شاء قدر الله سبحانه وتعالى أن يجعل كُلاً من سكان مصر وفلسطين مشتركان في مصير واحدٍ؛ وأن يكونوا في مواجهة عدو واحد مشترك بينهما ويمروا معاً في نفس التجربة الديمقراطية.
فلو عدنا إلى أصل التسمية لوجدنا أن كلا الدولتين تعودا بجذريهما إلى سيدنا نوح عليه السلام فمصر نسبة إلى حفيد سيدنا نوح "مصرا يم بن بنصر بن حام بن نوح" الذي سكن مصر بعد الطوفان.
فلقد كان لسيدنا نوح عليه السلام بعد الطوفان أربعة أبناء هم "سام و حام و يافث و يخطون". لذلك فإن المصريين من أصل "حامى" أي جدهم الأكبر هو حام بن نوح. أما العرب في الجزيرة العربية فجدهم الأكبر هو "سام بن نوح". وأن أصل تسمية فلسطين يعود للقبيلة العربية السامية (كنعان) والتي تعود جذورها إلى سام بن نوح عليه السلام.
فالمراقب إلى تسلسل الأحداث منذ عام 1948م، نجد أن كلتا الدولتين حاربتا جنباً إلى جنب العدو الصهيوني الذي سرق الأرض وشرد أهلها وأحتل مدنها وزور الحقائق والتاريخ، وأستوطن فيها قطعانه في مشهد لم يحدث ولم يتكرر على مر السنين؛ وحينما أكرمهما الله بتغير دراماتيكي بعد سقوط الكتلة الشرقية واندلاع الانتفاضة الفلسطينية المباركة وما تبعه من تعاظم قوة التيارات الإسلامية في المنطقة العربية؛ ومرور المنطقة بحالة وعي ديني وصعود بعض أحزاب الإسلام السياسي لواجهة الأحداث.
وقد حدث الزلزال السياسي بفوز حركة حماس -المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين العالمية- في أول انتخابات تشريعية – ديمقراطية- بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة جراء ضربات المقاومة، وما لاقته حماس بعد ذلك من مناكفات سياسية- من الخصوم السياسيين- ووضعوا عراقيل أمام التزاماتها وتعهداتها التي قطعتها أمام الناخبين إلى أن وصل الأمر إلى اغتيال بعض العلماء وقتل المؤيدين لحماس بدم بارد- من قبل رموز الأجهزة الأمنية- التي استنكفت وتمردت على قرارات وزير الداخلية- آنذاك- الشهيد/ سعيد صيام- رحمه الله- إلى أن وصل الأمر بحركة حماس أن عزمت الأمر وأخذت قرارها بالقيام بعملية تطهير كبرى-حسم عسكري- لتصوب من خلاله الأوضاع التي رأت فيها إهانة لها أمام ناخبيها، ونجحت في وقف تلك الممارسات ونجحت بعد ذلك حماس في اختراق أدبيات وأبجديات المؤامرة الدولية التي حاولت بشتى الطرق إفشال تلك التجربة الديمقراطية التي كللها العرس الفلسطيني في أبهى صور الديمقراطية عام 2006، التي أفرز وصول الإسلام السياسي لسدة الحكم في فلسطين.
وها هي مصر تمر في تلك المراحل ويكأن التاريخ يعيد نفسه وأبى المصير إلا أن يبقى مشتركاً مع فلسطين في كل شئ، أصل التسمية والعدو المشترك ووحدة الدم والأمن القومي والمخاض في ولادة ديمقراطية حقيقية بعد الثورة على الظلم والاستبداد؛ فمصر كبيرة في مكانتها تستحق تضحية أكبر من أجل عملية ولادة سياسية عسيرة على قدر حجمها ومكانتها الإقليمية.
فهل يستطيع حزب الحرية والعدالة اجتياز تلك المرحلة الانتقالية والتغلب على العراقيل وخوض غمار المعركة السياسية مع الخصوم السياسيين والتجديف بالسفينة للوصول إلى بر الأمان دون اللجوء لعملية حسم سياسي في مواجهة رجالات الرموز السابق ومن يتآمرون معهم من داخل وخارج الوطن.
رفح في 09/12/2012
الكاتب والمحلل السياسي
المحاضر في جامعتي الأمة وفلسطين
أ.د. كمال محمد الشاعر
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت