"إن أقوال أبومازن لا تتماشى مع أفعاله"، ذلك ما قاله مكتب الحكومة الإسرائيلية، "مراوغ يتحدث بلسانين"، ذلك ما قاله الوزير الاسرائيلي جلعاد أردان، "لا تتدخل في الانتخابات الإسرائيلية"، ذلك ما قاله وزير الخارجية الاسرائيلي ليبرمان، " يجب نزع الشرعية عن عباس" وذلك ما طالبه مستشار هنية من الشباب والفصائل الفلسطينية مطالبا برفع شعار "عباس لا يمثلني" .
كل تلك المواقف جاءت بعد إذاعة مقتطف من المقابلة الإعلامية للرئيس أبومازن على التلفزيون الاسرائيلي، فمهما كانت الكلمات التي استخدمها الرئيس أبومازن في المقابلة، ومهما كان سبب طرحها في هذا الوقت، فإنها تبقى تعبر عن واقعنا الضعيف أمام الاحتلال، والذي جميعنا يعلم بأن هدفنا الحالي هو إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967 وعاصمتها القدس، واننا تنازلنا واعترفنا بدولة إسرائيل على أراضي 1948، وان حق عودة اللاجئين مكفول ولا يستطيع احد التنازل عنه، كما ورد بقرار مجلس الأمن 194، وفي المبادرة العربية للسلام، ولكن كما ورد بالمبادرة "حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين"، فالحل الطبيعي العادل هو عودة كل اللاجئين ولكن عمليا ومنطقيا، لا يمكن تنفيذه بدون أن يؤدي إلى تدمير دولة إسرائيل، وإذا توفرت لنا القدرة في ذلك فتنفيذ ذلك سيكون قمة العدل، ومن المنطقي ألا يتم التفريط بذلك الحق، إلى أن يأتي اليوم الذي نستطيع فيه إحقاق العدل، وليومنا هذا لم ولن يفرط به أحد، أما عبارة " متفق عليه " وهي التي تعني البحث على حلول قابلة للتنفيذ، ويستطيع التعايش معها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، فهي مهما كانت ستكون مبنية على تنازلات عن حقوق من طرفنا، ومن ينادي بالسلام، ويطالب بدولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام، لا يستطيع ألا يتحدث عن حل متفق عليه لقضية اللاجئين، وان يطرح أفكار مهما كانت إبداعية ستكون اقل من حقوقنا، فالتفاوض على الحقوق لا يمكن ألا يكون مؤلما، فقبولنا بـ22% من فلسطين، وإدراج قضية اللاجئين للتفاوض قد آلمنا جميعا، ولكن لم يكن سرا لا يعلمه احد حين انتخب الشعب الفلسطيني الرئيس أبومازن،
ولم يكن سرا حين قبلت فيه حركة حماس رئيسا ليقسم أمامه رئيس حكومتها هنية، أما اليوم وان كان صرح الرئيس بكلام أمام الإعلام الاسرائيلي، لا يعجبنا جميعا، ولا اعتقد بأنه يعجب الرئيس أيضا، ولا أعتقد بأنه بقي لنا فائدة من الرهان على يسار أو يمين إسرائيلي، ولكن ربما هو يحاول أن يحصل على مكسب سياسي وطني معين من وراء ذلك، وخصوصا بأنه يسعى وراء المترددون في تأيد عضوية فلسطين، ومن ثم فليذهب التصريح إلى حاله، فجميعنا يعلم بأنه حتى لو تم الاتفاق على حل، فبدون موافقة الشعب عليه لم يتم، وأيضا من حق من لم يعجبه التصريح أن يحتج ويعترض، فالاحتجاج والاعتراض يقوي من موقف الرئيس، حيث يدلل ذلك بأننا نتكلم ونتفاوض على حقوقنا بألم وليس بيسر، التي من المفترض أن تُرد دون مساومة، ولكن كي نحترم أنفسنا ويحترمنا العالم، يجب أن نحتج بوسائل أكثر أخلاقية وأكثر رُقيا، فالتخوين وشن الحرب الإعلامية المليئة بالشتائم، تعيد وتوضح للعالم ولأنفسنا، صورة مستوانا الأخلاقي والثقافي المتدني في التعامل مع بعضنا البعض، والنكتة في من يطالبون بنزع الشرعية عن الرئيس، حيث يطالبون برفع شعار "الرئيس لا يمثلني"، والرئيس ليل نهار يرجوهم بتشغيل لجنة الانتخابات وقالها مئات المرات بأنه لن يرشح نفسه لانتخابات قادمة، فأنا أرجو مِن مَن يمنع الانتخابات، بان يسمح لي بممارسة حقي بانتخاب رئيس يمثلني، لأتخلص من رئيسي الحالي الذي لازال يمثلني بقوة الشرع والقانون.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت