القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء
بعد مرور عشرين عاما على فشل الدولة العبرية في اغتيال الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، كشفت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ النقاب عن قائد العملية، ويُدعى دورون كامبل، والذي أكّد خلال اللقاء معه، على أنّه بعد فشل العملية، التي انتهت قبل أنْ تخرج إلى حيّز التنفيذ، وذلك خلال التدريب الأخير الذي جرى في قاعدة (تسيئليم) العسكريّة في جنوب الدولة العبرية، الأمر الذي أدّى إلى مقتل خمسة جنود من وحدة النخبة في جيش الاحتلال (ساييرت مطكال)، أكّد على أنّه مباشرة بعد الحادث غادر إسرائيل ولم يعد إليها منذ ذلك الحين.
ولفتت القناة الثانية التجاريّة في برنامج التحقيقات (عوفداه) إلى أن اللقاء الأول الذي يُدلي فيه قائد العملية لوسيلة إعلاميّة تمّ في الولايات المتحدّة الأمريكيّة، حيث تحوّل كامبل إلى رجل أعمال ناجح وتُقدّر ثروته بعشرات الملايين من الدولارات، على حد قول مُعدّة ومًقدّمة البرنامج، الصحافية المخضرمة، إيلانا ديان.
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبريّة في عددها الصادر أمس الاثنين إنّه يتبيّن من البروتوكولات السريّة التي تمّ الكشف عنها في الفترة الأخيرة أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ آنذاك، إسحاق رابين، كان قد صادق في العام 1992 على عملية كوماندوز أطلق عليه اسم (شجيرة العليق) تهدف إلى اغتيال الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين عبر استخدام صواريخ موجهة من طراز تموز، وأوعز إلى الوحدة الخاصة لرئاسة أركان الجيش بالقيام بكافة التدابير والتدريبات اللازمة لتنفيذ العملية.
يُشار إلى أنّ أركان دولة الاحتلال أرادوا الانتقام من الرئيس الراحل صدّام لأنّه خلال حرب الخليج الأولى عام 1991 أمطر العمق الإسرائيليّ بـ39 صاروخاً هزّت الدولة العبريّة، وألحقت بها خسائر فادحة خصوصاً في الممتلكات. وساقت الصحيفة العبريّة أيضاً، إنّ التحقيق الذي بثته القناة الثانية يكشف عن النقاشات الداخلية التي دارت بين الحكومة وبين الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة حول هذه القضية، مؤكدةً على أنّ المستشار العسكري لرابين، في حينه، الجنرال عزرائيل نافو قد لخص أحد الاجتماعات التي عقدت لهذه الغاية في تشرين الاول (أكتوبر) 1992 بأن رابين وافق على تصفية الهدف، أيْ اغتيال الرئيس الراحل صدّام حسين.
وتابعت قائلةً إنّه وفقاً لما قام بتوثيقه المستشار العسكريّ لرابين فإنّ عملية كهذه يجب أن تتم في حال توافرت ظروف واحتمالات عالية جدا للنجاح مما يوجب بناء قدرة تنفيذ على أفضل وجه، والقيام باستعدادات متواصلة.
وزاد نافو أنّ رئيس الوزراء الأسبق رابين وصف الرئيس صدام حسين بأنه هدف مهم يمس بالأمن الداخلي لإسرائيل، ولا أرى في العالم العربي شبيهاً له، على حد تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، كشف التحقيق التلفزيونيّ الإسرائيليّ عن الخلافات التي سادت بين رئيس أركان الجيش آنذاك، وزير الجيش الحالي إيهود باراك وبين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) آنذاك، الجنرال في الاحتياط، أوري ساغي ومجموعة أخرى من الضباط الذين أعلنوا عن تحفظهم على الخطة الأصلية لعملية الاغتيال لدرجة أن البروتوكولات تكشف أن هناك تناقضاً بين طلبات رئيس الأركان باراك بالاستعداد لتنفيذ العملية في الأول من تشرين الاول (أكتوبر) وبين موقف رئيس الاستخبارات العسكرية ساغي بشأن العملية.
