إن أجواء الانتصار السياسي والعسكري الذي أحرزه الشعب الفلسطيني من خلال رص الصفوف من جميع الأطياف والفصائل وراء المقاومة والرئيس عباس في الأمم المتحدة، هيئت الظروف المناسبة لبدء مصالحة وطنية حقيقية على أرض الواقع، وقد يكون أول المؤسسات العامة والخاصة التي سبقت الجميع إلى الوحدة الوطنية هي جامعة الأقصى من خلال تأليف مجلس جامعة توافقي أشرفت علي تكوينه وزارة التعليم العالي، والذي على أثره سارع العاملين في الجامعة لدعوة إلى تكوين نقابة توافقية تأخذ على عاتقها تحمل المسؤولية تجاه المعاناة التي يعاني منها العاملين في الجامعة من عدم وجود عدالة اجتماعية تساويهم بالعاملين في الجامعات الفلسطينية الآخرى.
لا نستطيع أن نقاتل العدو الصهويني ونحن متفرقون ويطعن بعضنا في بعض قال تعالى: " إِنَّ اللَّه يُحِبّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيله صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَان مَرْصُوص". وقال تعالى يوصينا بالعلم في أول أية نزلت في القرآن هي قوله تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"، وكرم سبحانه وتعالى العلماء فقال: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ".
ولقد خيب ظننا البيان الصحفي الذي صدر عن وزارة التعليم العالي يطعن في أمانة أساتذة الجامعات ونياتهم، فأعضاء النقابة هم موظفون محترمون في جامعة الأقصى حصلوا على تزكية من الجمعية العمومية للعاملين في الجامعة، وقد تعهد أعضاء النقابة بالعمل بنزاهة وشفافية وأن يخلعوا ثوب الحزبية وأن يكون هدفهم واحد هو تحقيق مطالب العاملين، والسعي في تطبيق الكادر الموحد أسوة بالعاملين في الجامعات الفلسطينية، والترقيات العلمية والدرجات المستحقة منذ أكثر من عامين.
إني اعتب على وزارة التعليم العالي على صياغة هذا البيان الذي يحمل التهديد والوعيد واتخاذ القرارات الصارمة ضد العاملين في الجامعة، لا أعرف لماذا لم يحمل في طياته القرارات التي تنصف العاملين في الجامعة بطريقة لائقة دون قذف الآخرين في نوياهم ولا يعرف النيات إلا الله قال تعالى : "إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى".
إن التشكيك في نية أساتذة الجامعة مؤشر خطير في حقهم وهذا مرفوض من كل العاملين في جامعة الأقصى، ولماذا التحامل على النقابة التوافقية بهذا الشكل؟ ولماذا تلجأ الوزارة إلى التقليل من شأن العلماء الذين هم من يحمل شعلة العلم، وهم الذين يقع على عاتقهم تعليم الشباب الذي هم من سيحمل راية التحرير، ولا يستطيع اى انسان ان ينكر مدى أهمية العلم في المعركة مع العدو، فإذا كنا نقلل من شأن العلماء ...فمتى ننصفهم بعد الممات ، أم أن نقرر تقديم المساعدة لذويهم بعد وفاتهم، كما حصل للزميل المرحوم عماد النجار رحمه الله.
لقد وعدنا كثيرا من وزارة التعليم بأنها سوف تعمل على إنصاف العاملين في جامعة الأقصى بتطبيق الكادر الموحد، وهذا الوعد كان في مناسبات عديدة وعلى لسان معالي وزير التعليم العالي، وبدلا من تطبيق الوعد كتب الوعيد والتهديد، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ".
يا وزراة التعليم نحن بحاجة ماسة إلى عدالة اجتماعية تطبق على الجميع دون تميز في الحقوق والمعاملة بين أستاذ وأستاذ من تطبيق الكادر الموحد والترقيات والدرجات والفئات والسلف، بل نطالب بضرورة قيام الوزارة بالإعاز إلى إدارة الجامعة بعمل صندوق لإقراض العاملين في الجامعة أسوة بالجامعات الفلسطينية الأخرى لكي يستطيع العاملين تحسين من ظروفهم المعيشية التي تنعكس بالإيجاب على مسيرة التعليم.
إن مطالب العاملون في الجامعة مشروعة وعادلة ومن حقهم الإضراب للتعبير عن رأيهم، وهو إضراب سلمي , هدفه اعادة الحقوق لأصحابها، ولا أحد يسعى لعمل فوضى أو لتخريب لأننا من نعلم الناس القيم السليمة والمواريث الثقافية والدينية.
وفى هذا الاطار فان الفصائل والهيئات الحقوقية والقانونية مدعوة أن تعلن تضامنها مع العاملين فى جامعة الاقصى وعلى الحكومة الفلسطينية ان تعمل بجد من اجل إنصافهم والوقوف بجانبهم في تطبيق الكادر الموحد وإنجاز ترقياتهم ودرجاتهم التي يستحقونها.
بقلم: د. زهير عابد
أستاذ جامعي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت