قبل فوات الاوان المطلوب تجسيد الانجاز السياسي على الارض

بقلم: أكرم أبو عمرو


كثيرة هي القرارات الدولية التي صدرت لصالح القضية الفلسطينية ، بدءا من القرار رقم 194 عام 1949 ، حتى القرار الأخير A/67/L.28 الصادر بتاريخ 26/11/2012 ، لقد آلت معظم هذه القرارات إلى أرفف الأمم المتحدة بدون تنفيذ ، إما لعدم مبالاة إسرائيل بهذه القرارات وضربها بعرض الحائط لكل قرار أممي يصدر لصالح الشعب الفلسطيني في تحد سافر وصريح لكل القرارات الدولية تقوم به دولة عضوا في الأمم المتحدة ، وإما لتجاهل دول العالم لقضية شعبنا طوال أربع وستين عاما والنظر فقط إلى هذه القضية من منظور إنساني .
إن عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي انتظرناها عقودا من الزمن إنما يأتي في اعتقادي نتيجة ضعفنا وعدم قدرتنا على توظيف هذه القرارت لصالحنا وربما أجد لنا عذرا ، لان قضيتنا انتظرت طويلا قبل أن تتولى قيادات فلسطينية أمرها ، فالقرار الفلسطيني كان رهينة إرادات الزعامات العربية التي اتخذت من فلسطين وسيلة لبقائها على سدات الحكم ولمواصلة استبداد شعوبها ، وبعد مرور زمن ليس بالقصير قدم فيه الشعب الفلسطيني الكثير من التضحيات أصبح القرار الفلسطيني قرارا مستقلا ، ولعل قرار الرئيس محمود عباس بالذهاب إلى الأمم المتحدة في العام الماضي لنيل عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة ، وذهابه إلى الأمم المتحدة في نوفمبر 2012 لنيل عضوية لفلسطين بصفة مراقب على الرغم من اعتراضات وتهديدات الكثير من الدول بعدم الذهاب ، لهو خير دليل على استقلالية القرار الفلسطيني الذي يمكن أن يبنى عليه من الآن فصاعدا .
من هذا المنطلق فإننا نرى انه من الضروري الآن وبدون أي تأخير سرعة تجسيد القرار الاممي الذي منح فلسطين صفة الدولة المراقب ، كما أن التجارب السابقة وتاريخ نضال شعبنا علمتنا أن الحقوق تؤخذ بل تنتزع انتزاعا ، وعليه فلا يجب أن ننتظر أحدا لكي يجسد لنا دولتنا على الأرض ويجعلها حقيقة واقعة من الناحية القانونية والسياسية والجغرافية ، وهنا نتساءل متى سوف نرى جميع أوراقنا الرسمية معنونة باسم دولة فلسطين، بدءا من بطاقة هويتنا إلى جواز السفر الفلسطيني وباقي الأوراق الرسمية الفلسطينية ، متى تتحول ممثليات فلسطين في الخارج إلى سفارات تقوم بالفعل بخدمة أبناء شعبنا في الخارج ورعاية مصالحهم ، متى يتم تفعيل العديد من القرارات الدولية التي صدرت لصالح شعبنا وقضيته وأول هذه القرارات قرار محكمة لاهاي بشان الجدار الفصل العنصري ، والقرارات الأخرى المتعلقة بالاستيطان ، متى نبدأ ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين لمعاقبتهم لما اقترفوه من جرائم بحق شعبنا متى ومتى أسئلة نسوقها على سبيل المثال لا الحصر .
إذن لا بد من الانطلاق الآن وليس غدا قبل فوات الأوان وخاصة انه أصبح لنا غطاءا قانونيا وسياسيا دوليا ، بالإضافة إلى دعم معظم دول العالم لنا ، ولنا في موقف العديد من الدول الأوروبية الأخير من قرار الحكومة الإسرائيلي بإنشاء 3000 وحدة سكنية استيطانية في القدس والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية شاهدا على هذا الدعم الجديد والمتنامي .
وإذا كنا ندعو إلى تجسيد القرار الاممي على الأرض بدءا بإجراءات عملية تتخذها القيادة في الداخل الفلسطيني ، وأولها سرعة اعتماد اسم دولة فلسطين على كل الأوراق الفلسطينية الرسمية ، إلى الانطلاق خارجيا لملاحقة إسرائيل في المحافل الدولية ، لابد من الأخذ في الاعتبار ضرورة تماسك جبهتنا الداخلية لكي تكون فلسطين وشعبها خطا أحر لا يمكن تجاوزه مهما حصل من خلافات في المواقف والرؤى السياسية ، فخلافاتنا يجب أن تكون من خلال منابرنا ومؤسساتنا ، لا أن تكون على المنابر الدولية والإقليمية وتسويقها في سوق المناكفات الإعلامية المبنية على أساس المصالح الحزبية والفئوية الضيقة .
وبناء على ما تقدم فإننا نعتقد بان محافظتنا على انجازات شعبنا الأخيرة ودعونا نطلق عليها انجازات نوفمبر 2012 ، حيث النتائج المشرفة التي حققها شعبنا بصموده أمام العدوان الهمجي والبربري الإسرائيلي أولا ، ثم حصول فلسطين على مقعد في الأمم المتحدة كدولة بصفة مراقب يتطلب منا جميعا ، عدم التقليل مطلقا من هذه الانجازات التي تبدر من قبل البعض وأولها القرار الاممي الأخير ، وفي نفس الوقت عدم الإفراط في وصف نتائج الحرب الأخيرة ، نعم أن نتائجها كبيرة ومشرفة وأثبتت قدرة شعبنا على الصمود والتصدي ، بل هي منعطف كبير في تاريخ صراعنا مع عدو مغرور متغطرس ، وربما تؤسس لمرحلة جديدة من النضال ، ولكن لا ننسى أنها معركة والمعارك قادمة وأمامنا مشوار طويل ، ولنعلم أن عدونا يمتاز بالمكر والخديعة ولا يحفظ عهدا ولا ذمة ، وهذا ما اخبرنا به القرآن الكريم .
وأن أول خطواتنا في المحافظة على هذه الانجازات ومن ثم تطويرها والمضي بها قدما هو وحدة شعبنا ، فيجب الشروع فورا بإنهاء الانقسام لقد بدأ الشعب الخطوة الأولى وعلى القيادة الخطوة التالية ، وبدون وحدة شعبنا سنظل انتصاراتنا وانجازاتنا كلمات في أغاني في الاحتفالات والمهرجانات فقط .

أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
10/12/2012

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت