غزة – وكالة قدس نت للأنباء
آثار خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل خلال مهرجان الذكرى الخامسة والعشرين لإنطلاقة الحركة في غزة، جملة من التساؤلات حول سياسة حماس من الناحية الفلسطينية الداخلية وما يترتب عليها بملف المصالحة الوطنية، إضافة إلى تعاملها (الحركة) مع الانفتاح العربي والدولي وطبيعة علاقتها المستقبلية في التعامل مع إسرائيل.
ويجمع محللون سياسيون فلسطينيون بأن حماس دخلت ما بعد "حرب الأيام الثمانية"-العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة- مرحلة سياسية جديدة أظهرت فيها نيتها على التعامل بجدية مع الملفات الفلسطينية الداخلية العالقة وأولها المصالحة، وإمكانية أن تكون مستقبلا لاعب أساسي في صياغة القرارات المصيرية المتعلقة في الصراع مع إسرائيل.
ويصف الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل خطاب مشعل - الذي يقوم بأول زيارة له إلى قطاع غزة على رأس وفد من قيادة حماس في الخارج- بالمهم ويحمل تأكيد في أكثر من جهة ويعكس جدية حماس في تطبيق المصالحة الفلسطينية، معللا ذلك باستخدام مشعل مفردات جديدة في خطابه إضافة للظروف العامة لهذه المرحلة قائلا" في ثنايا حديث(مشعل) ورد ما يفيد بأن حركة حماس مستعدة إلى الانتقال نحو مربع السياسية".
وتابع" حماس مستعدة لتحقيق توازن وطني فلسطيني برنامجي ينطلق من الحرص على الثوابت، وهذا أمر مهم بمعني أنه وهو يتحدث (مشعل) بالسياسية عن المقاومة لا يريد أن تأتي حركة فتح والآخرين على برنامج المقاومة بالضبط وهذا يعنى إمكانية تحقيق توافقات سياسية".
مشعل أكد في حديثه خلال مهرجان الإنطلاقة الذي أقيم بساحة الكتيبة غرب غزة، يوم السبت، بحضور وفود عربية ودولية ووفد من حركة فتح للمرة الأولى منذ وقوع الانقسام الداخلي عام 2007، أن المطلوب فلسطينيا بعد " الانتصار" الذي حققه المقاومة في غزة و"الانتصار" الذي حققه السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة بحصولها على عضوية مراقب هو طي صفحة الانقسام وبناء وحدة وطنية حقيقة .
وقال مشعل الذي استقبلته حشود كبيرة الجمعة إن" حركته ما زالت تسعى للتوافق السياسي، والإتفاق على برنامج سياسي مشترك يتقاطع مع برنامج حماس، ولكن أي مشروع سياسي مشترك يجب ألا يكون على حساب الثوابت الوطنية الفلسطينية في الأرض والقدس وحق العودة والمقاومة".
وأضاف مشعل "نحن نريد برنامح سياسي مشترك دون أي تنازل عن شبر أو جزء صغير من فلسطين أو حتى أي إعتراف بشرعية الاحتلال أو بإسرائيل"، موضحا "لا بد من مراجعة شاملة لبرنامجنا السياسي للفترة الماضية، أكثر من 20عاما ، وآن الأوان لطي صفحة الانقسام وبناء الواحدة الوطنية الحقيقة".
استعداد للتوغل أكثر بميدان السياسة...
ونبه الكتاب والمحلل السياسي عوكل في حديث لوكالة قدس نت للأنباء إلى تأكيد مشعل بأن حماس ليست منظمة "إرهابية" ولا تتبنى العنف إلا في مواجهة العنف الإسرائيلي بمعنى ردت الفعل وهم يبحثون على الحقوق وليس القتل"، مبينا أن الخطاب ينطوي على المصداقية إضافة لوجود متغيرات في الحراك السياسي والاستعداد للتوغل أكثر في ميدان السياسة.
ويرى أن حماس لديها توجه نحو العمل السياسي والانفتاح على المجتمع الخارجي سواء العربي والدولي وهذا يشير إلى استعداد حماس إلى أن تتعامل بإيجابية مع معطيات العمل السياسي العام وليس الفلسطيني، رابطا ذلك بالوفود الرسمية التي جاءت من الخارج للمشاركة في مهرجان الانطلاقة، معتبرا ذلك شكل من أشكال وانفتاح للعالم.
إسرائيل خاسرة لوجود طرف فلسطيني واحد...
ويلفت إلى أن إسرائيل تحاول أن تدفع غزة باتجاه مصر وتقول ليس هناك شريك فلسطيني، قائلا" إسرائيل لو فكرت في التلاعب بهذا الخيار أو التفاوض مع حماس على حساب التفاوض مع السلطة الفلسطينية فهذا كله من باب التلاعب على الانقسام الفلسطيني".
ويعتقد الكاتب والمحلل عوكل أن حماس في حال توجهها إلى المصالحة يعنى أنها مستعدة لأن تكون شريكة في السياسية الفلسطينية وحتى المفاوضات إذا جرت مفاوضات مناسبة وصياغة السياسات وربما لاحقا يمكن أن تكون الشريك الأكبر في صياغة القرار الفلسطيني وستكون إسرائيل خاسرة لوجود طرف فلسطيني واحد مستعد للبحث عن حقوق الفلسطيني.
مشعل الذي تحدث امام المشاركين في مهرجان الانطلاقة الحاشد خاطب المجتمع الدولي قائلا"لقد قصرتم في حقنا وانحزتم لإسرائيل، لقد صحي ضميركم لفترة صغيرة، ولكن الدول الكبرى ما زالت منحازة لإسرائيل".
وأضاف مشعل للمجتمع الدولي "إذا رأيتم طريق للتحرير غير المقاومة فقولوا لنا عليه، لقد جربناكم لـ 64 عاما ولم تنصروا شعبنا الفلسطيني، ولذلك إذا ذهبنا للمقاومة لا تلومونا، لان التاريخ وسنن الله يقولون أنه لا نصر ولا تحرير بدون مقاومة وبدون معركة".
وأشار رئيس المكتب السياسي لحماس بأن" المقاومة الفلسطينية لا تقاتل اليهود لأنهم يهود ولكنها تقاتل الصهاينة وكل من يحاول أن يحتل الأرض الفلسطينية، كل من يحاول أن يؤذينا ويعتدي علينا، وفي ظل أن المشروع الصهيوني مشروع بغيض ودموي".
وشدد مشعل على أن حق العودة هو حق مقدس، ومبدأ حركة حماس قاطع بأنه" لا للتوطين ولا للوطن البديل، لا وطن إلا فلسطين، ولايحق لأي إعلامي أو سياسي مصر أن يتحدث عن نوازع لفلسطينيين بالإمتداد في صحراء سيناء، ليس الشعب الفلسطيني الذي يغادر أرضه، مخاطبا الإعلام المصري "إتقوا الله في غزة وفلسطين، فأنتم لم يأتيكم من غزة إلا الخير".
لم تظهر هذه المفاجأة...
من جانبه يرى أستاذ الإعلام والعلاقات الدولية نشأت الأقطش, أن حديث حركة حماس في مهرجان انطلاقتها الـ25 لا يحمل جديد على مستوى المواقف قائلا إن" كل ما تم التأكيد عليه تم التحدث به في السابق"، مشيرا في حديث لوكالة قدس نت للأنباء، بأن كل ما ظهر أنه جديد فعلا، هو أن حماس دخلت مرحلة جديدة بعد انتصار غزة على العدوان الإسرائيلي الأخير، وأن حماس لم تعد رهن إسرائيل بالمعابر والأوامر والإستهدافات لقادتها.
ويلفت إلى أن حماس اليوم دشنت مرحلة جديدة تمثلت بدخول قادتها في الخارج إلى غزة والذين كانوا في السابق مستهدفين وممنوعين بتاتا من الدخول للأراضي الفلسطينية, اليوم هم يأتون أمام الجميع ويشاركوا في الإنطلاقة، بل ويستطيعوا أن يعيشوا في قطاع غزة.
وينوه الأقطش بأن حركة حماس في إعلانها قبل المهرجان قالت إن" هناك مفاجئة ستخرج خلاله، ولكن جاء المهرجان وخرج ولم تظهر هذه المفاجأة في ظل أن كل ما ظهر هو معلوم للشارع الفلسطيني بالكامل ولم يظهر أي غريب أو جديد".
الشارع مصاب بحالة إحباط شديدة...
وفي سياق المصالحة الوطنية، عبر أستاذ الإعلام والعلاقات الدولية عن إعتقاده في أن ما تحدث عنه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مشعل ليس بالجديد، بل هو ما أعلن في السابق، وهو أن هناك مصالحة في الأحاديث لكن لا يوجد أي شيء على أرض الواقع.
ويوضح الأقطش بأن كل ما تحدثت عنه حركة حماس في مهرجانها هو ليس إرادة لتطبيق المصالحة على أرض الواقع, ولكن فقط تريد إدارة للإنقسام, وأن يبقى ما في غزة في غزة, وأن يبقى ما في الضفة في الضفة.
ويرى أن الشارع الفلسطيني مصاب بحالة إحباط شديدة، في ظل الحديث الحالي عن المصالحة وكافة الأحاديث السابقة عن البرنامج السياسي المشترك، لافتا إلى انه منذ العام 2011 والأحاديث كما هي، ومنذ شهر كان هناك إنتصارات وقالوا في فتح وحماس أن هناك مصالحة، ولم يحدث شيء على أرض الواقع.
ويقول الأقطش إن "المواطنين الفلسطينيين أصبحوا محبطين من تنفيذ هذا الملف، لهذا هو لا يحتاجوا إلا لتطبيق فعلي على أرض الواقع وهذا يحتاج لإرادة حقيقية"، معتقدا بأن ما تحدث به مشعل حول عدم الإعتراف بإسرائيل وفلسطين من البحر للنهر هي أحاديث قديمة، وإسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة غزة تحدث بها منذ حرب 2008 على غزة حينما خرج وقال "أقسم بالله أننا لن نعترف بإسرائيل", وأيضا في الحرب الأخيرة وهي رسالة واضحة للجميع أن حماس لم تخرج بإستراتجية جديدة.
وتأتي زيارة مشعل إلى غزة والتي تستمر ثلاثة أيام بعد أسبوعين من الاتفاق على هدنة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية، إثر العدوان الأخير على القطاع والذي استمر لـ(8) أيام متواصلة.
ويعتبر هذا المهرجان الأكبر لحماس في قطاع غزة والأول الذي يقام بحضور مشعل وقيادة الحركة في المنفى، وقال مسؤول امني في حكومة غزة التي تقودها الحركة إنه "رغم هطول الأمطار حضر (250 ألف) شخص المهرجان الذي أقيم على ساحة الكتيبة غربي غزة.