ولعل أهم ما يكشفه التحقيق التلفزيوني هو أن حادثة مقتل جنود إسرائيليين في أحد التدريبات في قاعدة (تسيئليم) في النقب كانت عملياً خلال تدريبات أخيرة ومكثفة استعداداً للعملية إذ كان يفترض محاكاة عملية إطلاق صاروخ موجه من طراز تموز مزود بكاميرا تمكن الجنود من توجيهه نحو الهدف بدقة متناهية، لكن الصاروخ أصاب مركبة عسكرية وأدى إلى مقتل 5 من جنود الوحدة المختارة (ساييرت مطكال)، وعلى أثر ذلك ورغم التحقيقات المكثفة التي أجراها الجيش تقرر في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1992 إلغاء العملية كلياً.
وبحسب التفاصيل التي كشف عنها قائد العملية كامبل في حديثه لبرنامج التحقيقات في القناة الثانية، فقد كانت الخطة تقضي بالوصول لبغداد وانتظار قيام الرئيس صدام حسين بافتتاح أحد الجسور وإطلاق الصاروخ الموجه باتجاهه لقتله، لكن حادثة (تسيئيليم) ألغت العملية كليا. يُشار إلى أنّ مقتل الجنود في التدريب سبب عاصفة كبيرة في الدولة العبريّة، واتهم باراك بأنّه المسؤول، لكنّه تمكّن من الإثبات بأنّ لا علاقة له بالحادث، مع أنّه كان في القاعدة العسكريّة لدى وقوع الحادث، جدير بالذكر أنّه بحسب الأجندة الإسرائيليّة فإنّ مقتل الجنود في التدريب الأخير ما زال يُسمى في إسرائيل : كارثة تسيئليم.
وبحسب الوثائق التي سمحت الرقابة العسكريّة للصحافي الإسرائيليّ، رونين بيرغمان، من "يديعوت أحرونوت" بالاطلاع عليها في أيلول (سبتمبر) الفائت، فقد باشرت الجهات المختصة بجمع المعلومات عن الرئيس العراقيّ، صدام حسين، ونمط حياته، خصوصاً وأنّه في تلك الفترة قلل من الظهور العلنيّ، وعلم الموساد، بحسب التقرير في الصحيفة العبريّة، بأنّ خاله الذي رباه يعاني من مرض السكري وقطعت رجليه بسبب ذلك المرض وأنّه يرقد في احد المستشفيات وأنّ أيامه باتت معدودة.
وبحسب التقديرات الإسرائيليّة، فإنّ الرئيس صدام كان سيُشارك في تشييع الجثمان، وأنّ ذلك سيكون في منتصف شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام 1992 في مقبرة العائلة في قرية العوجة في تكريت، ولفت الصحافيّ إلى أنّ قضية موعد وفاة خال صدّام أقلق الإسرائيليين، لكن الموساد وجد حلاً لهذه المشكلة، وهي قتل الخال مباشرة، ذلك أنّه كان يعاني الأمرين بسبب المرض، وعندها سيكون بمقدور المخابرات الإسرائيليّة تحديد موعد الاغتيال بصورة دقيقة جداً، وبحسب الخطة التي تمّ التدرب عليها، أضافت الصحيفة العبريّة، فإنّ طاقم الاغتيال الإسرائيليّ كان سيلبس الملابس العراقيّة، وتتم عملية إنزال أفراده بواسطة مروحيات تابعة لسلاح الجو الإسرائيليّ في الصحراء العراقية ومعه أربع آليات من التي يستخدمها الجيش العراقي، وتابع التحقيق قائلاً إنّه بحسب الخطة فإنّ طاقم الاغتيال يتحرك لمدة أربعة أيام حتى يصل إلى مقربه من المقبرة، وفي فجر يوم التشييع يتمركز 30 رجلا من أعضاء الطاقم وبقيادة الضابط (د) على مسافة 10 كم من المقبرة وبحوزتهم 10 صواريخ من طراز (تموز) وهي إسرائيليّة الصنع.
وحسب الخطة فإنّه عند وصول الرئيس صدام حسين إلى المكان المخصص لاغتياله يقوم احد أفراد الطاقم بتوجيه مجموعة الإطلاق في مجموعة الضابط د التي كانت لديها شاشه وفيها صورة جوية للمقبرة، وأنّ كلمة السر التي سيقولها القائد وعبر جهاز الاتصال للضابط: أرسل سيارة الأجرة، وعندها يقوم بإطلاق الصاروخ الأول ثم يتبعه صاروخ آخر للتأكد من اغتيال صدام حسين، وفي أثناء الفوضى التي ستحدث تقوم مجموعة بالانسحاب وتنضم للمجموعة الأخرى ثم ينتقلون إلى نقطة التجمع ومن هناك يعودون جواً إلى الدولة العبريّة.