الذين أخزتهم حرب غزة

بقلم: فايز أبو شمالة


جهاز المخابرات الإسرائيلية هو أول المخزيين من حرب غزة، فقد دللت إحداثيات المعارك على فشل كافة الأجهزة الأمن الصهيونية في كشف أسرار غزة العسكرية، وفي اختراق أسوارها الأمنية، ولا أقول: إن الدليل على فشل المخابرات الإسرائيلية هو تواصل إطلاق الصواريخ من غزة في اتجاه تل أبيب فقط، بل أقول: إن دليل فشل أجهزة الأمن الإسرائيلية هو مواصلة قصف المؤسسات المدنية، ومواصلة الغارات على بيوت قادة الجناح العسكري لكتائب القسام ذاتها، ليصير التشكك في كل جسم متحرك هي السمة الغالبة، وبالتالي انصبت نيران الفشل على الأطفال والنساء بشكل غبي، وهذا ما يخزي المخابرات الإسرائيلية.
لقد أخزت الحرب على غزة أولئك الذين دأبوا على جمع كل البيض الفلسطيني في سلة واحدة، واستسهلوا اتهام المقاومة في غزة بأنها لا تقاوم، وادعوا أن المقاومين قد صاروا تجاراً للسلاح، وأن الهدف من تكنولوجيا حفر الأنفاق هو تهريب المواد التموينية، وتحقيق المكاسب المالية لبعض قيادات المقاومة، وأن حماس تفرض التهدئة على الحدود مع غزة بالقوة، وهي لا تختلف عن السلطة التي تفرض التهدئة في الضفة الغربية بالقوة، هؤلاء المشككون بفكرة المقاومة، وبقدرتها، هؤلاء قد أخزتهم المقاومة مع كل صاروخ سقط فوق مدينة تل أبيب.
لقد أخزت الحرب على غزة أولئك الذين استسلموا لليهود، وخضعوا لهم، وقالوا ما لنا بهم طاقة، إن اليهود ذو بأس شديد، إنهم لا يقهرون، ولا يقدر عليهم أحد، فجاءت الحرب على غزة لتخزي أولئك الذين وهن العظم منهم، وضعفت إرادتهم، وهابوا ملاقاة العدو في ميدان المعركة، فراهنوا على السلام، وغردوا كالعصافير بالوئام ، وهجعوا بعد أن أطلقوا سرب الحمام، فلجئوا إلى التوسل، والرجاء، والاستخذاء، والمفاوضات، واستعطاف القاتل ألا يطلق علي قضيتهم رصاصة الرحمة، وقد ارتضوا أن تحز رقبة الوطن سكين المذلة.
وأخزت المقاومة الفلسطينية كل القادة العرب الذين تهربوا من مواجهة العدوان الإسرائيلي، ورضوا أن يعيشوا حكاماً رغم السيادة الإسرائيلية على كل أرض فلسطين، أولئك الذين تعودوا أن يجنحوا للسلام بمقدار ما جنح عدوهم للحرب، فطرحوا مبادرة السلام العربية تهرباً وتخوفاً من مواجهة الحرب الميدانية.
أما أكبر المخزيين من نتائج الحرب على غزة فهم أولئك الذين باعوا الوطن والدين، أولئك الذين مدوا أيديهم للتعاون مع الغاصبين، فمارسوا الفاحشة واعتقلوا المقاومين، أولئك الذين باعوا ضمائرهم، فضمنوا أمن المستوطنين، أولئك الذين سخروا أنفسهم عبيداً للصهيونية، فحموا الطرق الالتفافية، أولئك الذين يصرّون على انهم لا ينسقون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت