سحقاً لمبادرة السلام العربية

بقلم: فايز أبو شمالة


الناس تبكي على الأحياء حين يموتون، وتُفجع لفراقهم حين يدفنون، ولكن أن يُفجع السيد محمود عباس على مبادرة السلام العربية التي ماتت منذ زمن بعيد، ويرفض إزاحة جثتها عن طاولة الاجتماعات العربية، فهذا أمر جديد! ولاسيما أن وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم قد طالب بسحب المبادرة، وقال: إن مبادرة السلام العربية لن تبقى مطروحة إلى الأبد، إننا لا نسعى إلى السلام بأي ثمن، والسلام بالنسبة لنا لا يعني الاستسلام".
فلماذا لم يلتقط محمود عباس هذه اللحظة التاريخية، وهو الذي يشكو للعرب التعنت الإسرائيلي، والاستيطان في منطقة E1، ويعترف أمامهم بورطته حين يقول: صحيحٌ إننا قد حصلنا على دولة، لكن على الارض هناك انهيار للسلطة، اذ لسنا قادرين على دفع الرواتب.
قادم الأيام سيكشف لنا السر في إصرار عباس على بقاء مبادرة السلام العربية، وسبب دفاعه عنها، وهو يقول: ثلاثة خيارات بديلة عن مبادرة السلام العربية، الخيار الأول هو الحرب، فهل أنتم جاهزون للحرب؟ أنا لست جاهزاً للحرب !. ويضيف عباس: أما الخيار الثاني فهو مواصلة عملية السلام التي نسير عليها، وبقاء مبادرة السلام العربية يخدمنا. أما الخيار الثالث فيتمثل في نشوء حالة لا حرب ولا سلام، وهذا أسوأ من خيار السلام.
فإن كان السيد عباس مقتنعاً بوجود عميلة سلام ! فأين هي؟ وأين ثمارها؟ وكيف تقترح في الدوحة بعد عشرين عاماً من المفاوضات، وضع الية لمدة ستة اشهر، تقول بالانسحاب من الاراضي المحتلة، وبإطلاق سراح الاسرى، ووقف الاستيطان ؟.
ألا يعني هذا الاقتراح استمرار حالة لا حرب ولا سلام من قبل السلطة الفلسطينية، مع استمرار الحرب من قبل إسرائيل برفضها وقف الاستيطان، ورفضها إطلاق سراح الأسرى، ورفضها الانسحاب، وبل رفضها الاعتراف بوجود شريك للإسرائيلي في عملية السلام ؟! .
قد يبرر بعض الفلسطينيون رفض السيد عباس للمقاومة المسلحة ضد الإسرائيليين، ويقول: إن منطلق الرفض قائم على عدم تكافؤ القوى، وربما لقناعة الرجل بالسلام، وعدم قدرته على رؤية الدم يسيل على أرض فلسطين، ولكن ما السر الذي يجعل السيد عباس يرفض فكرة الضغط الناعم الرقيق على الإسرائيليين من خلال سحب مبادرة السلام العربية؟ّ!
لماذا يرفض عباس المنطق السياسي الذي طرحه وزير خارجية قطر، والذي يردده البشر جميعهم، والذي يقول: بعد هذه السنوات العشر لا بد من الوقوف وقفة موضوعية لإعادة تقييم عملية السلام؛ بما فيها المبادرة العربية، وأن ندرس بعمق المتغيرات المتلاحقة في المنطقة وفي العالم، وأن نحدد بدقة خطانا، وخارطة طريقنا للمرحلة القادمة ؟.
بعد هذا الموقف الرسمي الفلسطيني الرافض لإعادة تقييم عملية السلام، بما فيها المبادرة العربية، هل يحق لأي فلسطيني أن يتهم العرب بالقصور في حق القضية الفلسطينية؟
فعندما قال عباس: إنه غير جاهز للحرب، وافق معه العرب، وعندما قال: إنه يرفض سحب مبادرة السلام العربية، وافق معه العرب، وعندما قال: نريد منكم شبكة الأمان المالي لدعم السلطة الفلسطينية، وافق معه العرب، وقرروا توفير المال، وقد كفاهم عباس شر القتال !.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت