ان صمود الشعب الفلسطيني بتضحياته ومقاومته في مواجهة العدوان الصهيوني كان الأسلوب الوحيد للرد على الكيان الصهيوني وعربدته وعنجهيته وغطرسته وخاصم ممارساته الاقتلاعيه, الاستيطانيه , العنصريه، من سرق ألارض واقتلع الشعب والقيام بتهجير معظمه بعد مجازر ومذابح كثيرة اقترفها ولا يزال بحق أهلنا وأمتنا، ولولا وجود المقاومة كحق مشروع لشعب فلسطين والشعوب المحتلة اراضيها وفق ما نصت عليه قرارات ومواثيق الأمم المتحدة بما فيها حق استخدام الكفاح المسلح من بين أشكالها ووسائلها، باعتبار ذلك هي اللغة التي يجب فيها مخاطبة المحتل، باعتبار ان المقاومة هي النبراس التي من خلالها نيل الحرية والاستقلال .
ومن هنا نرى ان انتصار المقاومة والشعب في غزة الصمود والشموخ اثبت ان اللغة الوحيد التي يفهمها العدو هي لغة المقاومة والصمود والتضحية ، حيث صنع شعبنا بوحدته تاريخا ناصعا بين تواريخ عربية فيها الكثير من الانتصارات والنموذج حيا بيننا من خلال تجربة وانتصار المقاومة في لبنان والمقاومة في العراق ، صحيح ان اسرائيل لديها اسلحة متقدمة ، ولكن اسحلة وصورايخ المقاومة اسقطت قبضتها الحديدية .
امام واقع الانتصار نقول ان نهج المفاوضات مع الاحتلال استعملته حركات تحرر على قاعدة الربط بين المقاومة والمفاوضات ، فكانت حركات التحرر في مرحلة متقدمة من النضال ويجب علينا ان نستثمر تجارب حركات التحرر الوطني ونعمل على ارضية توجيه بوصلتنا نحو الوحدة والمقاومة وتوزيع الادوار حتى نتمكن من تحقيق اهداف الشعب في الحرية والاستقلال .
لقد انتصرت إرادة الشعب الفلسطيني المؤمن بعدالة قضيته على إرادة دولة الاحتلال التي رضخت حكومتها من خلال توقيع اتفاق التهدئة ، لان الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة ، والامتحان الحقيقي للمجتمع الدولي هو السعي لإلزام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ووقف تهويد الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات.
لهذا يجب على كافة الفصائل والقوى استثمار ما قدموه من صمود وتضحيات وأرواح ودماء أبرياء خطفتها يد البطش والإرهاب التي لا ترحم، والمدبجة بالكراهية والحقد وتصفية الآخر، مطالبون باستثمار التقدم الذي صنعوه في ميدان المعركة مع العدو، وخاصة صمود الشعب الفلسطيني الذي اجبر الاحتلال على توقيع اتفاق التهدئة، من خلال ترتيب البيت الفلسطيني، خاصة وأن الفرصة مواتية لإنجاز ملف المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، فالمصالحة الوطنية أصبحت أمرا ضروريا وملحا في هذه المرحلة التي تتكالب فيها المؤامرات الامريكية الاستعمارية على المنطقة والقضية الفلسطينية، والتي تسعى لتأمين مصالحها وتأمين بقاء كيان الاحتلال الصهيوني القوة الإرهابية على حساب استقرار المنطقة وأمن شعوبها وحقوقهم.
إن تهديد الوزيرة الأميركية كلينتون للرئيس محمود عباس ، وكذلك تهديد مجلس الشيوخ الأميركي السلطة الفلسطينية بعقوبات، لمنع توجه القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف بعضوية دولة فلسطين كدولة غير عضو ، وما سيتبعها من خطوات منها المطالبة بترسيم الحدود وزوال الاحتلال وغيرها من الخطوات التي تستوجب من الأمم المتحدة النظر فيها؛ أي تحول القضية الفلسطينية من قبضة الاحتلال الصهيوني وحليفه الأول الولايات المتحدة إلى القبضة الدولية، ما سيترتب على ذلك نتائج تصب في صالح القضية
ومن المهم الاشارة الى ان انتصار غزة وخروج الشعب الفلسطيني بشكل موحد وهو بهتف بالزغاريد للمقاومة وللنصر الذي احرزته فصائل المقاومة ، ولكن اما رأيناه من دول الربيع العربي أنها اخمدت صوت شعوبها ، من اجل الحفاظ على مكاسب لا بأس بها على صعيد علاقاتها مع الادارة الامريكية، وان" التضامن اللفظي"، الذي رأيناه من وزراء الخارجية العرب، لا يغني ولا يسمن، خصوصاً أنّ الامتحان ليس في ما يقول العرب بل بما سيفعلوه، ونحن اليوم ننتظر فك الحصار عن غزة، ونتطلع الى الدول العربية بان تضع إستراتيجية داعمة للشعب الفلسطيني، وتمارس الضغط السياسي والاقتصادي والنفطي والدبلوماسي في مواجهة الاحتلال حتى يستجيب لجقوق الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته، وبذلك تحترم كلمتهم امام شعوبهم الذين هم مصدر شرعيتها بعد الثورات التي حصلت، وكذلك العالم الذي لا يمكن مخاطبته بفقدان القدرة والعجز والاستجابة وغياب الارادة السياسية ، وخضوصا ما نتج عن اتفاق التهدئة وغياب القيادة الفلسطينية عن التوقيع اثار مخاوف وتساءلات من حق اي سياسي ان يتوقف امامها .
ختاما : ان الانتصار الفلسطيني في غزة على عامود السحاب هو انتصار لارادة الشعب الفلسطيني وكل من وقف ودعم هذا الانتصار ، وهذا يتطلب من جميع الفصائل التمسك بكافة اشكال النضال حتى تحرير الارض والانسان .
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت