من مصطلح أن الصراع العربي - الإسرائيلي على أرض متنازع عليها إلى دولة فلسطينية ذات سيادة بمستوى مراقب، وتخضع لدولة احتلال من قبل إسرائيل، هذه القفزة على بساطتها، وبإرادة دولية صوتت لصالح هذا القرار في الأمم المتحدة، أزعجت إسرائيل وحلفاءها، لأن ذلك يغلّ يد إسرائيل أن تقدِم على تعديات قد تضعها أمام المساءلة في أي إجراء، لكن إسرائيل سارعت برد فعل بناء المستوطنات بالضفة الغربية لعزل أجزائها عن بعضها، حتى لا تنشأ أي دولة على تلك الأرض ما دفع دولاً مؤيدة لخطواتها القانونية وغير القانونية، لاستنكار هذه الخطوة وخاصة أمريكا ولحقت معها دول أوروبية..
الضغط الآخر جاء من محاولة حرمان الدولة الفلسطينية المحتلة من عائدات الرسوم الجمركية والضرائب التي تحصل عليهما وفقاً لاتفاقات أوسلو، وهذا سيجعلها في مواجهة مع انتهاك جديد لايمكن قبوله تحت أي طائلة تفرضها إسرائيل خاصة وأنهما أهم الموارد للسلطة، لكن هل ستكون تصرفات إسرائيل تجرها إلى مواجهة دولية، أم أنها اعتادت على حسم أمورها بدون عقاب؟
بعد هذه السيناريوهات المتسارعة، هل تتم المصالحة الفلسطينية وتحمي قرارات الدولة الوليدة من الاستقطاب والانتماءات إلى خارج دائرة ما يعد تدخلاً في شؤون القضية وأصحابها، وعملية أن تبقى الظروف كما هي، رغم النجاح الخاص بتحول المسألة الفلسطينية، وانتقالها من وضع النزاع الثنائي إلى قضية عالمية، يفرض أن يفكر الفلسطينيون بتحرير قراهم طالما تحولوا من كيان إلى دولة لها مسؤوليات والتزامات أكثر من بداية عهد الاحتلال وحتى اليوم؟
الدبلوماسية الهادئة طريق لكسب أرضية أكبر وتأييد أشمل، فيما الانسياق مع العواطف أو التشرذم قد يدفع الفلسطينيين لكثير من الخسائر بعضها فُرض عليهم، وبعضها الآخر جاء نتيجة أخطاء قاموا بها، ما يفرض مراجعة ذلك التاريخ واعتباره رصيداً للإصلاح والرقي بالموقف، والاستفادة من تلك التجارب التي جعلت انقساماتهم تضربهم سواء بالاتجاه إلى أنظمة عربية بذاتها، أو إقليمية ودولية لأن الحياد بين الخلافات مطلوب لتجنب المآزق والمزالق التي وقع بها القادة ورؤساء الأحزاب..
الموقف العربي، وإن كان يمر بحالة اللاتوازن نتيجة تتالي الأحداث، فهو في عمق المشكلة، والآن يستطيع أن يتحدث عن دولة محتلة من قبل مغتصب طالما جاء الاعتراف بها مشجعاً لطرح القضية برمتها على المحاكم الدولية، والأمم المتحدة، ورفع مستوى الشكاوى إلى وضع إسرائيل في واقعها الحقيقي..
إسرائيل تلوّح بقبول دولة فلسطينية تعترف بيهودية دولتها، وفي هذه الحال سترى الفلسطينيين مجرد شعب طارئ عليها بلا أرض، أو أقلية ليس لها الحق في المطالبة بأي حق على أرض الدولة اليهودية، مع أننا لم نعرف أن هناك دولة عالمية ذات أكثرية دينية سمت دولتها باسم عقيدتها إلاّ إسرائيل، وهذا أمر يرفضه الفلسطينيون مهما كانت مبرراته ومحاولات فرضه..
كلمة جريدة الرياض السعودية
الاثنين 19 محرم 1434 هـ - 3 ديسمبر 2012م - العدد 16233
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت