مؤتمر ملتقى القدس للأعمال العبرة في التنفيذ

بقلم: راسم عبيدات


اجمع كل المتحدثين في مؤتمر ملتقى القدس للأعمال الذي عقد في مدينة القدس في 13 و 14/12 في قاعات قصر الحمراء وفندق ال"سان جورج لاند مارك" وأشرفت عليه شركة القدس القابضة،على أن هناك فرص وممكنات عالية للاستثمار في القدس،وقد عرضت مشاريع وفرص استثمارية بحوالي نصف مليار دولار،وخصوصاً في قطاعات العقارات والسياحة والتعليم وتكنولوجيا المعلومات،وبكلمات من استمعت إليهم والذين ستكون مصداقيتهم على المحك والمساءلة امام المقدسيين،فإما ان يقول المقدسيين لهم انتم الرجال الأوفياء للقدس،أنتم الذين يعتد ويعتز بكم،وأنتم أهلاً للمسؤولية والموقف والكلمة،تقرنون القول بالفعل،او سيقولون لهم أنت فقط تجار شعارات وأصحاب مصالح ومنافع خاصة ليس لكم علاقة بالقدس،سمعنا الكثير من قبلكم من أصحاب الشعارات الطنانة والخطب الإنشائية ومحبي الظهور أمام الكاميرات وعلى الفضائيات ..الخ،وبكلمات رئيس مجلس إدارة القدس القابضة السيد مازن سنقرط"نحن مؤمنون بالفرص الوفيرة في القدس وما زلنا نعمل على تعزيز أركانها الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات فيها حيث أننا حققنا إنجازات ستحفز المستثمرين من الخارج للاستثمار في القدس من خلال مشاريع تضم القطاعات العقارية والتأمين وتكنولوجيا المعلومات والسياحة والتعليم الخاص" أما السيد علي شقيرات مدير عام شركة إخوان علي شقيرات،فهو في معرض إجابته على السؤال المطروح عليه عن العوائق للاستثمار في المدينة،فقد نفى ان يكون هناك عوائق للأستثمار؟؟،بل أن إقامة المشاريع في القدس رغم كل العوائق،هي ذات مردود استثماري جيد بالمعنى التجاري،بعيداً عن البعد الوطني والسياسي والديني في هذا الجانب،وبعيداً عن إستدرار العواطف والمشاعر.

ونحن لا نختلف في التشخيص حول أن القدس بحاجة الى 40000 وحدة سكانية او 10000 غرفة فندقية او 120 مدرسة،او ان هناك 3000 دونم منظمة في القدس ويمكن اقامة ألاف الوحدات السكنية عليها،أو 18000 دونم زادت وتغيرت وارتفعت نسبة البناء فيها،وبالتالي يمكن الاستفادة منها في إقامة ألاف الوحدات السكنية أيضاً،وإذا كان الجميع لديه اجماع على ان فرص الاستثمار في مدينة القدس عالية والربح المتحقق منها جيداً،فلماذا لم نشهد مبادرة جدية سواء من قبل القطاع الخاص أو السلطة او العرب والمسلمين قطاع خاص وحكومات في هذا الجانب؟


وأصدقكم القول بأنني تفاجأت من قول السيد علي شقيرات مدير عام شركة إخوان علي شقيرات وهو يقول بأنه لا توجد عوائق أمام الاستثمار في القدس،وانا ربما أتفهم دوافع ومبررات السيد شقيرات،فهو ينطلق من منطلقات وطنية بالدرجة الأولى،ولربما قصد بعفويته وصدق انتماءه وإخلاصه للبلد،وهو الذي أقام العديد من المشاريع الإسكانية الناجحة فيها،وتحمل الكثير من الضغوطات والمضايقات من قبل الاحتلال من أجل ردعه وثنيه عن الاستثمار في القدس،ولكنه عمل بانتمائه وقناعاته قبل النظر للربح،وأثبت بالملموس أنه رغم كل المعيقات والمضايقات التي يتعرض لها المقدسيين أفراد وشركات،إذا ما توفرت الإرادة والتصميم والانتماء ،فبالإمكان تجاوز ذلك،واعتقد جازماً بان ذلك هو مربط الفرس،رأس المال جبان وهو يهرب باتجاه الربح السريع والمضمون،ومدينة كالقدس الاحتلال يستهدفها ويضع الكثير من العراقيل أمام سكانها لمنعهم من إقامة الأبنية فردية وجماعية او المشاريع الاستثمارية الأخرى فنادق ومطاعم ومدارس وغيرها،فهناك إستراتيجية رسمها الاحتلال،تقوم على العبث في الديمغرافيا المقدسية أكبر عدد من اليهود وأقل عدد من السكان العرب فيها،هذه استراتيجية ثابتة في الفكر الصهيوني،وهو يقدم كل التسهيلات الممكنة للإسرائيليين من أجل الاستيطان في المدينة المقدسة،على مستوى الدولة او على مستوى رجال الأعمال والقطاع الخاص،ولكن ما هي استراتيجيتنا للمواجهة في هذا الجانب؟،اعتقد أنها لا تأتي من خلال القول بأننا نستثمر في الروابي او غيرها،أو أن هناك مشاريع وفرص استثمارية بقيمة نصف مليار دولار؟؟،بل ما نريده ترجمة عملية على الأرض تخلق وتعيد الثقة للمواطن المقدسي الفاقد الثقة بالسلطة وبالقطاع الخاص والرأسمال العربي والاسلامي،وهو يشعر بأن قضيته فقط تستغل من أجل الشعارات والمزايدة وجلب التمويل للمنفعة والفائدة الشخصية،والذي لا ينعكس على حياة المواطنين،فكلفة الصمود والثمن المدفوع في مدينة القدس أعلى منها في أي مدينة فلسطينية أخرى،وهنا المحك،وهي بحاجة الى نفس تضحوي اولاً قبل كل شيء،وقناعة بشراء الزمن في القدس على رأي الراحل فيصل الحسيني...، وهنا نقطة في غاية الأهمية يجب التركيز عليها،ألا وهي سياسات الإقراض والاستثمار في المدينة،فالاحتلال يفرض قيود مشددة وتعجيزية على البناء في القدس،ومنح التراخيص مقنن إلى أقصى حد،والحاصلين على الرخص الكثيرين تنتهي صلاحيات ومدة رخصهم دون التمكن من البناء،لارتفاع كلفة التراخيص والتي تصل إلى (40 ) ألف دولار للشقة الواحدة إذا لم يكن أكثر،سكان القدس حسب التقارير الإحصائية الإسرائيلية أكثر من 70 % منهم تحت خط الفقر،ولذلك القطاع الخاص والسلطة والمؤسسات المصرفية الفلسطينية والعربية والإسلامية ومجلس الإسكان الفلسطيني،عليها هنا أن تتعاون جميعاً من أجل إيجاد حلول حقيقية لأزمة المواطنين المقدسيين في هذا الجانب،من خلال تسهيل عمليات الإقراض والتمويل والسداد طويل الأجل وبفوائد معقولة،وهنا على مجلس الإسكان أن يعيد النظر في سياسة الإقراض،لكي يتمكن أصحاب الدخل المحدود حقيقة من الحصول على قروض تمكنهم من البناء والسكن،وبما يشمل دفع ثمن الرخص لهم كجزء من القرض الذي يجب أن يتضاعف،وحينها نكون قادرين على إقامة الأربعين ألف شقة في القدس،أو المدارس والمؤسسات الفندقية،المشاريع الاستثمارية الأخرى.


وثمة ملاحظة أخرى يجب أن تكون حاضرة في الذهن،بأن القدس مدينة محتلة وفق القانون الدولي،وبالتالي الرباعية الدولية أو الإتحاد الأوروبي عليهما الإقرار بذلك وليس التساوق مع الشروط الإسرائيلية،فمن حق الفلسطينيين إقامة أنشطتهم واجتماعاتهم ومؤتمراتهم في القدس بحضور ممثلي منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وبنشيدهم الوطني وعلمهم،وتنازل السلطة او المنظمة عن هذا الحق،هو تسليم بالشروط الإسرائيلية.

من يحقق للمقدسيين أحلامهم ومن يقف على همومهم الاقتصادية والاجتماعية،ويتعاون معهم في حل مشاكلهم والثبات والصمود على أرضهم،أنا واثق بأن المقدسيين سيجلونه ويقدرونه.
وفي الختام أرى من الضروري أن تتكاتف وتتوحد كل الفعاليات الاقتصادية المقدسية مستثمرين ورجال أعمال وشركات في سبيل الهدف والمصلحة العامة،في سبيل الحفاظ على هوية وعروبة المدينة،وبعيداً عن شخصنة الأمور أو مصلحة ذاتية لهذا الطرف او ذالك ذاك ،وعلى قاعدة الشراكة في القرار والعمل.



القدس- فلسطين


جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت