكي والإسرائيلي وبعض الدول التي تركب قطارهم ,ولم يفكر أيضا في قاعدة تطبيق هذه الفكرة والإجراءات المحددة للاتصال بالفصائل ,وهل الاتصال بالفصائل يكون عبر منظمة التحرير أو من خارجها أو الاثنين معا ,وهذا اقرب للمنطق السياسي ,لكن دون إعادة هيكلة منظمة التحرير و دعوة كافة الفصائل للولوج ضمن إطارها وهيئاتها الوطنية يبقي الطرح قاتل ,و يبقي الطرح تقسيم أكثر من المقسم ,و يبقي السؤال الأكبر "من هو الفصيل الذي سيقود تلك الحكومة ..؟"
بالطبع الإجابة صعبة للغاية لكن يمكن أن نحصل عليها بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني التي اقرت في ورقة التفاهم بين أبو مازن و مشعل بالدوحة ,ولكي تتم هذه الانتخابات وتدار مؤسسات السلطة الأمنية والسياسية والقضائية والخدماتية بشكل طبيعي كان لابد من حكومة خارج الفصائل يرأسها من يرأسها بالتوافق سواء كان الرئيس أبو مازن أو غيرة , و قد تكون هذه هي الإجابة الوحيدة للتساؤل الذي طرح سابق , لكن هذه الحكومة باتت شبه مستحيلة بسبب تأخرها طويلا وخاصة أننا نمر بمرحلة دقيقة من تاريخنا الفلسطيني والذي يسعي فيه الفلسطينيين لتثبيت حقوقهم السياسية والإنسانية وحتى المدنية عبر الحصول على دولة عضو مراقب بالأمم المتحدة و مع هذا السعي سيواجه الكل الفلسطينيين حرب خطيرة تشنها قوي الاحتلال الصهيوني والقوي التي تشجع إسرائيل و تمدها بالمال و السلاح لتبقي القوة الشريرة الوحيدة بالشرق الأوسط لتفسد أمنه و استقراره و نموه وتقدمه .
أن الحاجة اليوم للاتفاق الوطني الحقيقي على برنامج وطني شامل للمصالحة و مواجهة كافة التحديات المتوقعة أصبحت ملحة لتوفير الجهد للبحث عن بدائل يستطيع الشعب الاعتماد عليها في حال ما نفذت أمريكا وحلفائها تهديدهم و وعيدهم لو بالقليل الذي يضمن عدم انهيار نواة الدولة الفلسطينية قبل ميلاد الدولة , لعل هذا يؤهلنا لمواجهة كافة التحديات القادمة التي تقف في وجهة الحلم الفلسطيني و خاصة تلك الإجراءات المتوقع حدوثها بعد قرار عضوية الدولة بالأمم المتحدة ,كالحصار الشامل وقطع المساعدات والأموال وتناسي العرب قضية شبكة الأمان العربية, والاتفاق على برنامج المصالحة يجب أن يكون فوري وبضمير وطني حقيقي يعي خطورة ما سوف نصل إليه جميعا بعد عضوية الدولة ,ويعي متطلبات الموقف الفلسطيني وبعد تنفيذ أمريكا وإسرائيل تهديداتهما بحق القيادة الفلسطينية, ولعل تنفيذ ورقة الدوحة لتشكيل حكومة دوله من الخبراء السياسيين ينبغي أن يأتي في اليوم التالي لنيل عضوية الدولة دون معيقات وتعليلات من أي طرف ,ومع هذا البرنامج يمكن نقل مقر حكومة الدولة والرئاسة إلى غزة لتجنب تكرار سيناريو العام 2002 أو أي سيناريوهات إسرائيلية انتقامية وهذا لا يعتبر هروبا و إنما بغرض الحفاظ على كينونة ومؤسسات الدولة الفلسطينية و حصارها وشل حركتها وضمان استمرارية إدارتها .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت