ادرك كغيري خصوصية الشعب الفلسطيني وحساسيته وموقفه من ظاهرة العملاء ومحاسبتهم، وان هناك شبه اجماع حول اجتثاثهم، وإنزال اقصى العقوبات فيهم، لذا اثارت قضية مقتل مجموعة من المشتبه بهم بالتعاون مع قوات الاحتلال اثناء عدوان الثمانية ايام الاخير على قطاع غزة جدلاً ونقاشاً بين معارض ومؤيد لقتلهم، وإلقاء جثثهم في الشارع والتمثيل بها من قبل مجموعة من المسلحين، وقيام عدد ليس قليل من المواطنين بالابتهاج فرحا بقتلهم.
وتناقلت وسائل الاعلام المختلفة خاصة الغربية صور القتلى، وهم يجرون في الشوارع بطريقة معيبة ومهينة ومنافية لأخلاقنا الدينية والوطنية، و لنضال المقاومة وانجازها بالانتصار وأدائها الرائع في مقاومة الاحتلال، وتركت كثير من وسائل الاعلام الغربية تغطية جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، وركزت على تغطية قتل المتعاونين وأصبح شغلها الشاغل.
فلسطينيا وعلى لسان اكثر من مسؤول في حركة حماس والحكومة في غزة خرجت تصريحات وإدانات شديدة اللهجة مطالبة بمحاسبة الاشخاص الذين قاموا بتلك الجريمة، وإيقاع العقاب بحقهم، وبعد التوصل الى وقف اطلاق النار اعلنت الحكومة عن تشكيل لجنة تحقيق في الجريمة وكانت خطوة جيدة من اجل سيادة القانون وتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن فعلهم الشائن.
اثناء عدوان الثمانية أيام الاخير على قطاع غزة، أرادت اسرائيل إبراز غطرستها وفائض قوتها الاجرامية ضد شعب اعزل، وانها تمتلك من القدرات العسكرية الفائقة والمتطورة والوسائل التكنولوجيا في حربها الاجرامية ضد السكان المدنيين، وغطت سماء القطاع بطائرات الاستطلاع التي لم تغيب دقيقة واحدة خلال العدوان او السنوات الماضية، وركزت بشكل كبير على الدعاية لبث الرعب وتخويف الناس. وادعت انها على علم بتفاصيل التفاصيل بكل ما يجري في القطاع عن المقاومة وقدراتها العسكرية، وأماكن منصات الصواريخ وتخزينها وإطلاقها، وانها قضت منذ الضربة الاولى على صواريخ فجر وغيرها من القدرات العسكرية للمقاومة.
وعلى الرغم من ما تملكه قوات الاحتلال من تكنولوجيا متقدمة إلا أنها تدرك خطورة العنصر البشري في العمل على الأرض، بين المواطنين ورجال المقاومة وتسهيل عمل قوات الاحتلال في اغتيالهم وإفشال مهامهم القتالية، وبث الشائعات في صفوف المواطنين والتأثير في النسيج الاجتماعي الفلسطيني واستغلال حال الانقسام وتعميقه.
فعملت على تفعيل عملائها وتجنيد عملاء جدد، وتطوع عدد غير قليل للعمل كعميل بمحض إرادته، وبين العدوان الاخير ان هناك عدد ليس قليل من العملاء يعملون على الارض او بوسائل تكنولوجيا متقدمة جداً، كما كان الحال في عدوان 2009،2008.
ظاهرة العملاء ظاهرة خطيرة جداً، وعملاء الاحتلال الإسرائيلي هم جزء لا يتجزأ من البنية الأمنية والعسكرية والسياسية للاحتلال، وهم من أخطر أدواته ويعتبرون جزء أساسي من أذرعه المغروسة بين الفلسطينيين، ينفذون الجرائم التي تواصل قوات الاحتلال ارتكابها بحق الفلسطينيين، وهم ركن أساسي في الجرائم الذي نفذتها وما زالت قوات الاحتلال تنفذها.
فإن مهمة ملاحقة عملاء الاحتلال ومحاربتهم وتقديمهم للقضاء هي مهمة وضرورة فلسطينية بامتياز، يجب ملاحقتهم بشدة وحزم، ويجب الا يفلتوا من العقاب، فظاهرة العملاء في المجتمع الفلسطيني قديمة قدم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وهي مرتبطة بوجوده، فقد شكل العملاء وصمة عار على جبين قضيتهم، وكانوا وما زالوا عبئاً أمنياً خطيراً على الثورة الفلسطينية، وهماً اجتماعياً على عائلاتهم ومجتمعهم.
إن ملاحقة العملاء هي من واجب الحكومة كما ان مسؤوليتها عدم التسامح مع من ارتكب جريمة قتل المشتبه بهم بالتعاون اثناء العدوان، هؤلاء في ذمة الحكومة في غزة وعليها محاسبتهم وملاحقتهم وعدم إفلاتهم من العقاب، وتعويض ذويهم عن ما لحق بهم من اذاى قانوني ونفسي ومعنوي، وكذلك ما لحق بالمجتمع الفلسطيني ومقاومته من أذى وتشويه صورتها التي يجب ان تبقى ناصعة البياض وبريئة من مثل هذه الافعال الشائنة والمدانة.
والحكومة في غزة تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن هذه الجريمة، وتقديم مرتكبيها للعدالة واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، من خلال تطبيق مبدأ سيادة القانون.
المقاومة ضحية وليست جلاداً، فنضالنا مع الاحتلال مرتبط بأننا الضحية ليس من باب الضعف، فالحقيقة اننا ضحايا جلاد مجرم متغطرس يرتكب جرائمه بغطاء وصمت دولي رهيب، فالمقاومة هي حق لنا في مقاومته بكافة الوسائل، ومقاومتنا حققت النصر بأدائها وصمود الشعب والتفافه حولها وشكل الحض الدافئ لها.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت