غزة انتصرت في معركتها وجولتها القتالية مع الاحتلال الاسرائيلي، رغم القصف الهمجي والعدوان الذي يتواصل على القطاع وسقوط العشرات من المدنيين بين شهيد وجريح، واستمرار قصف طائرات الاحتلال الاسرائيلي للمنازل والشوارع والمقرات الاعلامية بأعتى الأسلحة الأمريكية وأموال النفط العربية.
إسرائيل التي تنتقض العهود والمبادرات توجعت وتألمت من جولة القتال الجديدة في قطاع غزة رغم عدم تكافؤ موازين القوى، والتي بدأتها إسرائيل باغتيال القيادي في كتائب القسام أحمد الجعبري الذي ساهم في انجاز صفقة تبادل الأسرى "شاليط" في 18 أكتوبر/ تشرين أول 2011 بين حركة حماس واسرائيل بوساطة مصرية، والتي تسعى اسرائيل من وراء التصعيد والعدوان على غزة افشال الجهود الدولية التي تبذلها القيادة الفلسطينية للحصول على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة.
فغزة البائسة مدينة البؤساء التي تئن الجراح والحصار معا والتي تعاني مشاكل اجتماعية واقتصادية عديدة، استطاعت ان تغير قواعد اللعبة في صراعها مع الاحتلال الاسرائيلي بقصف مدنه ومستوطناته وتعطيل كافة مناحي الحياة في أغلب المدن والبلدات الاسرائيلية وأبرزها تل أبيب، واستطاعت ان تقول كلمتها بسواعد مقاوميها والتي اعلنت منذ بداية المعركة تشكيل غرفة عمليات مشتركة في غزة لإدارة المعركة ضد عدوان الاحتلال الاسرائيلي الذي يواصل القتل والقصف والتدمير.
ان اغتيال الجعبري لهو خسارة كبيرة للمقاومة الفلسطينية وللنضال الوطني ضد الاحتلال الاسرائيلي لدوره في انجاز صفقة شاليط والافراج عن المئات من الأسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي، فتلك الجريمة فتحت الباب على مصراعيه في مقاومة المحتل الاسرائيلي وادخال الرعب في قلوب الاسرائيليين، مما جعل قادة الاحتلال يطالبون بتهدئة في غزة والذي كان بارزا في دعوة واشنطن لمصر للاسراع في اتمام تهدئة بين فصائل المقاومة في غزة مع اسرائيل، وبدا واضحا في وصول وفود قطرية وتركية رفيعة المستوى وعقدها لقاءات مع المصريين وقيادة حركة حماس في القاهرة.
فمصر اعتادت التوسط في ابرام اتفاقات التهدئة العديدة في كافة جولات القتال بين اسرائيل وغزة دون شروط سوى هدوء مقابل هدوء، والتي تعمل الحكومة الاسرائيلية على افشالها في كل مرة ولكن جولات التهدئة تعود من جديد بعد جولة من القتال يسقط فيها فلسطينيون شهداء وجرحى فقط دون ارغام الاحتلال بشروط قاسية، ولكن يبدو ان ابرام تهدئة مع الاحتلال في هذه المرة ستكون مختلفة عن سابقاتها.
فالفلسطينيون بحاجة الى دعم عربي وإسلامي كبير لا يقتصر على مد يد العون والمساعدة عبر القوافل والمساعدات التي تأتي الى غزة التي تواجه حصارا، بل بحاجة الى قرارات عملية ترغم الاحتلال على الرحيل والى الأبد، باستخدام سلاح النفط العربي وتجيّيش الجيوش لمساعدة الفلسطينيين وعدم تركهم لوحدهم في ساحة القتال ضد اسرائيل لانهاء الاحتلال ووقف التفرد الاسرائيلي بالفلسطينيين.
ولكن ما يطرح التساؤل، لماذا يترك الفلسطيني وحده في ساحات القتال بينما يُضرب العربي والاسلامي في ليبيا وسوريا بسلاح عربي وبجيوش وأموال العرب والمسلمين لأجل قتال أنظمة ديكتاتورية واستبدادية، بينما تعقد القمم العربية العاجلة وتتخذ قرارات حاسمة ضد بلدان عربية بينما ما يحدث في فلسطين ليست بحاجة الى قمم من تلك المثيل ولا نسمع منها سوى عبارات الشجب والاستنكار ووعودات لا تسمن ولا تغني من جوع.
* كاتب وصحفي فلسطيني- قطاع غزة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت